![]() |
من أحكام اللباس
[align=center]
من أحكام اللباس بقلم: عبد الله الإسماعيل من قواعد الشريعة المقررة: أن الأصل في الألبسة الحل، ما لم يرد دليل المنع (1)، والأدلة على هذا الأصل كثيرة، مـنـهـــا قوله (تعالى): ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً)) [البقرة: 29] ، وقوله (تعـالـى): ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)) [الأعراف: 32]. فيكون البحث إذن فيما نهى عنه الشرع فيجتنب ، وما عداه فيبقى على أصل الإباحة. ما نهى عنه الشرع من الألبسة: أولاً: ما فيه تصاوير ذوات الأرواح وتـصـالـيـــب: ويكثر في ألبسة النساء والأطفال، وهذه يحرم بيعها وشراؤها ولبسها ، إلا بشرط الطمس أو الإزالة. والأدلة على هذا كثيرة ، ومنها: 1- عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قـــال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: »إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون«(2). 2- عن عائشة (رضي الله عنها) أنها اشترت نمرقة (3) فيها تصاوير ، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يدخل ، فقلت: أتوب إلى الله ، ماذا أذنبت؟! قال: ما هذه النّمْرقة؟ قلت: لتجلس عليها وتوسدها ، قال: إن أصحـاب هذه الصّور يعذبون يوم القيامة ، يُقال لهم: أحيوا ما خلقتم ، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه الصورة«(4). 3- عن عائشة (رضي الله عنها) أن النبي -صلى الـلــه عليه وسلم- لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه«(5). ثانياً: الإسبال: طول الثوب للرجل له أربع حالات: الحالة الأولى: أن يكون سنّة ، وهو نصف الساق. الحالة الثانية: أن يكون مباحاً ، وهو ما دون نصف الساق إلى الكعبين (الكعب: العظم النّاتئ عند ملتقى الساق والقدم). الحالة الثالثة: أن يكون حراماً ، وهو ما أسفل من الكعبين. الحالة الرابعة: أن يكون أشد حرمة ، وهو أن يجرّه خيلاء. ودلـيـــل هذا التفصيل: حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً: »إزْرَة المؤمن إلى نصف الساق ، ولا حرج فيما بينه وبين الكعبين ، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ، من جرّ إزاره بطراً لم ينظر الله إليه« (6). وفي هذا الحديث تفصيل للحالات الأربع السابقة ، وفيه أيضاً: أن الإسبال محرم وإن كان بدون خـيلاء ، بل عدّه النبي -صلى الله عليه وسلم- من الخيلاء ، فقال لجابر بن سليم (رضي الله عنه): »إياك والإسـبــال؛ فإنها من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة« (7). وبقيت حالة لم تذكر في الحالات الأربـــع؛ وهي وضع الإزار على الكعبين ، وهي صورة محرّمة؛ لقوله: »موضع الإزار إلى أنصاف الـسـاقين والعَضَلَة ، فإن أبيت فمن وراء الساق ، ولا حقّ للكعبين في الإزار« (8). وهــذا الحكم خاص بالرجال كما تقدم ، أما النساء: فالإسبال في حقهن مشروع؛ لحديث ابن عمر (رضي الله عنهما) ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : »من جرّ ثوبه من الـخـيـــــــلاء لم ينظر الله إليه« ، قالت أم سلمة: يا رسول الله ، فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ ، قال: »ترخينه شبراً« ، قالت: إذن تنكشف أقدامهنّ ، قال: »ترخينه ذراعاً ولا تزدن عليه«(9). ثالثاً: ثياب الحرير على الرجال: والأدلــــــة عليه كثيرة ، ومنها: حديث أنس (رضي الله عنه) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: »من لبس الحرير في الدينا فلَنْ يلْبسه في الآخرة« (10). ويجوز عند الحاجة ، كالأمراض الجلدية ، فعن أنس (رضي الله عنه) قال: »رخّص النبي للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحكة بهما«(11). ويجوز أيضـــاً إذا كان قليلاً: كرقعة في الثوب ، أو تطريز ، أو في أطراف الثوب.. ونحو ذلك ، بشـــرط ألا يزيد عرضه عن أربع أصابع ، فعن سويد بن غَفَلة أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية ، فقال: نهى نبي الله عن لبس الحرير ، إلا موضع أصبعين ، أو ثلاثٍ، أو أربع«(12). وعن أبي عثمان النهدي، قال: »أتانــا كتاب عمر ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان ، أن رسول الله نهى عن الحرير إلا هكذا، وأشار بأصبعيه اللتين تليان الإبهام ، قال فيما علمنا أنه يعني الأعلام«(13). رابعاً: كل ما فيه إسراف ومخيلة: عن عـبــــد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : »كلوا، واشربوا، وتصدقوا ، والبسوا من غير إسراف ولا مخيلة«(14). ولعلّ من أبرز مظاهر الإسراف في اللباس: مــا يـحـصـــل مـــن كثير من النساء في حفلات الأعراس ، ونحوها. خامساً: ما فيه تشبه بالكفار ، أو تشبه بالفساق: لقوله (عليه الصلاة والسلام): »من تشبّه بقوم فهو منهم« (15). والأمثلة على التشبه كثيرة في واقعنا ، ومنها: المثال الأول: ما يسمى بالموضات ، وهي تشبّه بالكفار ـ إن كانت قادمة من الغرب ونحوه ـ أو تشبه بالفساق ، سواء أكان في الثياب أو غيره ، وكذا قصات الشعر... إلخ. ومن الموضات التي انتشرت قريباً: لبس البنطال للنساء ، ولو سلمنا بأن ليس فيه تشبه ، فإن المحاذير التي توجب منعه إذا لبسته المرأة أمام النساء أو محارمها من الرجال ـ غير الزوج ـ كثيرة... مـع الـتـذكـيـــر بأن شكل البنطال كان واسعاً فضفاضاً في بداية تقديمه إلى المسلمين؛ حتى يتقبلوه ويـكـســــروا حاجز التردد والحياء في لبسه ، ثم لم نلبث إلا وقد امتلأت الأسواق بأنواع كثيرة من البناطيل الضيقة،التي استساغ لبسها بعض النساء ـ مع الأسف الشديد ـ، فحذار حذار أيتها المؤمنة وأيها الغيور أن نتورط في شراك الشيطان ، وحبائل أهل الشرّ. المثال الثاني: لبس الدبلة عند الخِطبة أو عقد الزواج ، فهو تشبه ظاهر بالنصارى. المثال الثالث: ثوب العروس الأبيض، ذو الطرحة البيضاء، وقــد الـتــزمه عــدد كبير من الناس ، وهي من عوائد الغرب المستوردة. سادساً: ما فيه تشبه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال: لحــديــث ابن عباس (رضي الله عنهما) مرفوعاً: »لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال« (16). سابعاً: ثوب الشهرة: وهو ما قصد به الترفع الخارج عن العادة ، أو التواضع والتخفض الخارج عن العادة (17) ، لقوله: »من لبس ثوب شهرة في الدنيا ، ألبسه الله ثوب مذلّة يوم القيامة ، ثم ألهب فيه ناراً« (18). ثامناً: المشي بنعل واحدة: لحديث أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: »لا يمشِ أحدكم في نعل واحدة ، ليُحفهما أو ليُنعلهما جميعاً«(19). ومن المناسب هنا ذكر بعض السنن المتعلقة بلبس النعل: الأولى: مــا جاء في حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: »إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين ، وإذا انتزع فليبدأ بالشمال ، لتكن اليمنى أولهما تنعل ، وآخرهما تنزع«(20). الثانية: الصلاة في النعال: سُئل أنس بن مالك: »أكان النبي يصلي في نعليه؟ قال: نعم«(21) ، وثبت من حديث شداد بن أوس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: »خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم«(22) ، ولم يكن من هديه (عليه الصلاة والسلام) المداومة على لبس النعلين في الصلاة ، لحديث عبد الله بـن عـمــــرو (رضي الله عنه) ، قال: »رأيت رسول الله يصلي حافياً ومنتعلاً«(23)، ومــن المناسب: تقييد هذه السنّة بعدم الإيذاء ، كما في المساجد المفروشة اليوم. الثالثة: أن يحتفي أحياناً؛ فعن عبد الله بن بريدة (رضي الله عنه) عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: »كان النبي يأمرنا أن نحتفي أحياناً«(24). تاسعاً: التختم بالذهب(25) والحديد للرجال: عن أبي هريـــرة (رضي الله عنه) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : »أنه نهى عن خاتم الذهب«(26) ، وعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) أن النبي نهى عن خاتم الذهب ، وعن خاتم الحديد«(27). أما قول الـنـبي -صلى الله عليه وسلم-: »اذهب فالتمس ولو خاتماً من حديـــد«(28): فلا دليل فيه على جواز لبس الخاتم للرجال ، لأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جــــواز اللبس (29) ، وإنما فيه جوازه للنساء. أما خاتم الفضة: فجائز للرجال ، ويسن عند الحاجة إليه كالقاضي الذي يحتاج إلى خاتم ، والدليل: حديث أنس (رضي الله عنه): »أن النبي أراد أن يكتب إلى رهط ـ أو ناس ـ من الأعــاجـم فـقـيـل له: إنهم لايقبلون كتاباً إلا عليه خاتم ، فاتخذ النبي خاتماً من فضة، نقشه: محمد رسول الله« (30). والسنّة: أن يوضـــــع في الخنصر من اليد اليمنى أو اليسرى ، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن وضعه في الموحِّدة (السبابة) والوسطى ، أما البنصر فمسكوت عنه ، فيبقى على أصل الإباحة ، والأدلة على ذلك: 1- عن أنس (رضي الله عنه) قال: صنع النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتماً ، قال: إنا اتخــذنا خاتماً ونقشنا فيه نقشاً، فلا ينقشن عليه أحد، قال: فــإنــي لأرى بـريـقــه فـي خنصره«(31). 2- ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في عدد من الأحــــاديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وضع الخاتم في اليمنى ، وفي أحاديث أخرى أنه وضـعـــه في اليسرى ، وقد اختلف أهل العلم في طريق الجمع بينها ، ولعل أقرب المسالك جواز الأمـريــن(32). ومن تلك النصوص: أ- حديث أنس (رضي الله عنه) ، قال: »كان خاتم النبي في هذه ، وأشار إلى الخنصر من يده اليُسري« (33). ب- عن علي (رضي الله عنه): »أن النبي كان يتختم في يمينه«(34). 3- عــن علي (رضي الله عنه) قـال: »نهاني رسول الله أن أتختم في إصبعي هذه أو هذه ، قال: فــأومـــأ إلـى الـوسـطــى والتي تليها«(35) ، وعن أبي داود التصريح بذكر الوسطى والسبابة(36). وصلِّ اللهم على نبينا محمد وآله وسلم. الهوامش : 1) انظر: القواعد والأصول الجامعة ، لابن سعدي ، ص 33. 2) أخرجه البخاري ، ح/5950 ، ومسلم ، ح/2109. 3) والجمـع نمـارق ، وهي الوسائد التي يصف بعضها إلى بعض ، وقيل الوسـادة التي يجلس عليها ، انظـر الفتح ، 10/403. 4) أخرجه البخاري ، ح/5957. 5) أخرجه البخاري ، ح/5952. 6) صحيح سنن أبي داود ، ح/3449 ، وقال النووي: »إسناده صحيح« (المجموع ، 3/183). 7) صحيح سنن أبي داود ، ح /3442 ، وصححه النووي (رياض الصالحين ، ص 312). 8) صحيح سنن النسائي ، ح/4922. 9) صحيح سنن النسائي ، ح /4929. 10) أخرجه البخاري ، ح /5832. 11) أخرجه البخاري ، ح /5839. 12) أخرجه مسلم ، ح/ 2069. 13) أخرجه البخاري ، ح/5828 ، وهو يكون في الثياب من تطريف وتطريز.. ونحوهما ، الفتح 10/298. 14) صحيح سنن النسائي ، ح/2399. 15) صحيح سنن أبي داود ، ح/3401 ، وجوّد إسناده ابن تيميّة ، وحسنه ابن حجر. 16) أخرجه البخاري ، ح/ 5885. 17) انظر مجموع الفتاوى ، 22/138. 18) صحيح سنن ابن ماجة ، ح/2906. 19) أخرجه البخاري ، ح/5856 ، ومسلم ، ح/2097. 20) أخرجه البخاري ، ح/5855. 21) أخرجه البخاري ، ح /386. 22) صحيح سنن أبي داود ، ح/ 607. 23) صحيح سنن ابن ماجة ، ح/850. 24) صحيح سنن أبي داود ، ح/ 3506. 25) وصح عن النبي تحريم الذهب على الرجال ، سواء أكان في خاتم أو سلسال ، أو في ساعة أو نظارة أو قلم أو مفتاح.. أو غير ذلك. 26) أخرجه البخاري ، ح /5864. 27) السلسلة الصحيحة ، ح/ 1242. 28) أخرجه البخاري ، ح /5871. 29) انظر: الفتح ، 10/ 336. 30) أخرجه البخاري ، ح/5872. 31) أخرجه البخاري ، ح/ 5874. 32) انظر: الفتح ، 10/339. 33) أخرجه مسلم ، ح/2095. 34) صحيح سنن أبي داود ، ح/ 3558. 35) أخرجه مسلم ، ح/2078. 36) صحيح سنن أبي داود ، ح /3556. [/align] |
رد: من أحكام اللباس
باركـــ الله فيك أختِ صفاء على التوضيحات المفيده،
وجزاكـــ الله عنا خير الجزاء تحيتي |
رد: من أحكام اللباس
اقتباس:
حياك الله وبارك فيك تقديري |
الساعة الآن 12:17 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL