جارة الوادي
12-08-08, 04:06 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
إليكم هذي القصة المعبرة والحزينة بعد سقوط الأندلس وبداية مآسي المسلمين فيها،
وهي من القصص المشهورة في الأندلس، ومن أهم المرافعات التي حدثت مع الحق في وجه الظلم والظالمين، بين صاحب الحق والأرض المسلوبة وبين الطاغي المستبد إبان محاكم التفتيش.
وبطل القصة هو (سعيد) بن يوسف بن أبي عبد الله آخر فتى من سلالة بني الأحمر ، عاش في أفريقيا وكان يتوق أن يرى ُملك الأجداد ، وبالفعل هاهو قد رحل ليستكشف ملك أجداده في الأندلس ، بعد 24 سنة من رحيل جده أبو عبد الله الصغير عائدا مغلوبا إلى أفريقيا ..،،
التقت فلورندا سعيد بالصدفة . وهي مارة إلى الكنيسة ، لتراه مكباً على احد القبور.. كأنما يقبل صفائحه ويبل تربته بدموعه ، فرثت لحاله ومشت نحوه حتى دنت منه فرفع رأسه ،
فقالت له: انك تبكي ملوكك بالأمس أيها الفتى فابكهم كثيرا فقد جف تراب قبورهم لقلة من يبكي عليهم ..
قال: أترثين لحالهم يا سيدتي ؟
قالت: نعم ،لأنهم كانوا عظماء فنكبهم الدهر ، وليس أحق بدموع الباكين من العظماء الساقطين .
. عطفت فلورندا على ذلك الغريب العائد ليبكي على ملك غاب ،ومآذن خنق منها صوت الأذان ،وقصور الحمراء ، التي تطاول السماء..
استحال هذا العطف مع الأيام إلى حب شديد ربط قلبيّ الشاب العربي والفتاة الاسبانية
وكان الدون رودريكو يحب فلورندا وقد حاول التقرب منها فأبت أن تصغي إليه وقالت له : إنني لا أتزوج ابن قاتل أبي. فترك ذلك لوعة كامنة في نفسه ، فلما رآها يوما تسير مع الشاب العربي ،
دبر مؤامرة للشاب.. ليساق ذليلاً مهاناُ متهما إياه بمحاولة إغراء فتاة مسيحية بترك دينها ،
وهي عندهم أفظع الجرائم وأهولها .
وكانت مرافعة سعيد سليل بني الأحمر وهم ملوك البلاد بالأمس ،ومؤسسي مجدها وعظمتها وحصونها أمام قضاة محكمة التفتيش ..
سأله رئيس المحكمة عن التهمة فأنكرها .
فلم يحفل بإنكاره ،وقال له انه لا يدل على براءتك إلا أمر واحد ، وهو أن تترك دينك وتأخذ بدين المسيح .
فطار الغضب في دماغه وصرخ صرخة دوت بها أرجاء القاعة
وقال: في أي كتاب من كتبكم وفي أي عهد من عهود أنبياءكم ورسلكم أن سفك الدم عقاب الذين لا يؤمنون بإيمانكم ولا يدينون بدينكم ؟
من أي عالم من عوالم الأرض أو السماء أتيتم بهذه العقول بأن الشعوب تساق إلى الإيمان سوقا وان العقائد تسقى كما يسقى الماء والخمر؟
أين العهد الذي قطعتموه على أنفسكم يوم وطئت أقدامكم هذه البلاد إن تتركونا أحرارا في عقائدنا ومذاهبنا وأن لا تؤذونا في عاطفة من عواطف قلوبنا ، ولا في شعيرة من شعائر ديننا ؟
نعم إن العهود التي تكون بين الأقوياء والضعفاء إنما هي سيف قاطع في يد الأولين وغل ملتف على أعناق الآخرين ، فلا أقال الله عثرة البلهاء ولا أقر عيون الأغبياء .
اسفكوا من دماءنا ما شئتم واسلبوا من حقوقنا ما أردتم واملكوا علينا مشاعرنا وعقولنا حتى لا ندين إلا بما تدينون ولا نذهب إلا حيث تذهبون فقد عجزنا عن أن نكون أقوياء فلابد آن ينالنا ما ينال الضعفاء .
ثم حاول الاستمرار في حديثه فقاطعه الرئيس و أمر أن يساق إلى ساحة الموت التي هلك فيها من قبله عشرات الآلاف من المسلمين قتلا وحرقا. فسيق إليها واجتمع الناس حول مصرعه رجالا ونساء وما جرد الجلاد سيفه فوق رأسه حتى سمع صرخة امرأة بين الصفوف فالتفتوا فلم يعرفوا مصدرها ، وما هي إلا غمضة وانتباهه أن سقط الرأس الذي ليس له مثيل .
يرى المار اليوم بجانب مقبرة بني الأحمر في ظاهر غرناطة قبرا جميلا مزخرفا هو قطعة واحدة من الرخام الأزرق الصافي قد نحنت في سطحها خفرة جوفاء تمتلئ بماء المطر فيهوي إليها الطير في أيام الصيف الحار فيشرب منها ، ونقشت على ضلع من أضلاعها هذه السطور :
((هذا قبر آخر بني الأحمر))
(( من صديقته الوفية بعهده حتى الموت فلورندا فيليب))
إليكم هذي القصة المعبرة والحزينة بعد سقوط الأندلس وبداية مآسي المسلمين فيها،
وهي من القصص المشهورة في الأندلس، ومن أهم المرافعات التي حدثت مع الحق في وجه الظلم والظالمين، بين صاحب الحق والأرض المسلوبة وبين الطاغي المستبد إبان محاكم التفتيش.
وبطل القصة هو (سعيد) بن يوسف بن أبي عبد الله آخر فتى من سلالة بني الأحمر ، عاش في أفريقيا وكان يتوق أن يرى ُملك الأجداد ، وبالفعل هاهو قد رحل ليستكشف ملك أجداده في الأندلس ، بعد 24 سنة من رحيل جده أبو عبد الله الصغير عائدا مغلوبا إلى أفريقيا ..،،
التقت فلورندا سعيد بالصدفة . وهي مارة إلى الكنيسة ، لتراه مكباً على احد القبور.. كأنما يقبل صفائحه ويبل تربته بدموعه ، فرثت لحاله ومشت نحوه حتى دنت منه فرفع رأسه ،
فقالت له: انك تبكي ملوكك بالأمس أيها الفتى فابكهم كثيرا فقد جف تراب قبورهم لقلة من يبكي عليهم ..
قال: أترثين لحالهم يا سيدتي ؟
قالت: نعم ،لأنهم كانوا عظماء فنكبهم الدهر ، وليس أحق بدموع الباكين من العظماء الساقطين .
. عطفت فلورندا على ذلك الغريب العائد ليبكي على ملك غاب ،ومآذن خنق منها صوت الأذان ،وقصور الحمراء ، التي تطاول السماء..
استحال هذا العطف مع الأيام إلى حب شديد ربط قلبيّ الشاب العربي والفتاة الاسبانية
وكان الدون رودريكو يحب فلورندا وقد حاول التقرب منها فأبت أن تصغي إليه وقالت له : إنني لا أتزوج ابن قاتل أبي. فترك ذلك لوعة كامنة في نفسه ، فلما رآها يوما تسير مع الشاب العربي ،
دبر مؤامرة للشاب.. ليساق ذليلاً مهاناُ متهما إياه بمحاولة إغراء فتاة مسيحية بترك دينها ،
وهي عندهم أفظع الجرائم وأهولها .
وكانت مرافعة سعيد سليل بني الأحمر وهم ملوك البلاد بالأمس ،ومؤسسي مجدها وعظمتها وحصونها أمام قضاة محكمة التفتيش ..
سأله رئيس المحكمة عن التهمة فأنكرها .
فلم يحفل بإنكاره ،وقال له انه لا يدل على براءتك إلا أمر واحد ، وهو أن تترك دينك وتأخذ بدين المسيح .
فطار الغضب في دماغه وصرخ صرخة دوت بها أرجاء القاعة
وقال: في أي كتاب من كتبكم وفي أي عهد من عهود أنبياءكم ورسلكم أن سفك الدم عقاب الذين لا يؤمنون بإيمانكم ولا يدينون بدينكم ؟
من أي عالم من عوالم الأرض أو السماء أتيتم بهذه العقول بأن الشعوب تساق إلى الإيمان سوقا وان العقائد تسقى كما يسقى الماء والخمر؟
أين العهد الذي قطعتموه على أنفسكم يوم وطئت أقدامكم هذه البلاد إن تتركونا أحرارا في عقائدنا ومذاهبنا وأن لا تؤذونا في عاطفة من عواطف قلوبنا ، ولا في شعيرة من شعائر ديننا ؟
نعم إن العهود التي تكون بين الأقوياء والضعفاء إنما هي سيف قاطع في يد الأولين وغل ملتف على أعناق الآخرين ، فلا أقال الله عثرة البلهاء ولا أقر عيون الأغبياء .
اسفكوا من دماءنا ما شئتم واسلبوا من حقوقنا ما أردتم واملكوا علينا مشاعرنا وعقولنا حتى لا ندين إلا بما تدينون ولا نذهب إلا حيث تذهبون فقد عجزنا عن أن نكون أقوياء فلابد آن ينالنا ما ينال الضعفاء .
ثم حاول الاستمرار في حديثه فقاطعه الرئيس و أمر أن يساق إلى ساحة الموت التي هلك فيها من قبله عشرات الآلاف من المسلمين قتلا وحرقا. فسيق إليها واجتمع الناس حول مصرعه رجالا ونساء وما جرد الجلاد سيفه فوق رأسه حتى سمع صرخة امرأة بين الصفوف فالتفتوا فلم يعرفوا مصدرها ، وما هي إلا غمضة وانتباهه أن سقط الرأس الذي ليس له مثيل .
يرى المار اليوم بجانب مقبرة بني الأحمر في ظاهر غرناطة قبرا جميلا مزخرفا هو قطعة واحدة من الرخام الأزرق الصافي قد نحنت في سطحها خفرة جوفاء تمتلئ بماء المطر فيهوي إليها الطير في أيام الصيف الحار فيشرب منها ، ونقشت على ضلع من أضلاعها هذه السطور :
((هذا قبر آخر بني الأحمر))
(( من صديقته الوفية بعهده حتى الموت فلورندا فيليب))