الفارس
26-04-13, 02:44 PM
عندما تحلّ القطيعة والهجران بين أفراد المجتمع، وتختفي الألفة، وتظهر العصبيات الجاهلية، فتنشأ الأحقاد في حياة الناس. فهذا يعني أن خللًا عظيمًا أصاب تركيبة المجتمع. ووباءً قد انتشر فلوّث النفوس، وأننا نتجاهل توجيهات القرآن العظيم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).. ويعني أننا هجرنا سنة الحبيب عليه الصلاة والسلام وأهملنا قوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبّ لنفسه) وقوله: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا). وقوله: (المسلِم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ها هنا ويشير إلى صدرِه ثلاثا، بحسب امرِئٍ من الشّرِّ أن يحقرَ أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرَام: دمه وماله وعِرضُه).
ومنذ مدّة وهناك سؤال يلحُّ على رأسي: ما الذي يحدث؟ ولأي سبب يحدث؟.. انتشرت الفرقة في مجتمعنا! واستيقظ عملاق التعصّب ليفرّقنا أجناسا! لماذا لغة الفوقية هذه التي صرنا نسمعها من قبل البعض؟ لماذا تحقير الآخر والتعامل غير الإنساني معه؟ لماذا امتلأت صدورنا تعصّبا؟ لماذا لم يعد يسلّم علينا جارنا؟ ولم يعد يزورنا صديق الدراسة؟ لماذا لم نعد نجد خبزنا الذي يعجنه لنا الخبّاز صباحا؟ لماذا لم نعد نسمع صوت مؤذّن الحي؟ لم ننظر يومًا لهوية هؤلاء وغيرهم؟ لم نسألهم يوما من أين أنتم؟ لأننا أحببناهم لأنفسهم وليس لهوياتهم؟ لماذا ربّانا أهلنا وعلّمونا في المدارس أن الأخوة والحب في الله في المجتمع المسلم عبادة. ثم صحونا ذات يوم لنجد أن كلّ ذلك تغيّر، وأن قيمنا ومبادئنا عبثنا بها؟ وأنّ المنزلة العظيمة التي كُنّا نجتهد لننالها، تحولت الى نفور و كراهية . لقد اجتهدنا حبًا وعطاءً لمن حولنا دون تفريق لننال شرف نداء الله -جلّ جلاله- بنفسه يوم القيامة، يوم العرض الأكبر، نداء المتحابين فيه ليكرمهم: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي. وقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن المقصود بقوله: «إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة» وفي ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه ورمى بيديه، ثم قال: حدِّثنا يا رسول الله عنهم من هم؟ قال: فرأيت في وجه النبي البِشْر، فقال: «هم عباد من عباد الله من بلدان شتى، وقبائل شتى من شعوب القبائل لم تكن بينهم أرحام يتواصلون بها، ولا دنيا يتباذلون بها، يتحابون بروح الله، يجعل الله وجوههم نورًا ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس، ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون».
هذه الأخوّة بين المسلمين لا تقوم على أساس الهوية إنما أساسها الإيمان والتقوى والحب في الله.. فماذا فعلنا اليوم بها؟ وماذا غاب عن حياتنا من خير برحيلها؟ لقد ضيّعنا الصديق والجار والخبّاز والنجّار والمؤذن والإمام، والمعلم والفنان، وعامل النظافة والبستاني الذي يزيّن بيوتنا بالأزهار! من بقي لنا؟!
ماذا يحدث؟.. سؤال يطرق رأسي بمطارق من نار؟ لا أحد يمكنه أن يأكل لقمة لم تُكتب له!! لو كنا نؤمن بهذا حقًا لما فرطنا في الأخوّة والمحبّة في الله..!
فهل يعطيني أحدٌ جوابًا على سؤالي: ماذا يحدث؟!
د/ دانية آل غالب
ومنذ مدّة وهناك سؤال يلحُّ على رأسي: ما الذي يحدث؟ ولأي سبب يحدث؟.. انتشرت الفرقة في مجتمعنا! واستيقظ عملاق التعصّب ليفرّقنا أجناسا! لماذا لغة الفوقية هذه التي صرنا نسمعها من قبل البعض؟ لماذا تحقير الآخر والتعامل غير الإنساني معه؟ لماذا امتلأت صدورنا تعصّبا؟ لماذا لم يعد يسلّم علينا جارنا؟ ولم يعد يزورنا صديق الدراسة؟ لماذا لم نعد نجد خبزنا الذي يعجنه لنا الخبّاز صباحا؟ لماذا لم نعد نسمع صوت مؤذّن الحي؟ لم ننظر يومًا لهوية هؤلاء وغيرهم؟ لم نسألهم يوما من أين أنتم؟ لأننا أحببناهم لأنفسهم وليس لهوياتهم؟ لماذا ربّانا أهلنا وعلّمونا في المدارس أن الأخوة والحب في الله في المجتمع المسلم عبادة. ثم صحونا ذات يوم لنجد أن كلّ ذلك تغيّر، وأن قيمنا ومبادئنا عبثنا بها؟ وأنّ المنزلة العظيمة التي كُنّا نجتهد لننالها، تحولت الى نفور و كراهية . لقد اجتهدنا حبًا وعطاءً لمن حولنا دون تفريق لننال شرف نداء الله -جلّ جلاله- بنفسه يوم القيامة، يوم العرض الأكبر، نداء المتحابين فيه ليكرمهم: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي. وقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن المقصود بقوله: «إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة» وفي ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه ورمى بيديه، ثم قال: حدِّثنا يا رسول الله عنهم من هم؟ قال: فرأيت في وجه النبي البِشْر، فقال: «هم عباد من عباد الله من بلدان شتى، وقبائل شتى من شعوب القبائل لم تكن بينهم أرحام يتواصلون بها، ولا دنيا يتباذلون بها، يتحابون بروح الله، يجعل الله وجوههم نورًا ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس، ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون».
هذه الأخوّة بين المسلمين لا تقوم على أساس الهوية إنما أساسها الإيمان والتقوى والحب في الله.. فماذا فعلنا اليوم بها؟ وماذا غاب عن حياتنا من خير برحيلها؟ لقد ضيّعنا الصديق والجار والخبّاز والنجّار والمؤذن والإمام، والمعلم والفنان، وعامل النظافة والبستاني الذي يزيّن بيوتنا بالأزهار! من بقي لنا؟!
ماذا يحدث؟.. سؤال يطرق رأسي بمطارق من نار؟ لا أحد يمكنه أن يأكل لقمة لم تُكتب له!! لو كنا نؤمن بهذا حقًا لما فرطنا في الأخوّة والمحبّة في الله..!
فهل يعطيني أحدٌ جوابًا على سؤالي: ماذا يحدث؟!
د/ دانية آل غالب