قــرنــاس
18-08-07, 07:15 AM
ياذيب انا بوصيك لاتاكل الذيب
في ذات ليله : كان الأب الشيخ شالح بن هدلان ساهراً مع ابنه الفارس ذيب ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار فقال ابوه :
يا ذيب أنا يابوك حالي تردّى =وأنا عليك من المواجيب يا ذيب
تكسب لي إللي لاقِحٍ عِقب عدّا=طويله النسنوس حرشا عراقيب
تجر ذيلٍ مثل حبل المعــــــــدا=وتبري لحيران ٍ صغار ٍ حباحيب
وأشري لك إللي ركضها ما تقدا=ماحدٍ لقى فيها عيوب وعذاريب
قبا على خيل المعادي تحــدى=مثل الفهد توثب عليهم تواثــــيب
أنا أشهد أنك باللوازم تِســدا=لو حال من دونه عيال ٍ معاطيب
ليث ٍ على درب المراجل مقـدّى=ما فيك يا ذيب السبايا عذاريب
وبعد أن قال والده الأشعار بطريقة المزاح ، أسرها الابن ذيب في نفسه ، وعندما نام والده وأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفيه وركب قلوصه وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه فشدوا وركبوا مع ذيب وعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً ، وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيباً إلى أين نحن ذاهبون ؟ فقال إلى ديار القوم وأشار إلى قبيلة عتيبة ، لن**ب منهم إبلا لأهلنا ، وقال لابد أن آتي لوالدي من خيار إبل عتيبة واستمروا بسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار عتيبة ليستقوا منها ماء ويسقوا رواحلهم ، وهذه البئر تسمى ( ملية ) وهي تقع غرباً عن جبل ذهلان بأواسط نجد وعندما انحدروا إليها من جبل يطل عليها رأوا عليها ورداً لعتيبة يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيله بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه إلى الوادي الذي إنحدر منه ذيب ورفاقه ، باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته إختفى تحت شجرة أطلق عليهم عياراً نارياً فأراد الله أن يصيب ذيباً إصابه مميته.
لقد حلّت كارثة على أبيه الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان ، إنه فقد كل أمل في الحياة : فقد كل ركن على وجه الأرض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الابن البار ، فقد الابن المطيع ، لقد خرّ ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها وودع الإبل وحنينها ، وودع أباه الذي هو بحاجة إلى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع قبيلته قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الابطال ، ودع ذيب نجداً ورياضها ودع غزلان الرئم والارانب وطير الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد إنقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيله التي ضربت أروع مثل ٍ بين الابناء والآباء.
بعد أن سقط ذيب على الارض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا إليه وضموه إلى صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وانهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهم الساخنه ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين إلى أهليهم.
أما الصياد الذي أطلق النار ، فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، إلى أن رأى الركب قد ولى ، فأتى إلى مكانهم ووجد الدم يلطخه ثم عمد إلى ذيب وهو بكهفه وعندما رآه وجده شاباً وسيم الطلعة وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزه فرجع إلى جماعته الذيب يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال إن ركباً من العدى إنحدر من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعين فأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا وما دلك على أنه زعيم ، فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وإن في خنصره خاتماً فضياً ، فقالوا هيا بنا لنراه ، وكانوا من قبيلة برقا أحد جذمي عتيبة ، وكان معهم فتاة قد جلا أهلها منذ سنة إلى قبائل قحطان لأسباب حادثه وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم من عتيبة ، وعندما رأوا ذيباً بالكهف ، ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها ، وقالت ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان ، الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقه ولهذا السبب صحت بأعلى صوتك ، فقالت لا والله لم يكن بيني وبينه أي شيء من هذا ولكنه أكرمنا وأعزنا وأجارنا ، وكان لا يأتي من الفلا إلا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره إلى الارض ثم يضع ما جاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بامرأه من جيرانه وهذه طريقته بالحياة وعليكم أن تسالوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيله .
ما أكبر المصاب على شالح لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم وإن وقع نبأ مصرع إبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولاشك أنه سيتجرّع ويلات الحزن ومرارته ومآسي الفراق ولوعاته ..
إنها كارثه كبرى ليست على شالح فقط بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة قحطان : وقد قال شالح أشعاراً كثيرة بعد وفاة ابنه ، وأول ما قال هذة القصيدة :
ياربعنا ياللي علـى الفطـر الشيـب=عز الله إنـه ضـاع منكـم وداعـه
رحتوا على الطوعات مثل العياسيب=وجيتوا وخليتـوا لقلبـي بضاعـه
خليتـوا النـادر بـدار الأجانـيـب=وضاقت بي الآفاق عقـب اتساعـه
تكـدرن لـي صافيـات المشاريـب=وبالعون شفت الذل عقب الشجاعـه
ياذيب انا بوصيـك لاتاكـل الذيـب=كم ليلـة عشـاك عقـب المجاعـه
كم ليلة عشـاك حـرش العراقيـب=وكم شيخ قوم كزتـه لـك ذراعـه
كفـه بعدوانـه شنيـع المضاريـب=ويسقي عدوه بالوغى سـم ساعـه
ويضحك ليا صكت عليـه المغاليـب=ويلكد على جمـع العـدو باندفاعـه
وبيته لجيرانه يشيد علـى الطيـب=وللضيف يبني في طويـل الرفاعـه
جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب=وافخت حبل الوصل عقب انقطاعـه
كني بعد فقـده بحامـي اللواهيـب=وكني غريب الـدار مالـي جماعـه
من عقب ذيب ، الخيل عرج مهاليب=ياهل الرمك ماعـاد فيهـن طماعـه
قالوا تطيب وقلت : وش لون اباطيب=وطلبت من عنـد الكريـم الشفاعـه
أرجوا أن تنال ‘عجابكم
في ذات ليله : كان الأب الشيخ شالح بن هدلان ساهراً مع ابنه الفارس ذيب ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار فقال ابوه :
يا ذيب أنا يابوك حالي تردّى =وأنا عليك من المواجيب يا ذيب
تكسب لي إللي لاقِحٍ عِقب عدّا=طويله النسنوس حرشا عراقيب
تجر ذيلٍ مثل حبل المعــــــــدا=وتبري لحيران ٍ صغار ٍ حباحيب
وأشري لك إللي ركضها ما تقدا=ماحدٍ لقى فيها عيوب وعذاريب
قبا على خيل المعادي تحــدى=مثل الفهد توثب عليهم تواثــــيب
أنا أشهد أنك باللوازم تِســدا=لو حال من دونه عيال ٍ معاطيب
ليث ٍ على درب المراجل مقـدّى=ما فيك يا ذيب السبايا عذاريب
وبعد أن قال والده الأشعار بطريقة المزاح ، أسرها الابن ذيب في نفسه ، وعندما نام والده وأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفيه وركب قلوصه وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه فشدوا وركبوا مع ذيب وعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً ، وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيباً إلى أين نحن ذاهبون ؟ فقال إلى ديار القوم وأشار إلى قبيلة عتيبة ، لن**ب منهم إبلا لأهلنا ، وقال لابد أن آتي لوالدي من خيار إبل عتيبة واستمروا بسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار عتيبة ليستقوا منها ماء ويسقوا رواحلهم ، وهذه البئر تسمى ( ملية ) وهي تقع غرباً عن جبل ذهلان بأواسط نجد وعندما انحدروا إليها من جبل يطل عليها رأوا عليها ورداً لعتيبة يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيله بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه إلى الوادي الذي إنحدر منه ذيب ورفاقه ، باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته إختفى تحت شجرة أطلق عليهم عياراً نارياً فأراد الله أن يصيب ذيباً إصابه مميته.
لقد حلّت كارثة على أبيه الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان ، إنه فقد كل أمل في الحياة : فقد كل ركن على وجه الأرض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الابن البار ، فقد الابن المطيع ، لقد خرّ ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها وودع الإبل وحنينها ، وودع أباه الذي هو بحاجة إلى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع قبيلته قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الابطال ، ودع ذيب نجداً ورياضها ودع غزلان الرئم والارانب وطير الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد إنقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيله التي ضربت أروع مثل ٍ بين الابناء والآباء.
بعد أن سقط ذيب على الارض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا إليه وضموه إلى صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وانهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهم الساخنه ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين إلى أهليهم.
أما الصياد الذي أطلق النار ، فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، إلى أن رأى الركب قد ولى ، فأتى إلى مكانهم ووجد الدم يلطخه ثم عمد إلى ذيب وهو بكهفه وعندما رآه وجده شاباً وسيم الطلعة وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزه فرجع إلى جماعته الذيب يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال إن ركباً من العدى إنحدر من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعين فأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا وما دلك على أنه زعيم ، فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وإن في خنصره خاتماً فضياً ، فقالوا هيا بنا لنراه ، وكانوا من قبيلة برقا أحد جذمي عتيبة ، وكان معهم فتاة قد جلا أهلها منذ سنة إلى قبائل قحطان لأسباب حادثه وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم من عتيبة ، وعندما رأوا ذيباً بالكهف ، ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها ، وقالت ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان ، الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقه ولهذا السبب صحت بأعلى صوتك ، فقالت لا والله لم يكن بيني وبينه أي شيء من هذا ولكنه أكرمنا وأعزنا وأجارنا ، وكان لا يأتي من الفلا إلا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره إلى الارض ثم يضع ما جاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بامرأه من جيرانه وهذه طريقته بالحياة وعليكم أن تسالوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيله .
ما أكبر المصاب على شالح لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم وإن وقع نبأ مصرع إبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولاشك أنه سيتجرّع ويلات الحزن ومرارته ومآسي الفراق ولوعاته ..
إنها كارثه كبرى ليست على شالح فقط بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة قحطان : وقد قال شالح أشعاراً كثيرة بعد وفاة ابنه ، وأول ما قال هذة القصيدة :
ياربعنا ياللي علـى الفطـر الشيـب=عز الله إنـه ضـاع منكـم وداعـه
رحتوا على الطوعات مثل العياسيب=وجيتوا وخليتـوا لقلبـي بضاعـه
خليتـوا النـادر بـدار الأجانـيـب=وضاقت بي الآفاق عقـب اتساعـه
تكـدرن لـي صافيـات المشاريـب=وبالعون شفت الذل عقب الشجاعـه
ياذيب انا بوصيـك لاتاكـل الذيـب=كم ليلـة عشـاك عقـب المجاعـه
كم ليلة عشـاك حـرش العراقيـب=وكم شيخ قوم كزتـه لـك ذراعـه
كفـه بعدوانـه شنيـع المضاريـب=ويسقي عدوه بالوغى سـم ساعـه
ويضحك ليا صكت عليـه المغاليـب=ويلكد على جمـع العـدو باندفاعـه
وبيته لجيرانه يشيد علـى الطيـب=وللضيف يبني في طويـل الرفاعـه
جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب=وافخت حبل الوصل عقب انقطاعـه
كني بعد فقـده بحامـي اللواهيـب=وكني غريب الـدار مالـي جماعـه
من عقب ذيب ، الخيل عرج مهاليب=ياهل الرمك ماعـاد فيهـن طماعـه
قالوا تطيب وقلت : وش لون اباطيب=وطلبت من عنـد الكريـم الشفاعـه
أرجوا أن تنال ‘عجابكم