الآتي الأخير
23-04-07, 01:05 PM
الشعر الشعبي نافذة التعبير لفئة تجيد نظمه وقوله لشريحة تفهمه وتدرك معانيه وتتأثر به، وهو في مجمله له طابع الخصوصية للمجتمع الذي قيل فيه كما أنه نتاج فرد من المجتمع نفسه.
والشعر الشعبي بهذا العنوان يفهم مقصده ويحدد مساره ومجال انتشاره، فهو غير قابل للانتشار لأنه مخصص لمجتمع محدود، والذي خصصه وحدده طبيعة الشعر الشعبي ولهجته ومضامينه وهذا ليس عيباً فيه لأنه اختار المحلية والشاعر الشعبي يعرف ذلك ولا يطمع في الانتشار خارج بيئته المحلية لأن بضاعته محلية الصنع والوجهة.
ولكي أدلل على الفوارق بين الشعر الفصيح والآخر الشعبي، ومدى فهم وانتشار الأول وسعة المساحة التي يمكن أن يمتد عبرها الفصيح وينتشر بعكس الشعبي الذي قيد نفسه بألفاظ ومفاهيم ومعان محلية وعلى نطاق ضيق جداً، أورد هنا ثلاثة أبيات من شعر فصيح وثلاثة من شعر شعبي والقارئ له التمييز بين مدى الانتشار أو محدوديته.
هذه ثلاثة أبيات أو أربعة للشاعر: عبدالعزيز العتي.
وهي من الفصيح:
هذي بلادي فإن حاولت أمدحها
فلن أفيها ولو كان المداد دمي
ماذا أقول بها ياقوم ضاع فمي
فلم أعد قادراً على على الكلم
الشعر يملأ رأسي إنما عجزت
أوتار صوتي عن إيصاله لفمي
تطور تدهش الرائي أصالته
في ظل ماض عريق موغل القدم
أما الأبيات الشعبية فلعلي اختار من ألفية ابن عمار ويماثلها أي شاعر شعبي قبله أو بعده مثل حميدان الشويعر أو ابن سبيل أو ابن لعبون أو غيرهم. لكن ابن عمار نموذج بين القديم والحديث حيث يقول:
غديت أنا وياه طاسه ومنقاش
بالوصف كني يالمعزي سلامات
معزي سلامات الذي يذكرونه
نبغي السلامه منه وهي المعونة
يقول طيب مار غارت عيونه
سبب ولدكم واحد صابه وفات
الخ القصيدة، ومثلها قصائد عديدة تتشابه فيها ويجمعها مسمى (شعبي) وكأنها تختم بالختم المحلي الضيق، أو كأنها تحمل عبارة تؤكد على محدودية الانتشار.
إن الشعر الشعبي النجدي لا يمكن أن يقابل بالقبول والفهم والتأثر من قبل المتلقي التونسي أو السوداني والعكس صحيح أيضا. كذلك الشعر الشعبي في دول الخليج العربي لا يمكن أن يستسيغه ويقبله المتلقي في شمال أفريقيا، أو حتى بلاد الشام وهي أقرب، والعكس صحيح أيضا.
اختلفت اللهجة فتوقف رافد إيصال المعنى وانقطع التواصل وحصل بسبب ذلك الإحجام والعزوف بل والرفض للشعر الشعبي القادم من إقليم خارجي، وهذا الرفض للشعر الوافد شيء طبيعي لا يقلل من أهمية قائلة كما لا يعد حكماً عليه بأنه قليل الشأن ضعيف المحتوى ذلك لأن الذين يرفضونه يجهلونه ولو شرح لهم لم يتقبلوا تراكيبه ولهجته ولا معالجته للفكرة للتباين بين المجتمعات في محلياتها وخصوصياتها فما يراه شاعر نجد مثيراً ومشوقاً قد لا يراه كذلك شاعر المغرب وهكذا.
أما الشعر الفصيح فمختلف تماماً فهو طائر يحلق بأجنحة موحدة الحركة متشابه مع بقية الطيور في مختلف الأقاليم التي تنطلق منها وتنطق اللغة الفصحى الواحدة.
يتلقاه المثقفون بنفس الموجة ودرجة الاستقبال والقبول. ويفهم ويقبل في كل الأحوال لوحدة الثوب الذي يلبسه والكساء الذي يزينه والمحتوى المميز الموحد، لا يختلف عما لديهم إلا في شيء واحد هو درجة إبداع قائلة ومن هنا تكون المنافسة بين شعراء الفصيح بالإضافة الى ذلك صدق الهدف ونبله وعلوه، فكلما ارتفع الشاعر بأهدافه ومعانيه وعلوه، فكما ارتفع الشاعر بأهدافه ومعانيه وسما بها واجه القبول عالمياً أو على أقل تقدير على مستوى المجتمع الواحد الناطق باللغة وهي هنا العربية وهو الوطن العربي وعلى هذا فإن الشعر الفصيح ميدانه على أقل تقدير هو مساحة الوطن العربي كله مع ما في خارجه من جيوب تنطق اللغة العربية.
أما الشعر الشعبي والذي يأخذ اللهجة المحلية والبنية التي تميل عن الفصحى فإن ميدانه أضيق بكثير ويقتصر على مجمع الشاعر ومحل اقامته أي لا يتعدى المحلية ابدا.
والشعر الشعبي بهذا العنوان يفهم مقصده ويحدد مساره ومجال انتشاره، فهو غير قابل للانتشار لأنه مخصص لمجتمع محدود، والذي خصصه وحدده طبيعة الشعر الشعبي ولهجته ومضامينه وهذا ليس عيباً فيه لأنه اختار المحلية والشاعر الشعبي يعرف ذلك ولا يطمع في الانتشار خارج بيئته المحلية لأن بضاعته محلية الصنع والوجهة.
ولكي أدلل على الفوارق بين الشعر الفصيح والآخر الشعبي، ومدى فهم وانتشار الأول وسعة المساحة التي يمكن أن يمتد عبرها الفصيح وينتشر بعكس الشعبي الذي قيد نفسه بألفاظ ومفاهيم ومعان محلية وعلى نطاق ضيق جداً، أورد هنا ثلاثة أبيات من شعر فصيح وثلاثة من شعر شعبي والقارئ له التمييز بين مدى الانتشار أو محدوديته.
هذه ثلاثة أبيات أو أربعة للشاعر: عبدالعزيز العتي.
وهي من الفصيح:
هذي بلادي فإن حاولت أمدحها
فلن أفيها ولو كان المداد دمي
ماذا أقول بها ياقوم ضاع فمي
فلم أعد قادراً على على الكلم
الشعر يملأ رأسي إنما عجزت
أوتار صوتي عن إيصاله لفمي
تطور تدهش الرائي أصالته
في ظل ماض عريق موغل القدم
أما الأبيات الشعبية فلعلي اختار من ألفية ابن عمار ويماثلها أي شاعر شعبي قبله أو بعده مثل حميدان الشويعر أو ابن سبيل أو ابن لعبون أو غيرهم. لكن ابن عمار نموذج بين القديم والحديث حيث يقول:
غديت أنا وياه طاسه ومنقاش
بالوصف كني يالمعزي سلامات
معزي سلامات الذي يذكرونه
نبغي السلامه منه وهي المعونة
يقول طيب مار غارت عيونه
سبب ولدكم واحد صابه وفات
الخ القصيدة، ومثلها قصائد عديدة تتشابه فيها ويجمعها مسمى (شعبي) وكأنها تختم بالختم المحلي الضيق، أو كأنها تحمل عبارة تؤكد على محدودية الانتشار.
إن الشعر الشعبي النجدي لا يمكن أن يقابل بالقبول والفهم والتأثر من قبل المتلقي التونسي أو السوداني والعكس صحيح أيضا. كذلك الشعر الشعبي في دول الخليج العربي لا يمكن أن يستسيغه ويقبله المتلقي في شمال أفريقيا، أو حتى بلاد الشام وهي أقرب، والعكس صحيح أيضا.
اختلفت اللهجة فتوقف رافد إيصال المعنى وانقطع التواصل وحصل بسبب ذلك الإحجام والعزوف بل والرفض للشعر الشعبي القادم من إقليم خارجي، وهذا الرفض للشعر الوافد شيء طبيعي لا يقلل من أهمية قائلة كما لا يعد حكماً عليه بأنه قليل الشأن ضعيف المحتوى ذلك لأن الذين يرفضونه يجهلونه ولو شرح لهم لم يتقبلوا تراكيبه ولهجته ولا معالجته للفكرة للتباين بين المجتمعات في محلياتها وخصوصياتها فما يراه شاعر نجد مثيراً ومشوقاً قد لا يراه كذلك شاعر المغرب وهكذا.
أما الشعر الفصيح فمختلف تماماً فهو طائر يحلق بأجنحة موحدة الحركة متشابه مع بقية الطيور في مختلف الأقاليم التي تنطلق منها وتنطق اللغة الفصحى الواحدة.
يتلقاه المثقفون بنفس الموجة ودرجة الاستقبال والقبول. ويفهم ويقبل في كل الأحوال لوحدة الثوب الذي يلبسه والكساء الذي يزينه والمحتوى المميز الموحد، لا يختلف عما لديهم إلا في شيء واحد هو درجة إبداع قائلة ومن هنا تكون المنافسة بين شعراء الفصيح بالإضافة الى ذلك صدق الهدف ونبله وعلوه، فكلما ارتفع الشاعر بأهدافه ومعانيه وعلوه، فكما ارتفع الشاعر بأهدافه ومعانيه وسما بها واجه القبول عالمياً أو على أقل تقدير على مستوى المجتمع الواحد الناطق باللغة وهي هنا العربية وهو الوطن العربي وعلى هذا فإن الشعر الفصيح ميدانه على أقل تقدير هو مساحة الوطن العربي كله مع ما في خارجه من جيوب تنطق اللغة العربية.
أما الشعر الشعبي والذي يأخذ اللهجة المحلية والبنية التي تميل عن الفصحى فإن ميدانه أضيق بكثير ويقتصر على مجمع الشاعر ومحل اقامته أي لا يتعدى المحلية ابدا.