الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد

قبل ثلاث سنوات تقريباً حدث اختلاف بين وزارة الصحة وبعض وسائل الإعلام عقب نشر قضية تتعلق بدخول ممرضات مصابات بمرض الإيدز إلى المملكة، وكانت إحدى نقاط الاختلاف اتهام الصحافة بغياب المهنية بنشر أسماء الممرضات، وتلميح مسئولي الوزارة إلى إمكانية رفع قضية في هذا الشأن من لدن الممرضات المنشورة أسماؤهن. هذه الحادثة لست أذكرها لاستعراض تاريخ العلاقة بين الصحة والإعلام، لكن كتمهيد للسؤال، هل تؤمن وزارة الصحة بهذا المبدأ مع مرضاها؟
هذا السؤال يحضر عندما أشاهد الأخبار الصحفية عن إنجازات بعض المستشفيات ويورد فيها اسم المريض وتاريخه المرضي، وربما حتى صورته. يأتي عندما أشاهد خبراً عن عملية يتسابق الجميع من إداريين وأطباء وفنيين بالتعليق عليها والتفاخر بها، دون أن يتساءل أحدهم هل يحق لنا نشر صورة المريض؟ هل يحق لنا نشر التاريخ الصحي للمريض؟ هل المريض في حالة تسمح له بالموافقة أو الرفض على مثل ذلك؟ هل أحرج المريض من قبل أطبائه بالطلب منه الإشادة بالفريق الطبي والمؤسسة الصحية التي نشرت الخبر؟ من يحدد إن كان الإنجاز يستحق النشر أم لا؟ هل الطبيب المعالج مؤهل لتقرير ذلك؟ ألا يشكل ذلك دعاية تتعارض مع مهنية الطبيب؟

وزارة الصحة لها الحرية في الدفاع عن موظفيها وتلميع من ترى منهم، أما نحن فيهمنا الدفاع عن حقوق المريض، وعن مهنية وأخلاقيات الممارسة الصحية ببلادنا. نعلم بأن الأمر منتشر في صحافتنا ولم يعد يستنكره كثير من قادة العمل الصحي لدينا، لكن هذا الأمر ليس مبرراً لأن نصمت عن التحذير من انتهاك حقوق المريض. نريد أن نقول للأطباء والمديرين، اشتهروا، اصنعوا الدعاية التي تشاؤون لأنفسكم، أبرزوا أنفسكم أمام الآخرين بما في ذلك مديروكم، لكننا نرجوكم احرصوا على حقوق المريض وأبرزها الحفاظ على سرية معلوماته الشخصية والصحية.

هناك شعرة بين الدعاية وبين إبراز الإنجاز وللأسف البعض لايتجاوز ذلك فقط في نشر معلومات المرضى، بل أحياناً بعدم الاكتراث بمشاعر المرضى أو ذويهم أو المواطنين بصفة عامة، فعلى سبيل المثال؛ هذا طبيب صدر عليه حكم في قضية خطأ طبي اشتهرت وتعاطف الجميع معها. رغم ذلك وبعد اسابيع قليلة من صدور الحكم نراه، بدعم مباشر من إدارة مؤسسته الصحيه يستعرض إحدى العمليات التي أجراها بالمؤسسة، التي يفترض أنه توقف عن الممارسة فيها، وكأن مشاعر أسرة المريضة التي توفيت بسبب الخطأ الطبي لاقيمة لها وكأن مشاعر المواطنين لاقيمة لها.

أود أن أختم بالإشارة إلى أنني أكتب عن سلوك دعاية وإعلام أراه يستشري لدى بعض المؤسسات الصحية، دون مراعاة كافية لحقوق المرضى وأحاسيسهم وذويهم. أكتب عن ذوق وثقافة وأخلاقيات مهنية يجب أن نرتقي بها في مجتمعنا الصحي.