البحرين: إنجازات .. وتحديات
 

افاد تقرير صدر مؤخرا عن جامعة جورج تاون الأميركية أن البحرين دخلت تحت قيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في حقبة من التقدمية والليبرالية لم يسبق لها أن عاشتها من قبل. ومع هذا فقد شدد التقرير في الوقت ذاته على أن البحرين لن تتمكن من تحقيق كامل إمكاناتها الا ان نجحت في بناء نظام مؤسسي أقوى للنمو الاقتصادي ورفع المستوى المعيشي لكافة المواطنين البحرينيين.

وجاء أيضا في هذا التقرير الذي يحمل عنوان " إصلاح المملكة: التطور السياسي والتحديات الاجتماعية والاقتصادية في البحرين " ونشره مركز الدراسات الدولية والاقليمية التابع لجامعة جورج تاون ، أنه "ولدى خلافة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة لوالده في مارس عام 1999، بدأت البحرين رحلة غير متوقعة بعيدا عن النظام السياسي الخاص بالحقبة الماضية. ويمكن اعتبار الاصلاحات التي تمت في عهد الملك الجديد على أنها "تقدمية" منذ أن تم تطبيق عمليات اعادة الهيكلة البرلمانية والتشريعية، بالاضافة لإحداث مجموعة من التغييرات المميزة بداخل المجتمع المدني".

وأوضح التقرير الذي كتبه ستيفين رايت – الاستاذ المتخصص في الشؤون السياسية بمنطقة الخليج في جامعة قطر – " أنه في الوقت الذي يتضح فيه تأثير تلك التغييرات، تبقى هناك التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعرض النظام السياسي لمخاطر فعلية ". وقال التقرير أيضا ً أن " الاعتراف بأهمية التغييرات السياسية والاقتصادية بعيدة المنال، ساهم في الإقدام على تنفيذ تلك الاصلاحات بغرض التصدي لخطر العودة من جديد لمرحلة أعمال الشغب ذات النطاق الواسع التي ابتليت بها البحرين في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي.

وأكد التقرير على أن عملية الإصلاح يجب أن تقدم الدعم لبرنامج نمو اقتصادي قوي لأن "الحقائق الاجتماعية والاقتصادية مثل تزايد معدلات البطالة والفقر وانخفاض المستوى المعيشي تعمل بشكل متزايد على تعزيز الهوة بين كافة فئات المجتمع البحريني، كما تهدد بخطر العودة الى موجة عدم الاستقرار التي عاشتها البلاد نهاية تسعينات القرن الفائت، عندما نشبت موجة من العنف الجامح على قوة الدفع الخاصة بها ".

وأشار التقرير إلى انه " وبرغم وصول البحرين لمعدل نمو اقتصادي قدره 7 % خلال الفترة ما بين 1999 وحتى 2007 ، غير أن التحدي الذي ستواجهه الحكومة هو استخدامها الحكيم للعائدات النفطية خاصة ً بعد الانخفاض السريع لأسعار النفط في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية نهاية العام الماضي. وأن تقوم كذلك بتنفيذ سياسة الاستثمارات الموجهة، التي لا تؤدي لمستويات غير ميرحة من التضخم للفئات الفقيرة من المجتمع". واشار التقرير الى أن " جسر الصداقة" الذي يربط ما بين قطر والبحرين سوف يساعد على تشجيع فرص عمل وأخرى اقتصادية جديدة.

وعلى الصعيد السياسي، أوضح التقرير أن الملك وولي العهد سلمان بن عيسى آل خليفة عملا بصورة مطردة على زيادة نفوذهم في الدوائر السياسية وفي الحلقة الخاصة بادارة الشؤون السياسية والاقتصادية، على النقيض مما كان يفعله الملك السابق، الشيخ عيسى، الذي كان يسمح لرئيس الوزراء بأن يدير الشؤون الحكومية يوما بيوم.

وأكد التقرير أيضا على أن كلا من الملك وولي العهد سبق وأن أكدا على أهمية الدور الذي تلعبه التنمية الاقتصادية في المستقبل الخاص بكليهما وكذلك في استمرارية قدوم الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد. وقال التقرير:" إن مسألة دخول الوافدين الجدد إلى سوق العمل تعد تحديا حقيقيا". وبرغم تحقيق تقدما في تشجيع الاستثمارات الأجنبية، ألا أن الواضح هو ان معدلات البطالة والمواجهات المالية التي يواجهها الفقراء في البحرين تتواصل في الزيادة.

ومثل هذه الظروف تزيد من حدة السخط التصاعدي وتدخل البحرين في حلقة مفرغة: حيث تؤدي حالة السخط وعدم الرضا إلى نشوب مظاهرات شعبية، تكون سببا في إعاقة المستثميرن الأجانب الذين يخشون المخاطر التي قد تحدث نتيجة لحالة عدم الاستقرار، وبذلك تعاق عجلة النمو الاقتصادي اللازمة لمكافحة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. وقال التقرير أيضاً أن المحللين الذين يعتبرون أن مشكلة البحرين تتمثل في الطائفية هم أناس مغيبون عن الحقيقة.

وأوضح التقرير أنه " من الخطأ اعتبار مشاكل البحرين أنها مشاكل طائفية: فهذا المنظور فشل في التعرف على الهوية العرقية والاقتصادية للمجتمع وكذلك العوامل التي تؤجج مطالب التغيير السياسي. وبالفعل، لا توجد مثل هذه المشكلات السياسية والأمنية في كثير من دول الجوار بمنطقة الخليج العربي مثل دولة الإمارات العربية المتحدة. فالشعوب في تلك الدول، تمتلك مستويات معيشية مرتفعة، ما يجعل أي نداءات لإحداث قدر أكبر من الحريات السياسية والاجتماعية أمرا غير ضروريا. وبالرغم من كل هذا، فإن البحرين بشكل لا يمكن إنكاره تعد أكثر ليبرالية من دولة الإمارات العربية المتحدة، على الصعيدين السياسي والاجتماعي. وفي حالة البحرين، تتصل أوضاع المجتمع الاقتصادية بشكل مباشر بمناخها السياسي والأمني".