![]() |
قصه نثرية للدكتور فيصل الحداد
((زيــــــــارة))
سمع د. فيصل مفتاح الحداد أن ابن الدكتور حسن عباس ويدعى مراد ، قد أصيب في حادث سيارة ، فذهب الشاعر ليعوده ( يسكن في برج العرب ) وبعد زيارته له ، كتب للدكتور عبد الرحيم يروي له التفاصيل بأسلوب مسجّع كأسلوب المقامات مداعباً له: شيخي الجليل الفاضل ، زهو المجالس والمحافل ، الدكتور عبد الرحيم . بسم الله الرحمن الرحيم توجهت ـ أبقاك الله ـ إلى الإسكندرية في رفقة طنطاوية في يوم أحر من الجمر وأشد من الكر ، وأصعب من الفر ،يوم القتال المر ، فكاد الهواء أن يشتعل ، والنور أن ينفعل ، مما جنته الشمس على الحواس الخمس ، وأخذت أجد السير وأستعجل الغير حتى كادت السيارة أن تطير ، وتسلك مسالك الطير ، وتناهى دولابها السريع ، وصوتها المريع ، ولم تزل تسير جهدها ، ويمسح الأرضَ خدُّها حتى أوقفتنا ،وعلى أرض المدينة وضعتنا ، وطلبت إذ ذاك برج العرب ، وأخذت أجد في الطلب ، كالباحث عن الذهب ، فإذا هو بنواحي الغرب ، فقلَّتنا من فورنا المراكب ، وتشعبت بنا المذاهب ،وأخذ مكانَه كلُّ راكب ، وانطلق بنا السائق ، وكأنه السهم المارق ، وما زال بين خفض وارتفاع ، ونجد واتضاع ، وجهد فوق المستطاع ، حتى بلغناه بعد كد ، ونزلناه بعد جهد ، وقد جزنا مظلمات الحنادس ، وترهات البسابس ، سرنا وقد جلدنا بسوطه التعب ، ووخزنا برمحه النصب ، فكان وصولنا إلى ذلك البرج ، إيذاناً بالفرج ، ورفعاً للحرج ، أحسن من دوام النعمة ، ومن فرحة إثر غمة ، فقلت : صدق والله القائل : فألقت عصاها واستقر بها النوى كما قرَّ عيناً بالإياب المسافر وأخذت في السؤال عن البيت ، والاستفهام عن كيت وكيت ، حتى أرشدت إليه ودللت عليه ، وإذ ذاك حملوني ، وعند الدار أوقفوني ، وإذا بأحد الكلاب قد ارتقى الأسوار ، وأخذ في النباح على مشارف الدار ، فأرعبني بنباحه ، وأذهلني بصياحه ، فما كان إلا كحسو طائر ، أو لمعة برق سائر ، حتى اتضحت العلامة ، فقد أشرف وجه أسامة ، وما وقفنا غير يسير ، حتى كاد من فرحته يطير ، وعلم أننا عوَّاد جئنا لأخيه مراد ، فاستدعى من وقته أباه ، ونادى من فوره أخاه ، وأخذنا في العناق ، وبث الأشواق ، والحديث عن الفراق ، وهنأنا مراد بالسلامة وخصصناه بالملامة ، على ما كان من إسراعه ، وشدة اندفاعه ،وقلنا : يبدو أن نصيحة والديك لم تؤت ثمارها فيك ، وكما قال القائل يا ابن أخي : وخير الأمر ما استقبلت منه وليس بأن تتبعه اتباعا ومعصية الشفيق عليك مما يزيدك مرة منه استماعا ولقد صدق الذي يقول : فما حسن أن يعذر المرء نفسه وليس له من سائر الناس عاذر وكما قيل : إذا ضيعت أول كل أمر أبت أعجازه إلا إلتواءَ وقلت في نفسي : ولمَ كل هذا اللوم ؟ فلعله مظلوم ، أو جرى بذلك المقسوم ، وإنما الأمر كما قال الشاعر : تأن ولا تعجل بلومك صاحباً لعل له عــذراً وأنــت تـــلـوم ولذلك قطعت حبال اللوم ، وأقبلت بوجهي على القوم ، وقلت : الحمد لله الذي نجـــى لنا من فضله هذا الهمام فعادا وتجددت في كل بيت فرحة قــد سلم الله العظيم مرادا فدعا لي بالبقاء ، وكساني حلل الثناء ، ومنحني من جليل شكره ، وعظيم ذكره وقد كان الفتى حريصاً على العلم ، ومن شابه أباه فما ظلم ، ولله در القائل : أرى كل عـــــــود نابتاً في أرومة أبى منبت العيدان أن يتغيرا بنو الصالحين الصالحون ومن يكن لآباء صدق يلقهم حيث سيرا ثم أقبل علينا الشيخ الوقور ، وجعل بيننا يدور ، بطلعته الزاهرة ، وصورته الباهرة ، وكأنه الموج الهادر ، أو الأسد الخادر ، وما شك أننا أتينا لنعود ،فغمرنا بأمطار الجود ، والقول المحمود ، ونلنا من بنات شفتيه ، وفيض يديه ، ما كنا في حاجة إليه ، وما زلنا في حديث مراد ، وكيف غاب وعاد ، حتى تاقت نفسه للعلم ، واشتاقت لمسالك السلم ، فأمسك بطوق القلم ، وما انفك بكفه يعليه ، وينشره ويطويه ، حتى أخذنا عنه أشياء ، وحدثنا بأنباء ، ولله در القائل : وقل من جدَّ في أمر يحاوله فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر فقلت وقد ارتاحت نفسي ، وعاودني فرحي وأنسي ، سأذكر ها هنا حاجتي ، حتى تبيض دجاجتي ، فقلت على البديهة ، وقد نشطت القريحة : قلت وقد مسني من بؤسه الزمــن والقـــــوت في رحـم الأيام مرتهن أطلق سراحي وقيت السوء من قدر ونـالـك الخــيــــر والنعماء والمنن يا حسن المنـتـضـى في كـل حادثة يا حسن المرتجى للخير يا حسن وإذ ذاك يا شيخي الجليل ، وجدت في وجهه الارتياح ، وعلائم الانشراح ، ودلائل الانفتاح ، فقلت : هذا من فضل ربي ، وقد فرج كربي ، فهو لذلك حسبي ونعم الوكيل . ابنك ذو الوداد /فيصل الحداد أعجبتني فنقلتها لكم |
رد: قصه نثرية للدكتور فيصل الحداد
تستاهل النقل بصراحه
وما اروع الكتابات التي مثلها ..... تسلم اخوي عبدالله |
رد: قصه نثرية للدكتور فيصل الحداد
مشكووووور اخووووي
عزوز على مروركـــ دمت بود |
رد: قصه نثرية للدكتور فيصل الحداد
لك خالص شكري وتقديري يا عبدالله الموسي على النقل الموفق
لهذا الوصف الرائع لموقف مؤثر |
رد: قصه نثرية للدكتور فيصل الحداد
الأخ العزيز الطلياني
شكراً لمروركـ الرائع دمت بود |
الساعة الآن 12:07 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL