![]() |
لقمة العيش في أعماق البحار
كانت صاحبتي قد انتقلت الى بيتها جديد ، وقد جاءت بعمال لنقل الاغراض والعفش الثقيل ، وطلبت مني ان اكون بجانبها في مراقبة وتوجيه العمال وسط معمعة النقل وترتيب الاثاث !!..
كان العمال يحملون اغراضا ثقيلة يتعاونون عليها ، ويحتالون على الاثقال بشتى السبل ، فيسحبونها على الارض حينا ، ويضعون تحتها بعض الدواليب المساعدة حينا آخر ، وربما قسموا الحمل الثقيل اقساما ، او وضعوا له مراحل يرتاحون فيما بينها ، ليعاودوا الحمل من جديد ، فتسمع فحيح الانفاس وانقطاعها ، وترى اثار العرق في هذا الجو البارد ، فتعلم ان الحياة مكابدة ومشقة !! استمر العمل من الصباح الباكر ، دون نوم او كلل ، وسرعان ما ارخى الليل سدوله وحل الظلام ، وعندما انتهينا من محاسبة العمال ، واقفلنا الباب خلفهم ، تفاجأنا بأن الساعة كانت وقتها الثانية ليلا .!!.. **** ورغم ان التعب والانهاك قد نالا من الجميع ، الا اني بقيت طوال الليل افكر ، في موضوع الرزق ، الذي امرنا الله بتحصيله والصبر في طلبه والاحتساب في مشقته ... **** تذكرت اني عندما كنت طفلة كنت ارى عاملا تركيا كبيرا في السن ، كان يصعد الى اعلى درجات سلمه ، ويبدأ في نحت الجبسيات في سقف بيتنا ، في اسبوع كامل من الصباح الى المساء ، ويبقى قابعا في سماء الغرفة ، وعيناه معلقتان في مكان النحت ، ويداه تبدعان نقشا جميلا ، وشعره ووجهه قد تغطيا بغبار الجبس المتطاير بعد النحت ، كنت وقتها اتساءل في نفسي واقول : ألم يجد هذا الشيبة المسكين عملا اسهل من هذا !!.. **** كنت افكر كيف ان الله الحكيم قد وزع الارزاق بين العباد ، وكيف انه سبحانه فضل بعضنا على بعض في الرزق ، و انه جعل من سنة التفاوت في الارزاق سببا في ان جعل بعضنا لبعض سخريا ، والله لطيف بعباده يرزق من يشاء بغير حساب ..؟! **** فكرت في بعض الوظائف المكتبية المترفة - اللهم لاحسد - والتي تمكّن صاحبها من التأخر عن الدوام ساعة ، وربما الخروج قبله بساعة ، ويتمتع صاحبها بمكتب جميل ، وكرسي مريح ، ورفقة يحدثهم ويحدثونه ، يضحك معهم ، ويناقشهم في اخبار الرياضة واحداث الساعة ، فيتقطع الوقت سريعا ، ويدور المستخدمون عليه بكاسات الشاي والقهوة ، وربما تناول افطاره و تصبيرة غدائه هناك ، وقد لا تمر عليه في ساعاته الخمس التي يقضيها على مكتبه الوثير الا معاملات قليلة ينهيها في نصف ساعة او اقل .. فرأيت التفاوت العظيم .. **** وفكرت في اختي الطبيبة في تخصصها الدقيق جراحة المخ والاعصاب ، وكيف انها تقضي في بعض عملياتها وهي واقفة على قدميها لأكثر من عشر ساعات ، وربما كان من نصيبها ان تبقى مناوبة ليلة كاملة تحسبا لاي طارئ ..!! **** وتذكرت الغواص الذي كتب الله رزقه في اعماق البحر ، والطيار الذي قسم الله رزقه في جو السماء ، وعامل المنجم الذين يبحث عن لقمة عيشه تحت اعماق الارض ، فعجبت كيف تولى الرزاق الحكيم امر هؤلاء جميعا ، فما من دابة في الارض ولا في السماء الا على الله رزقها .. **** وفي عيادتي تأتيني فتيات في عمر الزهور ، يشتكين القلق والارق والخوف من المستقبل ، يخفن من الجوع ، ويخشين الحرمان وقلة ذات اليد ، ويحسبن حساب العنوسة او الكبر والوحدة ، ويشعرن وكأن صخرة كبيرة تجثم على انفاسهن ، فهن في حاجة الى من يتحدث معهن عن رحمة الله بعباده ، وان يزيد ايمانهن بان الله سبحانه قد تكفل برزق جميع المخلوقات ، وان في الاتكال على الله راحة للنفس والعقل ، وان الله لا يكلف نفسا الا وسعها ، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها واجلها ، فاعملوا فكلّ مسخر لما خلق له .. د.أنوار عبد الله أبو خالد |
رد: لقمة العيش في أعماق البحار
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ
لاَ يَحْتَسِبُ ) قال الله تعالى : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ) وهذا يعني أنه سبحانه ألزم نفسه بنفسه إطعام كل ما يدب على هذه الأرض من إنسان أو حيوان أو حشرات إلخ وقد يعاقب الإنسان بالفقر وحرمان الرزق لأسباب فعلها من كسل وتعطيل للأسباب التي يقدر عليها ، أو لفعله المعاصي التي نهاه الله عنها ، كما قال الله سبحانه : (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) مقال رائع به كثير من الفوائد لمن ادرك معانية |
رد: لقمة العيش في أعماق البحار
ان الله ماخلق شي الا وعرف كيف يرزقه ان الرزق بيد الله
شكرا |
الساعة الآن 06:08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL