الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد

الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد (https://www.alhowaitat.net/index.php)
-   منتدى القصص والروايات (https://www.alhowaitat.net/forumdisplay.php?f=21)
-   -   أسماها (حصار) (https://www.alhowaitat.net/showthread.php?t=17757)

أبوسليم 26-01-09 09:56 PM

أسماها (حصار)
 
أسماها (حصار)
منار مجدي الصافوري


ككل الأمهــات تنتظر مولودتها بصبر وشوق؛ فهي الأولى بعد خمسة من البنين.
ها هي تتجاوز منتصف الشهر التاسع.. عادت بها ذاكرتها يوم علمت بخبر قدوم صغيرتها إلى الدنيا مع أول بـاب يُغلَق على (غزة) معلناً أن كل من فيها «كيان معادٍ».
في كـل مرة تمنِّي نفسها أن تستيقظ لتجد هذا الغمام قد انزاح؛ لتستقبل مولودتُها دنيا أخرى تختلف عمَّا قُدِّر لهم أن يحيوها.. دنيا بعيدة عن ظلم القوي وهوان الضعيف.
تتغافل عن نظرات صغارها الخمسـة المثقلـة بالألم المكبوت؛ كيلا يزيدوا الهمَّ على والدهم.
قطع سيل تأمُّلاتها صوتُ زوجها القادم من الجامعة حيث يعمل أستاذاً مساعداً.. للحظة تأسفت على حال من يجلسون النهار بطوله بلا عمـل.. فحالُ (القطاع) كل يوم من سيِّئ إلى أسوأ.
قبَّل رأسهـا:
- كيف حالُكِ اليوم؟
- بخير.. لا تقلق؛ فإن أتتني آلام المخاض فجارتنا أم سعيد طبيبة وسوف ترعاني كما عودتنا دائماً.
- بارك الله لها في بنيها.. أتعبناها كثيراً.
- آمين.. سأضع لك الغداء.
وكما كل يوم يمر أوت زهراء إلى فراشها لتنام بينما عكف زوجها على أوراق الطلبة يصحِّحها.
- ارأفْ بهم في التصحيح يا أبا معاذ! فأنت تعلم كم هي الظروف صعبة على الجميع.
تبسَّم قائلاً:
- ألا يوجد أحد لا تقلقين عليه؟ ارتاحي الآن ولا تحملي همَّاً!
- هشام! - أبو معاذ - ماذا سنسمِّيها؟
عدَّل من وضعيَّته وقال: من تقصدين؟
- الطفلة.
- أفكِّر في (منى).. كان اسمَ أختي الصغيرة التي توفِّيت عندما كنتُ في العاشرة.. كنت أحبها كثيراً.
- رحمها الله.. ما رأيكَ في اسم (غيث)؟
قال متبسماً: إنه أقرب إلى أسماء البنين يا زهراء!
- لا بأس؛ سنجد اسماً.. سأنام الآن.. تصبح على خير.
- وأنت من أهل الخير..
رمقها هنيهة بصمت ثم عاد إلى عمله.
في اليوم التالي كان في الجامعة يسلم أوراق الطلبة عندما جاءه اتصال من جارته أم سعيد.
- زهراء تضع مولودتها يا أبا معاذ! تعالَ بسرعة.
هرول بعد أن اعتذر من زملائه.
وصل إلى منزله، حيث تفضِّل زهراء أن تضع بنيها فيه.
حمل الطفلة بين يديه..
سكب دمعاً..
شكر رباً..
أذَّن وأقام..
ثم علت أصوات القذائف.. كل شيء تغيَّر كما البرق. جاءه ابنه الأوسط «محمد» محمولاً ينزف بغزارة..
وَدَع الفتاة لأمها.. وخرج مسرعاً تجاه المشفى..
وكان قدر الله أسبق.. فغــادرت روحٌ صغيــرةٌ الحيــاةَ بين يديه..
جُنَّ الليل.. عاد مثقلاً إلى منـزله بعدما صلى على الصغير ودفنه.. حاولت الأم المكلومة التخفيف عنه.. ثم أردفت آيات الصبر وعبارات السلوى قائلة: ألا زلت عند قولك؟
- أي قول؟
- ستسمِّيها (منى)؟
رفع رأسه ناظراً إلى طفلته والدموع تختنق في عينيه..
- بل أسمِّيها (حصار)!


الساعة الآن 01:57 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL