الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد

قبل ثماني سنوات تقريبا وقفت أمام جهاز الصراف في اسطنبول وقمت بسحب مليار ليرة بالتمام والكمال ووضعت المليار في جيبي العلوي وبدأت أذرع الشارع جيئة وذهابا وكلي أمل أن أتعرض للسرقة كي تكتب الصحف في اليوم التالي: (سرقة ملياردير سعودي في شارع الاستقلال) ولكن يبدو أن المليار البائس الذي يوضع في الجيب العلوي لا يلفت انتباه أحد.
وحين أعلنت ميزانية الخير قبل أيام قليلة شعرت بفرح غامر وأبهجتني أرقامها التي أثبتت متانة اقتصادنا في فترة يمر بها الاقتصاد العالمي بأسوأ حالاته, وكان رقم (الترليون وميه) مبعثا للثقة والاطمئنان فكل مواطن يشعر اليوم أنه (ترليونير) لأنه سوف يستفيد من هذه الأموال من خلال الخدمات التي تقدمها الدولة له.
وقبل يومين فقط ذهب زميل (ترليونير) إلى أحد المراكز الصحية الحكومية في مدينة جدة لعلاج ابنته فكتب له الطبيب ثلاثة أدوية (الروشتة لاتزال في جيبه) وحين وصل صاحبنا إلى الصيدلية لم يصرف له الصيدلي سوى مخفض للحرارة, وحين سأله زميلنا عن الدواءين الآخرين قال له الصيدلي إنها (مقطوعة).
دخل صاحبنا في نقاش طويل عريض مع الصيدلي ولكن هذا الأخير أكد له أن عددا كبيرا من الأدوية غير موجود في مستودعات وزارة الصحة منذ سنتين ثم حسم النقاش بالجملة الذهبية الشهيرة: (إذا موعاجبك روح اشتكي على وزير الصحة) , وإذا كان هو الحال في المراكز الصحية الموجودة في مدينة جدة فإننا لن نحتاج إلى خيال واسع كي نعرف واقع المراكز الصحية في ضمد وخيبر ودومة الجندل.
لقد حمل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الوزراء المسؤولية خلال إعلان الميزانية وقال لهم: (لاعذر لكم), ونحن نناشد وزير الصحة أن يلتفت إلى هذا الواقع الغريب في مراكز الرعاية الصحية, ونتمنى لو شكل لجنة لمراجعة أحوال مستودعات الأدوية وتوفير النواقص فأهم شيء في الرعاية الصحية المجانية هو توفير الدواء وإلا تحولت هذه المراكز إلى مراكز (تشخيص) فقط, أما بخصوص صاحبنا فقد وجد هذه الأدوية (المقطوعة) في أقرب صيدلية تجارية صادفها بعد خروجه من مركز التشخيص.
بقلم خلف الحربي