المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مررت على المروءة


ام الفهد
20-12-09, 10:11 PM
من قديمي الجديد أتمنى أن يعجبكم


كانت إحدى زميلاتي تنعي لي أحد أقاربها وتذكر لي محاسنه وختمت حديثها بجملة غريبة ظننت حينها أني لم أسمع جيداً حيث قالت: "كان رحمه الله غبياً لا يرفض طلب أي شخص، فلا يعرف كلمة لا!!"، ففهمت من كلامها أن مد يد العون للآخرين أصبح غباء!!..

حللت جملتها في نفسي وقلبتها يميناً وشمالاً في داخلي وقارنت بين ما أفرزه عصرنا وعصر الدولة الأموية عندما امتدح الشاعر الفرزدق زين العابدين بقوله:

ما قال (لا) قط إلا في تشهده

لولا التشهد كانت لاؤه نعم

فشتان بين وجهة نظر محدثتي التي تمثل زماننا ووجهة نظر الفرزدق الذي يمثل عصر العطاء والقيم والثوابت، حيث نظر شاعرنا لهذه الصفة التي وصف بها ممدوحه أنها تمثل النبل والعظمة. وكلماتي هنا لا تعني أن نقول نعم على الاطلاق، ولكن "نعم" في الموقع الصحيح دون المساس بالذات فإن كانت (نعم) في موضع فيه انقاص للذات أو إهانة لها فمرحباً بكلمة لا، لأن هناك مواقف لا بد أن يظهر فيها الجانب القوي وأن يعلو صوت لا.. فالموازنة مطلوبة ولكن كما قال الشاعر:

وإني لحلوّ تعتريني مرارة

وإني لتَرَّاكٌ لِمَا لَم أُعوَّدِ

ولكن لماذا تقاعس من معظم الناس عن البذل والعطاء في أبسط الأمور وأسهلها؟ لماذا أصبحت القاعدة هي الشح والجحود وعدم الاكتراث والاستثناء هو العطاء والجود، حتى أنك تجد من يجزل لك الثناء والشكر على أدائك لواجبك تجاهه وكأنك متفضل عليه لأن الشائع الآن هو التقاعس عن أداء الواجب وليس فقط التهاون في مد يد المعونة وهذا ما نلحظه في الأماكن العامة والمرافق الحكومية حيث يراك من حولك تسير في المكان الخاطئ، ولا تجد المبادرة لأن يدلك أحد على المكان الصحيح وان استفسرت تجد إجابة بصوت رفيع وكأنك تلقي بأثقال على ظهره.. فلماذا اندثرت الفزعة والنخوة (بلهجة آبائنا وأجدادنا) ولماذا اتسعت شريحة المتمحورين حول ذواتهم؟!

لن أنسى ذلك الموقف الذي حدث معي في غرفة الانتظار لصرف الدواء من صيدلية أحد المستشفيات، حيث كان صرف الدواء بالأرقام وكل واحدة منا تعرف دورها بمجرد ظهور الرقم على الشاشة التي تتوسط الغرفة وعند انتهائي من دوري قابلت امرأة مسنة تريد أن تعرف متى دورها، فقرأت لها الرقم، فردَّت كيف لي أن أعرف دوري فأنا لا أعرف القراءة، عندها سألت بصوت مسموع عن المرأة صاحبة الرقم الذي يسبقها حتي أجلسها بجانبها ولم أجد إجابة فظننت أنها غير موجودة ولكن شاء الله أن أرى الرقم يترنح في يد إحدى الأخوات ورغم امتعاضي من تصرفها لعدم إفصاحها عن الرقم (الأمر الذي لم يكن يشكل عبئاً عليها لو أجابت) إلا أنني قلت للمرأة المسنة اجلسي بجوار هذه المرأة وبمجرد أن تصرف الدواد فأنت لك الدور فتمتمت ببضع دعوات لي .. فلو نظرت تلك المرأة من زاوية صاحبة الحاجة لبادرت بمد يد العون قبل أن أبحث عنها فأين هي مما أوصانا به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص)!

يجهل الكثير أن السعي في قضاء حوائج الآخرين هو باب من أبواب المروءة والجري في خدمة الناس هي متعة نفسية، التعب فيها له لذة، هذه اللذة لو استشعرها الجميع لتسابقوا على أداء المعروف. فعلينا ألا نستصغر أي معروف فصغير الأعمال ككبيرها وما نراه صغيراً قد يكون عظيماً في عيون صاحب الحاجة. ولنسمو في العطاء بحيث نكون مبادرين وليكن عطاؤنا لوجه الله دون انتظار المقابل أو حتى كلمة شكر وامتنان وفي هذا توطين للنفس بأنه لو حدث جحود فقافلة العطاء لا بد أن تسير ولنمحو من قاموسنا المثل الدارج (ما يخدم بخيل!!).

ورغم جمال كلمات الشاعر حين قال:

مررت على المروءة وهي تبكي

فقلت علام تنتحب الفتاة

فقالت كيف لا أبكى وأهلي

جميعاً دون خلق الله ماتوا

التي تصور شيئاً من الواقع، إلا أنني لست مع الشاعر في نظرته التشاؤمية فوجود هذه النماذج لا يجعلنا نصاب بالإحباط لأن هناك قناديل مضيئة من حولنا مازالت تعتز بقيمنا وثوابتها وتتمسك بها رغم طغيان المادة على الأحاسيس وغمرتنا بعطائها المميز، ولكن ما كتبته هنا هي قطرات لعلها تحيي جدب وجفاف بعض القلوب لنظل خير أمة أُخرجت للناس.

كلك نظر
20-12-09, 10:18 PM
المروءة يأختاه هي شيمة حينما تنعدم في الناس فعليهم العوض
وخير الناس انفعهم للناس
شكرااااااااااااااااااا لك ام الفهد على مواضيع القديمة التي لاتنعدم فائدتها على مرور الزمن

ذيب الشوامين
20-12-09, 10:33 PM
حتى أنك تجد من يجزل لك الثناء والشكر على أدائك لواجبك تجاهه وكأنك متفضل عليه لأن الشائع الآن هو التقاعس عن أداء الواجب وليس فقط التهاون في مد يد المعونة وهذا ما نلحظه في الأماكن العامة والمرافق الحكومية حيث يراك من حولك تسير في المكان الخاطئ، ولا تجد المبادرة لأن يدلك أحد على المكان الصحيح وان استفسرت تجد إجابة بصوت رفيع وكأنك تلقي بأثقال على ظهره.. فلماذا اندثرت الفزعة والنخوة (بلهجة آبائنا وأجدادنا) ولماذا اتسعت شريحة المتمحورين حول ذواتهم؟!


من جماليات هذا المنتدى الرائع
تواجد صاحبة هذا القلم بيننا وفكرها الرائع المميز
دمت ِ بأسعد حال








الذيب

حويطي والنعم
21-12-09, 03:47 AM
ولنسمو في العطاء بحيث نكون مبادرين وليكن عطاؤنا لوجه الله دون انتظار المقابل أو حتى كلمة شكر وامتنان

قال الشاعر ايليا أبو ماضي :


أحسن وإن لم تجز حتى بالثنا = أي الجزاء الغيث يبغي إن همى

فالعطاء قيمة اجتماعية سامية حين يكون خالصاً لوجه الله .
نسأل الله أن نكون من القادرين على عطاء الآخرين وخدمتهم ...
أختي منارة العلم أم الفهد رائع ما جاد به قلمك ..
دمـــت منـارة ً للعـلم ..

ندى الصبح
21-12-09, 05:38 PM
خبلة =طيبة
هبلا=تساعد الآخرين وصاحبة مروءة
عبيطة=تؤثر الآخرين على نفسها
ودواااااااااااااااليك وهذا للأسف هو الوارد الآن.
في حديث جانبي بيني وبين زميلاتي كان الاختلاف على ..المطالبة بالحق المكتسب ..والسكوت عنه نقيضين فأيهما القوة وأيهما الضعف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
شكرا لطرحك ام الفهد ولا عدمناك
دمتي بود

ام الفهد
21-12-09, 10:05 PM
شكرا للجميع على المرور

سعد الطقيقي
22-12-09, 11:55 PM
الاخت الفاضله ام الفهد .....شكرا علي موضوعك الرائع وقدذكر الرسول عليه الصلاه والسلام حديث بمامعناه لان امشي في حاجه اخي خير لي من اعتكافي في مسجدي هذا شهر ....والذي يعيب علي الشخص الطيب النافع للناس ويصفه بانه اهبل اوساذج ..... الخ هو شخص عديم النفع للناس ولم يعطه الله هذه الكرامه اللتي تنورله دربه بدعاء الناس له وتوجب له الجنه في الاخره باذن الله واناشخصيا اعرف اشخاص كثرولله الحمدوهبهم الله هذه الميزه وامورهم جميعها مسهله ولحبهم لتلك الخصله الطيبه فقديتسال بعضهم احيانا لم يراجعنا اليوم احد كي نخدمه ويخفف عنا من ذنوبنا بدعائه لنا وبحكم عملي فاننا يوميا نواجه الجمهور وبالالف وهناك البعض منا يحرص علي انجازمايصعب علي المراجع وكل ذلك مقابل الحصول علي كلمه واحده وهي (روح ياابني ربنا يفتحها في وشك ) .......تقبلي مروري اختي واسف للاطاله .

ام الفهد
24-12-09, 02:47 PM
شكرا لمرورك العطر أخي جلمود
و شكرا على الإضافة

الدرة
11-05-11, 07:31 AM
يجهل الكثير أن السعي في قضاء حوائج الآخرين هو باب من أبواب المروءة والجري في خدمة الناس هي متعة نفسية، التعب فيها له لذة، هذه اللذة لو استشعرها الجميع لتسابقوا على أداء المعروف. فعلينا ألا نستصغر أي معروف فصغير الأعمال ككبيرها وما نراه صغيراً قد يكون عظيماً في عيون صاحب الحاجة. ولنسمو في العطاء بحيث نكون مبادرين وليكن عطاؤنا لوجه الله دون انتظار المقابل أو حتى كلمة شكر وامتنان وفي هذا توطين للنفس بأنه لو حدث جحود فقافلة العطاء لا بد أن تسير ولنمحو من قاموسنا المثل الدارج (ما يخدم بخيل!!).



لله درك أم الفهد , اشتقنا لكتاباتك.

كلك نظر
11-05-11, 01:40 PM
هذه مداخله عن المروءةوأرجو لن تقبليها اختي ام الفهد


إغتيال المروءة (http://www.7ezan.com/vb/showthread.php?t=9982)


في القديم.. يقال.. أن أعرابي احتال على أمير قائلاً بأنه ضرير وكسيح..لا يقوى على السير..وطلب منه أن يركب على فرسه.. فأشفق عليه

الأمير.. ثم ترجل عن الفرس.. وأركب الأعرابي.. ولما ملك الأعرابي عنان الفرس.. أطلق ساقيه للريح.. ومضى الفرس ينهب الطريق نهباً.. ولما

أدرك الأمير حيلة الأعرابي.. ناداه قائلاً : سرقت الفرس فبارك الله لك بها..ولكن إياك أن تقول أنك سرقتها بهذه الحيلة.. لئلا تموت ((المروءة)) بين

العرب.. فكر السارق في تلك الكلمات..وعاد ادراجه.. ثم قال للأمير.. خذ فرسك ياأخي فأنا لا أريد أن تموت ((المروءة)) عند العرب على يدي..

وأعاد

الفرس إلى صاحبها...




اليوم ((المروءة)) تحتضر..تموت على ايدينا...تتجه نحو الافول بغروب اهل ((المروءة))..الذين لم يعرفوا بسواها..


اغتال ((المروءة)) من تصنع به معروفاً ويقابله بالنكران والجحود..


اغتال ((المروءة)) رجل تشتريه باغلى الاثمان..فيبيعك بلا ثمن..


اغتال ((المروءة))رجل أقرضته قرضة حسنة.. ويكون الجزاء ..البحث الطويل والمضني عنه...بل التودد اليه ان وجدته...ويكون جوابه("حتى يكون

عندي اونرد لك رزقك"..)


اغتال ((المروءة)) رجل كنت الضامن والكافل له بعد الله عند المقرض له..وتكون النتيجة قوله : ياأخي سدد وانا وانت متلاحقين)

ذيب الحره
18-08-11, 11:18 AM
كلمات من ذهب
بارك الله فيك

زهرة المدائن
23-08-12, 05:27 PM
أنني لست مع الشاعر في نظرته التشاؤمية فوجود هذه النماذج لا يجعلنا
نصاب بالإحباط لأن هناك قناديل مضيئة من حولنا مازالت تعتز بقيمنا
وثوابتها وتتمسك بها رغم طغيان المادة على الأحاسيس وغمرتنا بعطائها
المميز، ولكن ما كتبته هنا هي قطرات لعلها تحيي جدب وجفاف بعض
القلوب لنظل خير أمة أُخرجت للناس.




سلمت يمناك يا أم الفهد ...
قلم ليس بستغرب أن يكون هذا بوحه ..
لأنّه قمّة في الثّقافة والعطاء ..
شكراً لك على هذه السّطور الصّادقة التي ..
تصوّر ـ للأسف ـ حال الكثير في زمننا ..
ولكن يبقى هناك ـ كما ذكرت ـ قناديل ..
مضيئة .. المروءة نورها الذي لا يخبو أبداً.

أبو زيد الهلال
23-08-12, 06:34 PM
الأستاذة الفاضلة والقديرة

http://www.q8yat.com/customavatars/avatar41354_1.gif

حفظها الله ورعاها وسدد على طريق الخير خطاها
لن ازيد على ماسبقني من اراء فكل من ذكر سابقا
قليل بحق ( منارة العلم ) ولن نفيها حقها ولا لمواضيعها
وكتبها ومقالاتها الرائعة والطيبة والفيدة
لله درك أختي وأستاذتي منارة العلم ومنبره
وهو موضوع من أحد مواضيعها الهامة والطيبة ولعلي أستاذتي
الفاضلة أقتبس منه (((هي قطرات لعلها تحيي جدب وجفاف بعض القلوب لنظل خير أمة أُخرجت للناس)))
ربما أكتفي او أصل الى ماقدمته للجميع من خلال مقالاك ومقالاتك التي كلما قراتها وتعمقت في قرائتها
وجدت الكثير الكثير منارة العلم
ولا أريد الاطالة ولكن أقول
لا أعتقد أن هنالك على وجه الأرض إبنا يستطيع رد جميل أمه

كنت لنا الأم التي تخاف على ولدها و الصديقة التي تكتم أسرار مقربيها و الأخت التي تفضل مصلحة إخوتها عن مصالحها

فضلا عن ذلك الأستاذة التي همها الوحيد رضى الله سبحانه وتعالى ومن ثم فائدة الجميع فنعم الأم ونعم الأخت ونعم الصديقة

دمتي تاجا فوق رؤوسنا وفقك الله و جزاك عن كل حرف خط في قلمك و جعله لك صدقة جارية تنتفعين بها

وجزاكي عنا كل خيرونسال الله العلي القدير رب العرش العظيم أن يبارك لنا في منارة العلم ويحفظها اللهم آمين
أخوكم أبو زيد الهلال