تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : انقلاب في المجتمع السعودي


الآتي الأخير
22-07-08, 06:16 AM
الحقيقة التي لا جدال فيها هي أن المجتمع السعودي قد تغير فعلاً في قِيمِهِ وطبائعه وأخلاقه عمّا كان عليه قبل عشر سنوات وذلك بفضل الانفجار الإعلامي الكبير الذي خلخل منظومة القيم القديمة وأحل مكانها قيماً جديدة تتلاءم مع الواقع الجديد. ودلائل هذا التغير كثيرة لعل من أهمها وأوضحها حالة القبول والتفهم التي بات أفراد المجتمع يقابلون بها كل طارئ جديد وكل رأي مختلف حيث لم نعد نرى حملات الرفض العارمة التي كانت توجّه في العقدين السابقين لأي مثقف أو فنان يشذ عن السياق العام للمجتمع، وهذه فائدة عاجلة نجنيها من انتشار القنوات الفضائية ومن تزايد عدد مستخدمي شبكة الإنترنت.
لكن كيف ساهمت هذه الوسائل في تحقيق هذا التغير؟ يقول ول ديورانت في كتابه "قصة الفلسفة" أن الإنسان يبدأ بمساءلة نفسه عند رؤيته لنماذج مختلفة من البشر يؤمنون بقناعات تتصادم مع قناعاته، وعند مجيء "التساؤل" تأتي الفلسفة ومعها تأتي الحكمة، ولذلك كان التاجر اليوناني القديم صاحب الفضل الأول في إشعال شرارة الفلسفة لأنه احتك وتعامل مع أناسٍ يأتونه من كل فج عميق برؤى وتصورات غريبة، وعليه يصبح الحكيم في نظر "ديورانت" هو ذلك الذي رأى الكثير وشاهد الحياة بكل ما تحتويه من تنوع واختلاف. ويمكن إسقاط هذا التفسير على المجتمع السعودي الذي رأى الكثير الكثير خلال العشر سنوات الماضية وتعامل مع أنماط مختلفة من الأفكار والتصورات كما اطلع على ثقافات أجنبية وتشرب نماذج مختلفة للحياة ولم يعد -بالتالي- يستغرب أي تصرف وأي رأي حتى لو كان في غاية الشذوذ، فبفضل هذا الاطلاع المكثف وهذا الاتساع في مجال الرؤية أصبح الفرد السعودي أقرب إلى الحكمة؛ مستوعباً لكل الآراء ومتقبلاً الاختلاف كحقيقة إنسانية ثابتة.

ولسنا في حاجة لاستعراض الأمثلة لأن إطلالة سريعة على ما ينشر اليوم في الصحف وما يبث في الفضائيات كافية لإثبات حالة التغير، فما ينشر حالياً أجرأ وأقسى مما كان ينشر قبل عشر سنوات ومع ذلك جاءت ردة فعل المجتمع تجاه هذه الآراء الجديدة أهدأ بكثير عما كانت عليه في السابق. ولعل المثل الشعبي "كثر الدق يفك اللحام" أو المثل الآخر "كثر المساس يقتل الإحساس" يفسران هذا الهدوء.. فقبل سنوات كانت منافذ الرأي الحر قليلة ولا تتجاوز أوراق صحفٍ معدودة ما يجعل من أمر ملاحظتها ومحاصرتها سهلاً بالنسبة لحماة قيم المجتمع القديمة، وهذا ما يفسر الحملات الشعواء التي كانت تشن ضد مفكر بعينه حتى يتراجع عن آرائه، لكن مع الانفجار الفضائي زادت منابر الرأي المختلف وتضخم عددها إلى أن استحال مراقبتها فتغلبت -من ثم- على منابر الرأي التقليدي، وظلت القنوات تضرب على هذا الوتر إلى أن تحولت الآراء المختلفة إلى خانة الطبيعي والمألوف القابلِ للنقاش. وأضافت إلى هذا التكريس عرضها لمنتجات الثقافة الأجنبية من أفلام ومسلسلات وبرامج بشكل مكثف ساهم في إذابة القيود التي كانت تحيط بقناعاتنا القديمة وجعلتنا نفكر في موقعنا المحدود في هذا الكون الواسع الذي يموج بالاختلاف والتنوع، فأرغمتنا على القبول بكل ما هو مختلف؛ ربما ليس عن قناعة منا بل لأننا ببساطة.. تعبنا من الاحتجاج والصراخ!.
بقلم رجا ساير المطيري

عبدالله الموسي
22-07-08, 02:03 PM
محتوى واقعي لزمن نعيشه،

مشكور لنقل هذا المقال


تحيتي

الآتي الأخير
23-07-08, 09:44 AM
شكرا لمرورك الكريم اخي عبد الله