تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا تعرف عن " الديموقراطيّة


قــرنــاس
28-04-07, 01:17 PM
الديموقراطية هي نظام من أنظمة الحكم يكون الحكم فيها أو سلطـة إصدار القوانين والتشريعات من حق الشعب أو الأمة أو جمهور الناس، وهذا يصطدم صراحةً مع أصل أصيل في العقيدة الإسلاميّة، إذ أن الحـكم في الشريعة الإسـلاميّة لله وحده، قال تعالى((إن الحكم إلا لله))وأن الكتاب والسنّة هما المصدر التشريعي الوحيد للأمّة الإسلاميّة ولذلك تجد في الديموقراطية المشاورة أو التصويت على أي أمر كان دون النظر إلى حكمه الشرعي أو كونه يُرضي الله عز وجل أو يُسخطه، بل وحتى لو كان الأمر كفريّا ينظر إلى ما يقوله الشعب ويُرجّحه !!! وهذا يعني أن المُشرّع ليس الله جلّ وعلا إنما هو الشعب، فالحلال ما رآه الشعب حلالاً والحرام ما رآه الشعب حراماً، وهذا تراه جليّاً من خلال النظر إلى المجالس النيابيّة البرلمانيّة، فتجدهم أحيانا يعلنون التصويت على تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقهــا ..!!! وأحياناً يصوتون على وجود الخمور..هل يسمح بها أو لا يسمح؟؟!!والأمثلة في ذلك كثيرة، والنتيجة في التصويت للأغلبيّة إذا كانت ضد الإسـلام، أمّا إذا كانت لصالح الإسلام فما أهون من أن يُحلّ المجلس فيسقط التصويت والمشروع الذي صوّت عليه..والواقع يشهد بذلك.

- وللأسف الشديد أن كثيرا من المسلمين يعتقد أن الديموقراطيّة كالشورى في الإسلام، وهذا خطأ فاحش، لأن الشورى في الإسلام تقوم على مشاورة العلماء والحكماء في أمور لا تتعارض مع الكتاب والسنّة كإعلان الحروب ومعاهدات السلام واختيار الولاة وغيرها من الأمور التي ترك فيها الشرع مجال للنظر والمشورة حسب الظروف المستجدّة.

- ومن خصائص الديموقراطيّة أنها تسمح بحريّة الإعتقاد: وهي أن للإنسان الحريّة فيما يعتقده، والله سبحانه وتعالى يقول((ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين))، وله الحرية بأن يمارس عبادته سواء كان كافراً بوذيّاً أم مجوسيّاً أم نصرانيّاً أم يهوديّاً أو من أي ملّة كانت،بل وله الحريّة في إظهـار شعائره وطقوسه كما يريد، فلا تعجب إذا رأيت رجلا في الشـارع يسجد لصنم أو بقرة وإلا فأنت لست ديموقراطيّاً..!!وكأن الإسلام جاء ليحمي الكفار ويضمن لهم حريّة الكفر بالله..!!!

- ومن خصائصها كذلك الحريّة الشخصيّة: وهي تعني أن للإنسان أن يمارس حقه الشخصي في الزنـا واللواط وشرب الخمر دون التدخل في خصوصياته..!! لأن ذلك من حقه الشخصي الذي تعطيه إياه الديموقراطيّة، ولأن الدول التي تحكم بالديموقراطيّة مأمورة باحترام حقوق الأفراد وحريّاتهم وضمانها لهذا أنشأت شواطئ العراة..!!وأصدرت قوانين تجيز زواج الرجل برجل آخر وغير ذلك من القرارات الشاذّة، وليس لك أن تتذمّر أو تعترض فهذه حريّة شخصيّة..!!!! ومن الحريّات التي تكفلها الديموقراطيّة أيضـاً حريّة الرأي ولذلك يستطيع الإنسـان أن يتقدم إلى أي وسيلة من وسائل الإعلام ويقول ما شاء سواء كان الكلام كفراً أم ردّة أم إلحاداً أم فجوراً دون معاقبة لأن الدستور يكفل له ذلك..!!

- ومن هذا نستنتج أن الحريّات بكل أنواعهـا في الديموقراطيّة مُطلقة وغير محدودة ولا تراعي سوى المصلحة الشخصية، ولكنها في الإسـلام مُقيّدة بأمرين اثنين: 1- أن لا تتعارض هذه الحريّات مع أحكام الشريعة الإسلاميّة. 2- أن لا تتعدّى حريّة الآخرين، وبدون هذين الشرطين يصبح المجتمع كالغابة التي لا همّ لأهلها إلا المصلحة الشخصيّة وإشباع الغرائز الحيوانيّة مهما كان الوسائل وبصرف النظر عن النتائج.







ـ

(( ديمقراطية الغرب )) :

ـ

الديمقراطية: تعني حكم الشعب بالشعب ... لقد بزغت فكرة مشاركة الشعب في السلطة منذ عصور قديمة . وقد شهدت بعض المدن اليونانية تطبيقاً واقعياً لذلك كمدينتي أثينا وإسبرطة . ثم اندثرت هذه الديمقراطية، وساد أوربا الإقطاع لقرون طويلة، ثم نفضت فكرة الديمقراطية عن نفسها الغبار، ولعبت الأيدي اليهودية تحت شعارات شتى وأهمها: الماسونية لعبتها في صياغة شعارات الثورة الفرنسية، ثم بلورت ذلك كله في إطار قانوني ملزم . وكان ذلك في إعلان الحقوق الفرنسي الصادر عام 1789م حيث جاء في المادة الثالثة : ' الأمة مصدر السيادة ومستودعها وكل هيئة وكل شخص يتولى الحكم إنما يستمد سلطته منها ' . ثم ثُبِّت ذلك في الدستور الفرنسي، ثم انتشرت فكرة الديمقراطية على المستوى العالمي وأخذ بها كثير من الدول وجميعهم استقوها من فرنسا . ولم تُستثن من ذلك كثير من الدول الإسلامية .

الديمقراطية ليست هي الشورى التي أمر بها الإسلام: فهما نظامان مختلفان، الأول: بشري، والثاني: إلهي .

◄ النظام الديمقراطي: يقوم على أساس أن الشعب هو الذي يشرع لنفسه،

◄ وأما الشورى: فيقوم على أساس أن المشرع هو الله تعالى وحده .

◄ في النظام الديمقراطي: الشعب، أو المجلس النيابي هو الإله،

◄ بينما في الإسلام: فالله تعالى هو الإله لاشريك له .

إن الغرب الذي يدّعي الديمقراطية لهو يكيل بمكيالين ويزن بميزانين: فقد ظهرت ديمقراطية الغرب في الحروب الأهلية بين شعوب يوغسلافيا.. وفي حرب البوسنة والهرسك مع الصرب.. وفي حرب كوسوفا مع الصرب، فهو يتدخل في الوقت الذي يريد، بالقدر الذي يريد؛ لتحقيق الهدف الذي يريد.

◄ إن من ديمقراطيته: أنه لا يتحرك عادة في أول الأمر بل بعد أن يترك القوى المعادية للمسلمين تمارس إجرامها، وتقتل الآمنين والمدنيين، وتدمر المنشآت والمساجد والمدارس، وتحرق المصانع والمزارع، ولا تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم وبعد ذلك يتدخل . وعندما يتدخل لم يكن لسواد عيون المسلمين بقدر ما كان لتمزيق دولة يوغوسلافيا لحاجة في نفسه . ولهذا لم نر الغرب ولا حلف الناتو حركوا ساكناً في حرب روسيا لجمهورية الشيشان الاسلامية، وما حدث فيها من مجازر وتذبيح للمدنيين، وتجاوز لكل حقوق الانسان .

على حين نراهم ضغطوا على إندونيسيا من أجل استقلال تيمور الشرقية، وهي جزء من إندونيسيا وأهلها إندونيسيون ولغتهم الإندونيسية، ولكن عمل التنصير فيهم عمله حتى كسب أغلبية فيهم .

أما الشيشان فهم ليسوا من الجنس السلافي الروسي بل هم قوقازيون، ولغتهم الأصلية ليست هي الروسية، ووطنهم ليس جزءاً من روسيا بل ضُم إليها قسراً، ودينهم ليس هو المسيحية الأرثوذكسية فكل هذه العوامل تجعل من حقهم أن يستقلوا عن الروس بأكثر مما يحق للتيموريين أن يستقلوا عن إندونيسيا .

◄ إن ديمقراطية الغرب تكيل بكيلين ويتعاملون بمعيارين: معيار للعالم كله، ومعيار للمسلمين خاصة ... يزعم الغرب أنهم يعملون على إشاعة الديمقراطية في العالم، وترعى حقوق الإنسان، وتحامي عن المضطهدين والمعذبين في الأرض . وهذا صحيح بالنسبة لغير المسلمين.. أما بالنسبة للمسلمين، فهم يؤيدون الديكتاتوريات المتسلطة، والديمقراطيات الزائفة، ديمقراطية 99.9% .

لهذا ساند الغرب السلطة العسكرية في الجزائر بعد أن وصل الإسلاميون إلى الأغلبية الساحقة في انتخابات حرة نزيهه أجرتها حكومة ليست إسلامية .

ونراهم يباركون حكماً متسلطاً في تونس، يزج بمعارضيه في السجون، ويخرس كل لسان يقول: لِمَ ؟

ورأينا الولايات المتحدة تضيق ذرعاً بباكستان حين ملكت القنبلة النووية في حين ملكتها كل القوى في العالم على اختلاف دياناتها: الهندوسية في الهند، والبوذية في الصين، واليهودية في إسرائيل، والأرثوذكسية في روسيا، والكاثوليكية في فرنسا، والبروتستانتية في أمريكا وبريطانيا، فلماذا لا تملكها باكستان الإسلامية ؟

◄ إن ديمقراطية الغرب تسكت عن حقوق المسلمين المضطهدين في كثير من بلاد العالم: في كشمير، وفي فلبين، وفي روسيا، وفي الجمهوريات الإسلامية في آسيا وفي أثيوبيا وأرتيريا، وفي عدد من بلاد أوربا، وفي بعض الدول العربية، في حين تزعم أن هناك اضطهاداً للأقليات غير المسلمة في مصر، وفي السودان، بل تزعم أن الشريعة الإسلامية تظلم الأقليات، وتجور على حقوق المرأة، ولا تعترف بحقوق الإنسان .

◄ تقترح ديمقراطية الغرب إقامة مصانع في بلدان العالم الثالث محظورة في الغرب لما وراءها من أخطار وأضرار بالغة: اقترح ' لورنس سمرس ' الخبير الاقتصادي بالبنك الدولي التي أفشاها في تقرير سري أثار ضجة كبيرة داخل المؤسسة الدولية: اقترح هذا المجرم أن من المفيد للدول الصناعية تشجيع نقل المصانع القذرة الملوثة للبيئة إلى العالم الثالث .

بل إن كنت لا تعلم، فاعلم بأن الغرب يصدر إلينا الأدوية التي يُمنع تداولها عنده، ويصدر إلينا أنواعاً من السجائر تحمل نسبة من النيكوتين لا يجيز تناولها في بلاده، ويتساهل في كثير من الشروط التي يشترطها لسلامة الأغذية في بلاده، والأجهزة من الثلاجات والمكيفات ونحوها والتي لم تصنّع بنسبة عالية من التقنية، وتكون عرضة للعطب أسرع، وللخراب أكثر، ويكون فيها ما يسمى بالعيب المصنعي تصدر لبلدان العالم الثالث .

◄ ديمقراطية الغرب يغري دول العالم الثالث بشكل عام والدول الإسلامية بشكل خاص شراهة الشراء والاستهلاك: وذلك عن طريق الدعاية والاعلانات بشكل جذاب يسحر القلوب قبل العيون، لا لشيئ إلا ليربح الاقتصاد العالمي وزعانفه وذيوله عندنا، ويملأوا خزائنهم التي تمور بالذهب كما يمور التنور باللهب . إنه عن طريق خمرة الاعلانات التي تصيب كثيراً من الناس بما يشبه السكر وفقدان الوعي، وعن طريق عقلية القطيع التي يفقد الفرد فيها تفكيره الاستقلالي، ويقلد من حوله تقليداً أعمى وما يتبع ذلك من صواب أو خطأ، خير أو شر، عن طريق هذا يسود الاستهلاك غير الرشيد، ويتسم المجتمع بالإسراف والتبذير، ويخرج من صفات عباد الرحمن:}وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً[67] {[سورة الفرقان] .

ثلاث نقاط سريعة ومهمة حول الديمقراطية :

1- لقد حظيت الديمقراطية بدعم واسع النطاق من قِبَلِ دول الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أصبح شعار الديمقراطية من أبرز الشعارات المرفوعة على المستوى العالمي، وأصبح مطلب تطبيق الديمقراطية في العالم الثالث بالذات مطلباً ملحاً على المستوى الأممي، وراحت أبواق الأمم المتحدة تردد هتافات الديمقراطية، وتنادي بتبنيها كنظام حاكم في جميع دول العالم . فما هو السر في كل ذلك ؟! وهل دول النصارى ومن ورائهم اليهود حريصون على الإطاحة بالحكام الديكتاتوريين الذين صنعوهم على أيديهم ؟

إن المتمعن في سير تصاعد الصحوة الإسلامية في مختلف دول العالم الإسلامي يمكنه أن يرى بوضوح أن الجماهير الإسلامية ستصل إلى مرحلة المواجهة الشاملة مع تلك الأنظمة التي تحكمها بغير ما أنزل الله . ولقد أوضحت صفحات التاريخ أن إرادة الشعوب لا تستطيع الأنظمة الحاكمة قهرها إلى الأبد، وهذا يعني من خلال المنظور المستقبلي أن جماهير الصحوة الإسلامية تتجه نحو تسلم دفات السلطة في بلادها لترفع راية الإسلام خفاقة فوق روابيها . وهذا ما لا يُرضي النصارى ولا اليهود؛ إذ إن الخطوة التي تليها- إن شاء الله تعالى- وهي تحرير فلسطين، وطرد اليهود منها، وإرجاعها إلى جنة التوحيد ستكون خطوة حتمية .

2- أن المرشح في الديمقراطية الليبرالية لابد أن يكون غنيّاً رأسماليّاً قادراً على تمويل حملته الانتخابية، أو أن يكون مدعوماً ماليّاً من جهات حزبية، أو من جهات أخرى لها مصلحة من إيصاله لكرسي المجلس النيابي، وهنا يتضح دور اليهود في استفادتهم من هذا اللون الديمقراطي، حيث إن مكانتهم المالية توظف بشكل مركز لإيصال المرشحين الذي يحقّقون مآربهم إلى قاعات المجالس النيابية .. لا يشترط في المرشح في الديمقراطية الليبرالية أي مواصفات أخلاقية تتعلق بحسن السيرة الذاتية، فشرب الخمر، والزنا، والشذوذ الجنسي، لا يعتبر قدحاً في المرشح، ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن هذه الموبقات أصبحت من العادات المباحة لدى كثير من أفراد الشعوب الديمقراطية الليبرالية في أمريكا، وبلاد الغرب عموماً .

3- لقد طمع كثير من الإسلاميين في تطويع الديمقراطية لصالح العمل الإسلامي، ولقد أخفقوا في ذلك أيما إخفاق . ونحن نعتبر أن هذا الإخفاق كان طبيعياً ومتسايراً مع السنن الربانية، فقد قضى الله في سنته أن نصره للمؤمنين مرتبط بنصرهم لدينه، على الوجه الذي أنزله في كتابه، وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم . قال تعالى:} إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[7]{ [سورة محمد] .

ولما كانت الديمقراطية مضادة للإسلام، ومخالفة لعقيدته وشريعته، فإنه من الجهل البيّن أن تتخذ وسيلة وطريقة لنشره ونصره .

إن سقوط كثير من الإسلاميين في هوة الديمقراطية السحيقة قد أطاح بالمشروع الحضاري الإسلامي الذي ينبغي بناؤه على أنقاض المشروع الحضاري الغربي، الذي نجح أيما نجاح في التغلغل داخل حصوننا في كافة المجالات الدنيوية بأنماطها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، هذا فضلاً عن حالات التصدع والتشويه التي أحدثها في الجدر العقدية للأمة الإسلامية .

إن انجراف الإسلاميين وراء سراب الديمقراطية قد بدد الآمال في بلورة أوضاع إسلامية صحيحة حاكمة وغالبة، وإن تجدد تلك الآمال مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعودة الصادقة لهذه الأمة إلى الكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح، ذلك الفهم الذي جمع بين العلم والعمل .

والموقف العلماني في تركيا حيال حزب الرفاه؛ شاهد عيان على زيف ديمقراطية العلمانيين، ففي الوقت الذي نال فيه الحزب الأغلبية، أصرت الأيادي الخفية على تنحية الحزب من الوزارة، وها هم المتسلطون بأمرهم يحاكمونه بشتى الدعاوي لإسقاط الاتجاه الإسلامي وإلغائه كما تشير كثير من المعطيات . والعجيب أن يستمر هذا النهج بمباركة الغرب الذي كثيراً ما يتدخل في شئون الدول الأخرى، ويعاقبها بدعوى الخروج على النهج الديمقراطي .

إن الإشكالية هنا أن الإسلاميين في ظل الأنظمة الديمقراطية لا يملكون زمام المبادرة في أي شيء، بما في ذلك استمرار الديمقراطية التي اختاروا لأنفسهم أن يكونوا جزءاً منها ... فهل من تأمل .

ـ

كتبه: الشيخ/ ناصر الأحمد

نقلآ عن مفكرة الإسلام .