![]() |
هل ألمك في أملك؟!
هل ألمك في أملك؟! محبرة الداعي ( لـُجينيات ) كم من إنسان آلامه في آماله وكم من آمال انبعثت من الآلام , وكم من حرف جرَّ حتفاً وكم من حتفٍ أعقبه فتحاً لأمة ! جلس على الأرض وأمسك بالقلم ؛ يا ترى عن أي شيء سيكتب ؟! جرى قلمه فخط : يُقال إن الأماني رؤوس أموال المفاليس ! وقيل أيضاً الشيء الذي لا تخسر فيه ولا تدفع فيه مالاً هو الحلم ! وهذا ما سمعه في صغره ولا زال من أحد الدعاة الخليجيين وأحد كبار مثقفي العالم العربي وأشدهم نهماً للقراءة . بين هذا وذاك , هل يحسن بالإنسان أن يحلم كما يقال أم إن أحلامه ضياع للوقت واحتفاظ بذكرى يضحك منها بعد زمن وقد يتألم بسببها ويحقر نفسه ؟! لاشك أن الحلم نعمة من الله ؛ فكم من إنسان كان متنفسه في أحلامه , فهو يعيش حياة افتراضية يعوض بها ما ينقصه في واقع حياته لو لم يعشها لعسعس ليله ولم يتنفس صباحه ! الحياة مليئة بالمتاعب لذا يلجأ البعض إلى هذه الأحلام ليهنأ ولو لبعض الوقت بالسعادة والاطمئنان ! لذا كانت الجنة أعظم نعيم ؛ لأن الكدر لا مكان له فيها . بيْد أنَّ الإكثار منه له آثاره فالحلم للحياة كالملح للطعام , لا يمكن أن يزاد فيه , ومن عجيب الموافقات أن مادة الحلم هي مادة الملح - أي نفس الأحرف التي تتكون منها الكلمة - فكأنه يقول ليس هناك ما هو شر محض فإذا كانت حياتك ملحاً لا يطاق فعليك بالحلم فإنه لها دواء ! في الحقيقة الحلم لا مشكلة فيه بل المشكلة في الحالم إن كانت هناك مشكلة ! كيف ذلك ؟! الحلم إن تبعه عمل فهو إيجابي وقد يتحقق وشواهد هذا في الماضي والحاضر – ولن أستدل بسنة؛ لأن أخبارها وحي من الله – كان عمر رضي الله عنه يسأل الله الشهادة في سبيله في المدينة وكان بعض الصحابة يتعجبون منه وحقَّ لهم ذلك ؛ كيف تريد الشهادة وشمس الإسلام قد أشرقت في فارس والروم ؟! فكان يقول : أنا سألتها وعلى الله الإجابة ! فالشهادة أمنية , والسؤال والدعاء عمل ؛ وقد تحقق ! كذلك عمر بن عبد العزيز اشتاقت نفسه للزواج من امرأة فنكحها وتاقت للإمارة فنالها ثم للخلافة فحازها , ثم للجنة وعسى أن يكون قد بلغها . وقد جلس أربعة من الأخيار بجوار الكعبة فقال قائلهم : ليتمن كل واحد على الله ما يحب ! فقال ابن الزبير : أمنيتي أن أملك الحجاز وأن أنال الخلافة ! وقال أخوه مصعب : أمنيتي أن أملك العراقين ! وقال عبد الملك بن مروان : أمنيتي أن أنال الخلافة بعد معاوية !! وقال عروة وكان رابعهم : أمنيتي أن أكون عالماً عاملاً يأخذ الناس على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله وسلم . فكان لكل واحد منهم أمنيته بعد أن عمل لتحقيقها . وأعجب من ذلك خبر الثلاثة الذين عرفوا بالحمّارين عندما جلسوا وسأل أحدهم عن أمانيهم ؟! فضحكوا فقالوا : ما أمنيتك أنت ؟ فقال : أمنيتي أن أكون حاكماً للأندلس ! فضحكا فقال أحدهما: أنا أمنيتي إذا حكمت الأندلس أن تجعلني كبير الحمارين ! وقال الآخر ساخراً : اجعلني على حمار بالمقلوب وطف بي البلاد ليضحك الناس !! فتحققت أمنيته بعد أن عمل لها ونال الأول منصبه وضحك الناس على الآخر ! وأعظم من ذلك من كان حلمه أن يكون عالماً فكان ذلك ؛ فقد سئل ابن خزيمة رحمه الله عن العلم من أين أوتيته ؟ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ماء زمزم لما شرب له " وإني لما شربت سألت الله علماً نافعاً . فأتبع الأمنية العمل ! وكذلك والد الإمام المقرئ ابن الجزري فلما طال به العمر ولم يرزق بالولد حج وشرب زمزم لولد عالم فرزقه الله بابن الجزري . وقد تتمنى شيئاً فيكتب الله لك أجر تحققه ولو لم تعمل فيه ! لا أحد يجهل صحيح البخاري ومكانته في الأمة وأنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى ؛ سبب تأليفه ما حكاه البخاري بقوله : كنا عند إسحاق بن راهويه فقال : لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح ! هذا في الماضي وفي الحاضر بعض رؤساء الدول كانت الرئاسة حلمهم فنالوها وهناك غيرهم في شتى مجالات الحياة . أما الحلم بلا عمل فهو والله رأس مال المفلس فهو كمن يطلب ولداً بلا زوج أو سفراً بلا قصر أو بلوغ غاية بلا وسيلة ! إذن قد يتحقق الحلم فمن كان حلمه حفظ القرآن فإنه قد يتحقق إذا بدأ وعمل لتحقيق حلمه وفعل السبب , وكذلك من أراد أن يرزق علماً نافعاً أو رزقاً طيباً أو عملاً صالحاً فيمكن ذلك إن قام بفعل السبب وليس للعمر في هذا أي أثر , وما أبلغ الخاتمة الحسنة أن تأتيك وأنت تسير لبلوغ غاية فيها رضى الله جل جلاله ! أما أن تعيش في محيط الأمل ولا تنتقل إلى محيط العمل فاعلم حينها أن ألمك في أملك ! ومما يحسن ذكره هنا أن تكون آمالنا رفيعة نافعة ذات قيمة سواء أكان على الجانب الشخصي الخاص أم العام حتى يكون في تحقيقها الثمار اليانعة والظلال الوارفة ! أخيراً : أعلل النفس بالآمال أرقبها = ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ! - خارج النص : لك اللهم الحمد على أن نصرت إخواننا في غزة , وإنه والله النصر فنصر المبادئ والثبات على العقيدة أعظم من نصر السلاح أليست هي حرب عقدية ! فثباتهم أبلغ النصر , لذا كان الفوز الكبير لأصحاب الأخدود فقط مع أنهم قتلوا جميعاً |
رد: هل ألمك في أملك؟!
إذا كانت حياتك ملحاً لا يطاق فعليك بالحلم فإنه لها دواء
بارك الله بك اخي أبو سليم طرح راقي ومميز موفق أخي أختك / حاضر فتاة |
الساعة الآن 03:12 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL