تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الباذنجانة والمرأة


شوق الصحاري
08-09-09, 02:47 AM
*الباذنجانة والمرأة*





يقول الشيخ علي الطنطاوي يرحمه الله تعالى في مذكراته: هذه القصة واقعة أعرف أشخاصها وأعرف تفاصيلها وأروي مافعل الرجل ، ولا أحكم بفعله أنه خير أو شر أو أنه جائز أو ممنوع.

كان في دمشق مسجد كبير اسمه جامع التوبة ، وهو جامع مبارك فيه أنس وجمال ،سمي بجامع التوبة لأنه كان خاناً تركب فيه أنواع المعاصي ، فاشتراه أحد الملوك في القرن السابع الهجري ، وهدمه وبناه مسجداً .


وكان فيه قبل حوالي سبعين سنة شيخ مربي عالم عامل اسمه الشيخ سليم السيوطي ، وكان أهل الحي يثقون به ويرجعون إليه في أمور دينهم وأمور دنياهم، وكان مضرب المثل في فقره وفي إبائه وعزة نفسه ، وقد كان يسكن في غرفة المسجد – عندما كان طالبا يدرس على الشيخ - وقد مرّ عليه يومان لم يأكل شيئاً ، وليس عنده ما يطعمه ولا مايشتري به طعاماً ، فلما جاء اليوم الثالث أحس كأنه مشرف على الموت وفكر ماذا يصنع ، فرأى أنه بلغ حدّ الاضطرار الذي يجوز له أكل الميتة أو السرقة بمقدار الحاجة ، وآثر أن يسرق ما يقيم صلبه .


وكان المسجد في حيّ من الأحياء القديمة ، والبيوت فيها متلاصقة والسطوح متصلة، يستطيع المرء أن ينتقل من أول الحي إلى آخره مشياً على السطوح ، فصعد إلى سطح المسجد وانتقل منه إلى الدار التي تليه فلمح بها نساء فغض من بصره وابتعد ، ونظر فرأى إلى جانبها داراً خالية وشمّ رائحة الطبخ تصدر منها ، فأحس من جوعه لما شمها كأنها مغناطيس تجذبه إليها ، وكانت الدور من طبقة واحدة ، فقفز قفزتين من السطح إلى الشرفة، فصار في الدار ، وأسرع إلى المطبخ ، فكشف غطاء القدر ، فرأى بها باذنجاناً محشواً ، فأخذ واحدة ، ولم يبال من شدة الجوع بسخونتها ، عض منها عضة ، فما كاد يبتلعها حتى ارتد إليه عقله ودينه، وقال لنفسه أعوذ بالله ، أنا طالب علم مقيم في المسجد ، ثم أقتحم المنازل وأسرق ما فيها ؟؟

... وكبر عليه ما فعل ، وندم واستغفر ورد الباذنجانة ، وعاد من حيث جاء ، فنزل إلى المسجد ، وقعد في حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع يفهم ما يسمع ، فلما انقضى الدرس وانصرف الناس،

جاءت امرأة مستترة، ولم يكن في تلك الأيام امرأة غير مستترة، فكلمت الشيخ بكلام لم يسمعه، فتلفت الشيخ حوله فلم ير غيره، فدعاه وقال له:هل أنت متزوج؟ قال: لا، قال: هل تريد الزواج؟ فسكت ، فقال له الشيخ : قل هل تريد الزواج ؟

قال : يا سيدي ما عندي ثمن رغيف والله فلماذا أتزوج ؟

قال الشيخ : إن هذه المرأة أخبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة عن هذا البلد ، ليس لها فيه ولا في الدنيا إلا عم عجوز فقير، وقد جاءت به معها - وأشار إليه قاعداً في ركن الحلقة- وقد ورثت دار زوجها ومعاشه ، وهي تحب أن تجد رجلاً يتزوجها على سنة الله ورسوله ، لئلا تبقى منفردة ، فيطمع فيها الأشرار وأولاد الحرام ، فهل تريد أن تتزوج بها ؟



قال : نعم وسألها الشيخ : هل تقبلين به زوجاً ؟ قالت : نعم


فدعا بعمها ودعا بشاهدين ، وعقد العقد ، ودفع المهر عن التلميذ ، وقال له : خذ بيدها ، أو أخذت بيده ، فقادته إلى بيته ، فلما دخلته كشفت عن وجهها ، فرأى شباباً وجمالاً ، ورأى البيت هو البيت الذي نزله ، وسألته : هل تريد ان تأكل؟



قال : نعم ، فكشفت غطاء القدر، فرأت الباذنجانة ، فقالت : عجباً من دخل الدار فعضها ؟؟


فبكى الرجل وقص عليها الخبر، فقالت له:هذه ثمرة الأمانة ، عففت عن الباذنجانة الحرام ، فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال

حصان البرق
08-09-09, 05:13 PM
قص رهيبة والله جميلة جداااااااااااااااااااااااااااا

نديم الشمال
08-09-09, 07:36 PM
من أجمــــــــــــل القصص التي قرأتها

اللهم أنا نسألك العفاف ونعوذ بك من الزنا والربا والوبا

وفتنة المحيا والممات-

جزيل الشكر لك لهذا النقل الرائع والمفيد

دمت بخير

شوق الصحاري
09-09-09, 04:11 AM
حصان البرق

نديم الشمال



أسعدني تواجدكم في موضوعي