الدحمي
25-11-09, 03:44 PM
(1)
الكلمه . . لها طعم
مر أحياناً
حلو أحياناً
مالح أحياناً http://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
وربما تكون الكلمه بلا طعم !
المهم أن نختارها بدقّه . . لتعبّر عما تريد تماماً
وإختيار الكلمه ( فن ) . . كما أن تركيب الكلمات في جمله ( فن ) هو الآخر
المُخاطب والوقت والمكان والمناسبه . . أشياء تتحكّم في ( طعم ) الكلمه ومدلولها ومعناها
وقد يكون ( للشتيمه ) أكثر من معنى . . غير الهجاء أو السب أو التقليل من الشأن . .
فربما يراد بها ( المدح ) http://vb.eqla3.com/images/smilies/Looking_anim.gif
كاتب إسمه (( كانت )) يعرّف الجمال الطبيعي بأنه ( الشيء الذي تتوافر له صفة الجمال )
أما الجمال الفني فهو ( التقديم الجميل للشيء ) سواء كان هذا الشيء نفسه جميلاً أم لا
فقد يكون التقديم جميلاً لشيء قبيح في طبيعته . . فيعدّ جمالاً فنياً لجمال الصوره الشعريه أو لجمال المشاعر التي ضيفها الشاعر على الشيء القبيح !!
فوصف (( بودلير )) للجيفه في ديوانه ( زهور الشر ) يعدّ من عيون الأدب الفرنسي http://vb.eqla3.com/images/smilies/icon120.gif
ويلتحق بذلك وصف (( ابن الرومي )) لمغنيّه قبيحة الصوت خخخخ
ولأن ( الشتيمه ) جزء من اللغه . . فلابد أن توجد في الشعر
تأتي بها الضروره الفنيه أحياناً . . وأحياناً يفرضها الإحساس الداخلي للشاعر بما يناسب الموقف
وهناك من يلجأ إليها كي يفعل مثلما فعل غيره . . أو ليستقيم معه الوزن !
وكثيراً ما قرأنا في الشعر العربي القديم كلمة ( لا أبالك ) وهي دعاء على الآخر بفقدان الأب http://vb.eqla3.com/images/smilies/frown.gif
ومن أشهر الأبيات التي حملتها . . بيت (( زهير بن أبي سلمى )) :
سئمت تكاليف الحياه ومن يعيش . . . . . ثمانين حولاً ( لا أبالك ) يسأمُ
ولكثر ما أستخدمت هذه الكلمه فقدت معناها . . ثم إندثرت
وقد قام الشاعر الشعبي بإستبدالها بكلمات أخرى مثل ( لعنبوك ) أو ( أبك ) التي أشبعت إستخداماً هي الأخرى . . حتى لجأ ( الشعبيّون ) إلى تجاوزها لما هو أكثر قسوه وعمقاً
وقد يكون (( سعود السبيعي )) أشهر من قال شعراً شتائمياً . . سعى الكثيرون لتقليده لما لقي من الشهره
حتى قال (( سعود )) يوماً وكأنه يريد حفظ حقّه بالأسبقيّه ( أنا شاعر شتائم ) :
لابوك لابو من ترجّى حنانك . . . . . لابو قلوبٍ بالهوى تشكي الضيم
واطي وأنا بالحب علّيت شانك . . . . . ومثلك فلا يحتاج في الحب تعظيم
هذان البيتان يرسمان مشهداً لعاشق أحرقه الحب . . أو الخيانه
ليأتي الإنفجار والغضب معبّران عن حالة الضيم التي عاشها المحب . . من حبيب ( واطي ) http://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
فمرارة الخيانه وإكتشاف الغفله تستحق قسوه متطرّفه لاتلعن الحبيب فحسب
بل تصب لعنتها على النفس . . وعلى كل القلوب التي إشتكت ضيم الهوى
(( ناصر السبيعي )) شارك (( سعود )) في حالته هذه
ولكنه يشتم بطريقه مهذّبه نوعاً ما . . وبحرقه أقل:
ما أنت بكفو حتى يطولك عتابي . . . . . عدّا خطاك معاتب الناس للناس
الشاع هنا يحاول أن يكسر ذلك القلب الذي كسره . . بقوله أنت لا تستحق حتى العتاب لأن الخطأ الذي إرتكبته أكبر من العتب نفسه
والمء الذي يرتكب مثل هذا الخطأ . . هو بالضروره أقل من العتاب
الكلمه ذاتها يلجأ إليها (( خلف الأسلمي )) . . ولكنه يصر على تكرارها إمعاناً في الإهانه :
ما أنت بكفو كلمة عتابٍ من الروح . . . . . وما إنت بكفو كلمة حبيبي وروحي
و (( خلف )) في بيته هذا يمزج بطريقه غريبه بين الشتيمه القاسيه وبين الرّقه اللامتناهيه . . فقط ليشعر الطرف الآخر بالخساره الفادحه . . فهناك ( ما أنت بكفو ) مثلما هناك ( حبيبي وروحي ) http://vb.eqla3.com/images/smilies/004.gifhttp://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
ونجد الشتيمه هنا تؤدي غرضها الشعري وتحمل ضروراتها الفنيه رغم الفكره المكرره
ومثلما تذوّق الشعراء حلاوة الحب . . إرتشفوا مرارته قطره قطره . . ومرارة الحب تعادل حلاوته . . لأن هذا الخفقان ي القلب متطرّف في ميوله دائماً . . فإما الرحيق العذب . . أو الموت المحتوم
والأقسى أن لا يتّضح الأمر ولا يتبيّن المرء ألوانه . . كما يعلن (( سليمان المانع )) :
بلشت بالحال لا يزعل ولا يرضى . . . . . ملعون أبو الحب يا صعبه ويا هونه !
هذا الحب بكل جبروته ومَنَعَته وطغيانه . . سهل كما الماء الرقراق أو صعب كالحديد . .
أفلا يستحق اللعن ؟ http://vb.eqla3.com/images/smilies/Looking_anim.gif
مثل ذلك كان يعبّر (( دريد لحّام )) وهو يتحرّق بحب (( فطّوم )): يضرب الحب شو بيذل !!
وحاله مثل هذه تستوجب على الشاعر أن يلعنها ويلعن مسببها . . ولكن الحب أحياناً يستدعي من العاشق الإرتضاء بالذلّه والمهانه والعذاب . . ما دام ذلك يسعد الطرف الآخر ويجعل النشوه تسري في دمائه
وهو المعنى الذي يرمي إليه (( متعب التركي )) في هذا البيت:
ما دمت راضي عن عذابي ومسرور . . . . . ملعون أبو قلبٍ عليك يحداني http://vb.eqla3.com/images/smilies/grins.gif
(( متعب )) لا يلعن القلب ذاته . . وإنما يلعن أباه إعلاناً للطاعه والرضا بالمقسوم http://vb.eqla3.com/images/smilies/icon120.gif
إلا أن الشاعر في هذه الحاله لا يصل إلى أقصى ما تهدف إليه الشتيمه في الشعر . . فغايتها الأساسيه هي إِحداث شيء أشبه بالصدمه الكهربائيه في ذهن القاريء أو المستمع . . أو شيء يشبه الحاجز الفجائي أمام راكض متحمس !
****
الغياب يورث الحسره . . والحسره تزرع النقمه
والنقمه في الشعر لابد أن تخرج بالكلمات إلى خارج المألوف
وهكذا تعتب (( ريميّه )) . . والعتاب مشفوع بالكلمه القاسيه . . شقيقة ( لا أبالك ) http://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
إنشد عني لعنبوك
ليّه فيك أكثر من أهلك . . لعنبوك
لعنبوك أنا تركت كل العرب
ثم تبعتك في ضحى . . ماله ضحى . . لعنبوك !!
هذه الشاعره تصر على كلمة ( لعنبوك ) وكأنها تقبض على رقبة المقصود وتهزّه بعنف http://vb.eqla3.com/images/smilies/grins.gif
تريد الإنتقام لعطائها اللامحدود . . أو كأنها تتسائل: ماذا بعد كل هذه التضحيه ؟!
أيضاً (( ريميه )) . . لا تتمكن من إحداث تلك الصدمه الكهربائيه في تيّار المشاعر !
في ذات المعنى ينشد (( عوّاد الطواله )) ولكنه يمعن في ( السب ) علّه يحدث جرحاً عميقاً في المعشوق:
قلت أبشربك يا كفوف سلسبيل . . . . . إسقني لعنبو جدك ذبحني ظماك
وكلمة ( ذبحني ) في البيت تستوجب كلمه حارّه وحاده مثل ( لعنبو جدك )
فهي شهقة النزع الأخير . . وإستغاثة المشرف على الموت عندما يتوانى من بيده العلاج عن إنقاذه
رغم ذلك فإن ( لعنبو جدك ) هنا تأتي شاذّه إلى حد كبير وغير مناسبه للموقف الشعري
رغم ملائمتها للموقف الإنساني
وأعزو ذلك لفنيّة المشهد الشعري ومتطلباته التي لا تستدعي مثل هذه (الشتيمه )
وربما تكون لدى (( نايف صقر )) أكثر ملائمه وإنسجاماً مع الموقف في بيته التالي:
لا ما كتبت القصيد لعين جمهوره . . . . . ( أبك ) أنت لا هنت ملهمني وجمهوري
فهو يريد أن يوضح لمحبوبه مكانته الحقيقيه . . ولابد أن يرمي تجاهه كلمه منبهه تجعله يتحفّز لسماع جواب الشرط ( الشرط بمفهوم اللهجه العاميه ) يقول لشاعر ( أبك ) . . ولكنه يجدها جافه تجاه الحبيب . . فيضيف إليها على الفور ( لا هنت ) وكأنه يبرر إستخدامه للنداء
في هذا البيت يود الشاعر أن يقول لمحبوبته . . أنتي ملهمتي في كتابة الشعر وأنتي أيضاً جمهوري
ولكنها جمله متداوله كثيراً مشبعة الإستعمال ولا تقدّم جديداً للحبيب . . ولا جديداً للشعر
لذلك قام (( نايف صقر )) بالتحايل على المعنى وإقتناصه من جهه أخرى جديده مليئه بالجفاف . . ولكن باطنها زاخر بالطراوه واللين http://vb.eqla3.com/images/smilies/icon120.gif
وللغياب مره أخرى ينشد (( خالد المريخي )) . . ولكنه لا يلعن الغائب ذاته . . وإنما يصب لعنته على الأيام:
بس يمكن ثلاث ايام غيبتهن . . . . . لعنبو هالثلاث أيام مطولهن <<< نم يا شيخ خخخخ
الهجر يولّد غصّه كبيره في القلب . . ليس الهجر فحسب وإنما الثقه الزائده أيضاً التي لا يستشعرها الحبيب وهو ما تعبّر عنه (( عابرة سبيل )) في هذا البيت:
( أبك ) أنت من زود الثقه فيك لا هنت . . . . . أكذب عيوني وأصدق كلامك http://vb.eqla3.com/images/smilies/Looking_anim.gif
(( عابره )) في هذا البيت تنتهج ذات الإستدراك لدى (( نايف صقر )) . . فهي تنبّه الحبيب بكلمة ( أبك ) ثم تهدي إليه كلمة ( لا هنت ) . . وهي لا تشتري خاطر الحبيب فقط . . وإنما تراعي ذائقة القاريء كما تراعي فنيّة الشعر ومتطلباته . . فموضوع شاعري من هذا النوع يعد فيه ( السب ) إقحاماً رغم الضروره الفنيه . . وضرورة الإقتراب من الواقع الذي يمكن أن يسجل مثل هذا الحديث بين طرفين متحابين
لوعة الإعجاب أو الحب تصل إلى أقصى درجاتها . . حتى يجد الشاعرأبواب الإطراء مغلقه أمامه . . وأن كل الكلمات الناعمه لا تصوّر ما يعتمل في قلبه . . ولا تقدر على إظهار لهيبه الداخلي كما يجب
(( زيد بن غيّام )) يقع في هذا الإشكال ويخرج منه بهذه الطريقه:
يا لعنبوك من الترف والنعومه . . . . . كن النسا مسترجله من حواليك http://vb.eqla3.com/images/smilies/004.gifhttp://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
(( زيد )) يكتب بيتاً كل كلماته بشعه . . فقط ليسلط الضوء كله على كلمتي ( الترف والنعومه ) . . وهو لا يكتفي بصب لعنته على النساء الأخريات . . وإنما حتى على هذه الفتاه http://vb.eqla3.com/images/smilies/icon120.gif
وهنا يبرز إحساسه بالقهر الذي يسببه هذا الجمال الفاره
(( زيد )) يحاول أيضاً أن يعطي لبيته هذا شيئاً من الأهميه والإختلاف . . من خلال إستخدامه للشتم كوسيلة غزل وإطراء !!
****
لحد يرد :sm166:
الكلمه . . لها طعم
مر أحياناً
حلو أحياناً
مالح أحياناً http://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
وربما تكون الكلمه بلا طعم !
المهم أن نختارها بدقّه . . لتعبّر عما تريد تماماً
وإختيار الكلمه ( فن ) . . كما أن تركيب الكلمات في جمله ( فن ) هو الآخر
المُخاطب والوقت والمكان والمناسبه . . أشياء تتحكّم في ( طعم ) الكلمه ومدلولها ومعناها
وقد يكون ( للشتيمه ) أكثر من معنى . . غير الهجاء أو السب أو التقليل من الشأن . .
فربما يراد بها ( المدح ) http://vb.eqla3.com/images/smilies/Looking_anim.gif
كاتب إسمه (( كانت )) يعرّف الجمال الطبيعي بأنه ( الشيء الذي تتوافر له صفة الجمال )
أما الجمال الفني فهو ( التقديم الجميل للشيء ) سواء كان هذا الشيء نفسه جميلاً أم لا
فقد يكون التقديم جميلاً لشيء قبيح في طبيعته . . فيعدّ جمالاً فنياً لجمال الصوره الشعريه أو لجمال المشاعر التي ضيفها الشاعر على الشيء القبيح !!
فوصف (( بودلير )) للجيفه في ديوانه ( زهور الشر ) يعدّ من عيون الأدب الفرنسي http://vb.eqla3.com/images/smilies/icon120.gif
ويلتحق بذلك وصف (( ابن الرومي )) لمغنيّه قبيحة الصوت خخخخ
ولأن ( الشتيمه ) جزء من اللغه . . فلابد أن توجد في الشعر
تأتي بها الضروره الفنيه أحياناً . . وأحياناً يفرضها الإحساس الداخلي للشاعر بما يناسب الموقف
وهناك من يلجأ إليها كي يفعل مثلما فعل غيره . . أو ليستقيم معه الوزن !
وكثيراً ما قرأنا في الشعر العربي القديم كلمة ( لا أبالك ) وهي دعاء على الآخر بفقدان الأب http://vb.eqla3.com/images/smilies/frown.gif
ومن أشهر الأبيات التي حملتها . . بيت (( زهير بن أبي سلمى )) :
سئمت تكاليف الحياه ومن يعيش . . . . . ثمانين حولاً ( لا أبالك ) يسأمُ
ولكثر ما أستخدمت هذه الكلمه فقدت معناها . . ثم إندثرت
وقد قام الشاعر الشعبي بإستبدالها بكلمات أخرى مثل ( لعنبوك ) أو ( أبك ) التي أشبعت إستخداماً هي الأخرى . . حتى لجأ ( الشعبيّون ) إلى تجاوزها لما هو أكثر قسوه وعمقاً
وقد يكون (( سعود السبيعي )) أشهر من قال شعراً شتائمياً . . سعى الكثيرون لتقليده لما لقي من الشهره
حتى قال (( سعود )) يوماً وكأنه يريد حفظ حقّه بالأسبقيّه ( أنا شاعر شتائم ) :
لابوك لابو من ترجّى حنانك . . . . . لابو قلوبٍ بالهوى تشكي الضيم
واطي وأنا بالحب علّيت شانك . . . . . ومثلك فلا يحتاج في الحب تعظيم
هذان البيتان يرسمان مشهداً لعاشق أحرقه الحب . . أو الخيانه
ليأتي الإنفجار والغضب معبّران عن حالة الضيم التي عاشها المحب . . من حبيب ( واطي ) http://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
فمرارة الخيانه وإكتشاف الغفله تستحق قسوه متطرّفه لاتلعن الحبيب فحسب
بل تصب لعنتها على النفس . . وعلى كل القلوب التي إشتكت ضيم الهوى
(( ناصر السبيعي )) شارك (( سعود )) في حالته هذه
ولكنه يشتم بطريقه مهذّبه نوعاً ما . . وبحرقه أقل:
ما أنت بكفو حتى يطولك عتابي . . . . . عدّا خطاك معاتب الناس للناس
الشاع هنا يحاول أن يكسر ذلك القلب الذي كسره . . بقوله أنت لا تستحق حتى العتاب لأن الخطأ الذي إرتكبته أكبر من العتب نفسه
والمء الذي يرتكب مثل هذا الخطأ . . هو بالضروره أقل من العتاب
الكلمه ذاتها يلجأ إليها (( خلف الأسلمي )) . . ولكنه يصر على تكرارها إمعاناً في الإهانه :
ما أنت بكفو كلمة عتابٍ من الروح . . . . . وما إنت بكفو كلمة حبيبي وروحي
و (( خلف )) في بيته هذا يمزج بطريقه غريبه بين الشتيمه القاسيه وبين الرّقه اللامتناهيه . . فقط ليشعر الطرف الآخر بالخساره الفادحه . . فهناك ( ما أنت بكفو ) مثلما هناك ( حبيبي وروحي ) http://vb.eqla3.com/images/smilies/004.gifhttp://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
ونجد الشتيمه هنا تؤدي غرضها الشعري وتحمل ضروراتها الفنيه رغم الفكره المكرره
ومثلما تذوّق الشعراء حلاوة الحب . . إرتشفوا مرارته قطره قطره . . ومرارة الحب تعادل حلاوته . . لأن هذا الخفقان ي القلب متطرّف في ميوله دائماً . . فإما الرحيق العذب . . أو الموت المحتوم
والأقسى أن لا يتّضح الأمر ولا يتبيّن المرء ألوانه . . كما يعلن (( سليمان المانع )) :
بلشت بالحال لا يزعل ولا يرضى . . . . . ملعون أبو الحب يا صعبه ويا هونه !
هذا الحب بكل جبروته ومَنَعَته وطغيانه . . سهل كما الماء الرقراق أو صعب كالحديد . .
أفلا يستحق اللعن ؟ http://vb.eqla3.com/images/smilies/Looking_anim.gif
مثل ذلك كان يعبّر (( دريد لحّام )) وهو يتحرّق بحب (( فطّوم )): يضرب الحب شو بيذل !!
وحاله مثل هذه تستوجب على الشاعر أن يلعنها ويلعن مسببها . . ولكن الحب أحياناً يستدعي من العاشق الإرتضاء بالذلّه والمهانه والعذاب . . ما دام ذلك يسعد الطرف الآخر ويجعل النشوه تسري في دمائه
وهو المعنى الذي يرمي إليه (( متعب التركي )) في هذا البيت:
ما دمت راضي عن عذابي ومسرور . . . . . ملعون أبو قلبٍ عليك يحداني http://vb.eqla3.com/images/smilies/grins.gif
(( متعب )) لا يلعن القلب ذاته . . وإنما يلعن أباه إعلاناً للطاعه والرضا بالمقسوم http://vb.eqla3.com/images/smilies/icon120.gif
إلا أن الشاعر في هذه الحاله لا يصل إلى أقصى ما تهدف إليه الشتيمه في الشعر . . فغايتها الأساسيه هي إِحداث شيء أشبه بالصدمه الكهربائيه في ذهن القاريء أو المستمع . . أو شيء يشبه الحاجز الفجائي أمام راكض متحمس !
****
الغياب يورث الحسره . . والحسره تزرع النقمه
والنقمه في الشعر لابد أن تخرج بالكلمات إلى خارج المألوف
وهكذا تعتب (( ريميّه )) . . والعتاب مشفوع بالكلمه القاسيه . . شقيقة ( لا أبالك ) http://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
إنشد عني لعنبوك
ليّه فيك أكثر من أهلك . . لعنبوك
لعنبوك أنا تركت كل العرب
ثم تبعتك في ضحى . . ماله ضحى . . لعنبوك !!
هذه الشاعره تصر على كلمة ( لعنبوك ) وكأنها تقبض على رقبة المقصود وتهزّه بعنف http://vb.eqla3.com/images/smilies/grins.gif
تريد الإنتقام لعطائها اللامحدود . . أو كأنها تتسائل: ماذا بعد كل هذه التضحيه ؟!
أيضاً (( ريميه )) . . لا تتمكن من إحداث تلك الصدمه الكهربائيه في تيّار المشاعر !
في ذات المعنى ينشد (( عوّاد الطواله )) ولكنه يمعن في ( السب ) علّه يحدث جرحاً عميقاً في المعشوق:
قلت أبشربك يا كفوف سلسبيل . . . . . إسقني لعنبو جدك ذبحني ظماك
وكلمة ( ذبحني ) في البيت تستوجب كلمه حارّه وحاده مثل ( لعنبو جدك )
فهي شهقة النزع الأخير . . وإستغاثة المشرف على الموت عندما يتوانى من بيده العلاج عن إنقاذه
رغم ذلك فإن ( لعنبو جدك ) هنا تأتي شاذّه إلى حد كبير وغير مناسبه للموقف الشعري
رغم ملائمتها للموقف الإنساني
وأعزو ذلك لفنيّة المشهد الشعري ومتطلباته التي لا تستدعي مثل هذه (الشتيمه )
وربما تكون لدى (( نايف صقر )) أكثر ملائمه وإنسجاماً مع الموقف في بيته التالي:
لا ما كتبت القصيد لعين جمهوره . . . . . ( أبك ) أنت لا هنت ملهمني وجمهوري
فهو يريد أن يوضح لمحبوبه مكانته الحقيقيه . . ولابد أن يرمي تجاهه كلمه منبهه تجعله يتحفّز لسماع جواب الشرط ( الشرط بمفهوم اللهجه العاميه ) يقول لشاعر ( أبك ) . . ولكنه يجدها جافه تجاه الحبيب . . فيضيف إليها على الفور ( لا هنت ) وكأنه يبرر إستخدامه للنداء
في هذا البيت يود الشاعر أن يقول لمحبوبته . . أنتي ملهمتي في كتابة الشعر وأنتي أيضاً جمهوري
ولكنها جمله متداوله كثيراً مشبعة الإستعمال ولا تقدّم جديداً للحبيب . . ولا جديداً للشعر
لذلك قام (( نايف صقر )) بالتحايل على المعنى وإقتناصه من جهه أخرى جديده مليئه بالجفاف . . ولكن باطنها زاخر بالطراوه واللين http://vb.eqla3.com/images/smilies/icon120.gif
وللغياب مره أخرى ينشد (( خالد المريخي )) . . ولكنه لا يلعن الغائب ذاته . . وإنما يصب لعنته على الأيام:
بس يمكن ثلاث ايام غيبتهن . . . . . لعنبو هالثلاث أيام مطولهن <<< نم يا شيخ خخخخ
الهجر يولّد غصّه كبيره في القلب . . ليس الهجر فحسب وإنما الثقه الزائده أيضاً التي لا يستشعرها الحبيب وهو ما تعبّر عنه (( عابرة سبيل )) في هذا البيت:
( أبك ) أنت من زود الثقه فيك لا هنت . . . . . أكذب عيوني وأصدق كلامك http://vb.eqla3.com/images/smilies/Looking_anim.gif
(( عابره )) في هذا البيت تنتهج ذات الإستدراك لدى (( نايف صقر )) . . فهي تنبّه الحبيب بكلمة ( أبك ) ثم تهدي إليه كلمة ( لا هنت ) . . وهي لا تشتري خاطر الحبيب فقط . . وإنما تراعي ذائقة القاريء كما تراعي فنيّة الشعر ومتطلباته . . فموضوع شاعري من هذا النوع يعد فيه ( السب ) إقحاماً رغم الضروره الفنيه . . وضرورة الإقتراب من الواقع الذي يمكن أن يسجل مثل هذا الحديث بين طرفين متحابين
لوعة الإعجاب أو الحب تصل إلى أقصى درجاتها . . حتى يجد الشاعرأبواب الإطراء مغلقه أمامه . . وأن كل الكلمات الناعمه لا تصوّر ما يعتمل في قلبه . . ولا تقدر على إظهار لهيبه الداخلي كما يجب
(( زيد بن غيّام )) يقع في هذا الإشكال ويخرج منه بهذه الطريقه:
يا لعنبوك من الترف والنعومه . . . . . كن النسا مسترجله من حواليك http://vb.eqla3.com/images/smilies/004.gifhttp://vb.eqla3.com/images/smilies/biggrin.gif
(( زيد )) يكتب بيتاً كل كلماته بشعه . . فقط ليسلط الضوء كله على كلمتي ( الترف والنعومه ) . . وهو لا يكتفي بصب لعنته على النساء الأخريات . . وإنما حتى على هذه الفتاه http://vb.eqla3.com/images/smilies/icon120.gif
وهنا يبرز إحساسه بالقهر الذي يسببه هذا الجمال الفاره
(( زيد )) يحاول أيضاً أن يعطي لبيته هذا شيئاً من الأهميه والإختلاف . . من خلال إستخدامه للشتم كوسيلة غزل وإطراء !!
****
لحد يرد :sm166: