![]() |
دور أمريكا في قيام الكيان الصهيوني بفلسطين
5منذ منتصف القرن الماضي بدأت الحكومة الأمريكية تشمل اليهود الأشكناز في فلسطين بحمايتها، وتحت ضغط المفوضية الأمريكية في (الآستانة) سمح الباب العالي العثماني لكل يهودي يزور فلسطين بالبقاء شهرًا، ثم عاد ورفع المدة إلى ثلاثة أشهر، كما أفرجت السلطات العثمانية عن أربعمائة مهاجر غير شرعي من اليهود، وفي أواخر القرن الماضي التاسع عشر نجح وزير أمريكا المفوض لدى الآستانة من انتزاع تشريع من الباب العالي، يتضمن المساواة في المعاملة بين الأمريكان المسيحيين والأمريكان اليهود، مما فتح المجال ليهود أمريكا بالهجرة إلى فلسطين وشراء الأراضي فيها.
وفي أمريكا التحمت مصالح الرأسماليين اليهود ببعض الأمريكيين، وتأسست عام 1906م (اللجنة اليهودية الأمريكية) من بعض الأمريكيين، للدفاع عن اليهود في العالم أجمع، وإن كان الغرض الرئيسي من تكوين تلك اللجنة هو تسهيل تسلسل رأس المال الأمريكي إلى مختلف أرجاء العالم. وهكذا أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية راعية لشؤون اليهود في تركيا والولايات التابعة لها نيابة عن دول الوفاق. وعندما اشتدت المجاعة في بداية الحرب، وفتكت بالألوف وعشرات عشرات الألوف من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال سفنها إلي فلسطين تحمل المساعدات والمؤن لليهود فيها. وعندما جرت المباحثات بين الحركة الصهيونية والحكومة البريطانية عام 1917 م بهدف استصدار وعد من الحكومة البريطانية ببناء وطن قومي لليهود في فلسطين ، قام (لويس براندز) الصهيوني الأمريكي البارز والمستشار الأول للرئيس ولسون بنقل تفاصيل هذه المحادثات إلى قادة الصهيونيين في أمريكا، حيث يذكر (فيلبيس جريفاس) في كتابه (فلسطين أرض العقائد الثلاث): إن عطف ولسون على الأهداف الصهيونية قد أثر على كل من الحكومتين الفرنسية والإيطالية، اللتين كانتا حتى ذلك الوقت لا تبديان عطفًا على الحركة الصهيونية، وأدى هذا التأثير إلى تضامن هاتين الحكومتين مرحليًّا مع الحكومة البريطانية. وفي 26 سبتمبر 1917م أبرق (لويس براندز) إلى حاييم وايزمن يخبره بموافقة الرئيس ولسون على مشروع وعد بلفور . ثم خرج التأييد الأمريكي للصهاينة بشكل فاضح في أواخر الحرب، فشمل الرئيس الأمريكي (ولسون) بعثة وايزمن بعطفه ورعايته، كما وجه رسالة تهنئة إلى يهود العالم بمناسبة حلول رأس السنة العبرية، رأى فيها مراسل صحيفة التايمز اللندنية في واشنطن اعترافًا من أمريكا بالصهيونية ومشاريعها في فلسطين. وعندما أوفدت الحكومة الأمريكية - وليم بيل - مبعوثًا سريًّا لها إلى الشرق الأوسط في مايو أيار 1915م، اتخذ هذا من القدس مقرًّا له، وفي (18) مارس آذار 1918م أرسل بيل إلى حكومته تقريرًا، تحدث فيه عن قلق العرب إزاء ما يروج عن قرب إنشاء دولة يهودية في فلسطين، وحذر من التصريحات الغامضة التي كان يدلي بها الإنجليز والفرنسيون بهذا الصدد، ورأى أنها تعطي سلاحًا للألمان وللترك، يستخدمونه ضد الحلفاء في دعايتهم لاستعادة عطف العرب على الإمبراطورية العثمانية خاصة بعد أن كشفت الثورة البلشفية في روسيا أكتوبر 1917م الاتفاقيات التي عقدتها فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية، فيما بينها، لاقتسام العالم العربي، ومن بين تلك الاتفاقيات اتفاقية سايكس بيكو الشهيرة . وفي نوفمبر 1918م وضعت الحرب أوزارها، وعقد مؤتمر الصلح في باريس في يناير 1919م، وفي الأيام الأولى للمؤتمر أدلى كل من ولسون وهاوس فرانكفورتر الصهيوني الأمريكي المعروف ومساعد وزير الحربية الأمريكية بتصريحات مماثلة للصهيونية، وقدمت مجموعة المخابرات الملحقة بالوفد الأمريكي إلى مؤتمر الصلح تقريرًا إلى ولسون، تضمن التوصيات الخاصة بالشرق الأوسط، وشددت التوصيات على ضرورة وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني ليتسنى تهجير اليهود إليها وتحويلها إلى وطن قومي لليهود. وقبل عودته إلى باريس من واشنطن، في مارس من نفس العام أصدر ولسون بيانًا قال فيه: إنه مقتنع بأن أمم الحلفاء، بالاتفاق مع حكومتنا وشعبنا تعتزم إرساء أساس كومنولث يهودي في فلسطين، كما أكد لوفد من الصهيونيين التقى به في البيت الأبيض في يونيو 1919م أن فلسطين ستصبح وطنًا قوميًّا لليهود. إذًا فالوعد بإقامة وطن لليهود في فلسطين لم يكن وعدًا بريطانيًّا، وإن كان كذلك، بل كان وعدًا أمريكيًّا أيضًا. فالسياسة الأمريكية كانت تنظر بعيدًا وبعيدًا جدًّا، مستفيدة من كل الظروف، أعني بها ظروف التأييد لفكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، لأنها كانت تنظر إلى ذلك الوطن القومي نظرة تختلف تمامًا عن نظرة الآخرين إليه، وربما تساوت معهم في تلك النظرة، ألا وهي النظرة التي تعتبر إسرائيل منطقة لنفوذها، تطل منها على القارات الثلاث آسية وأوروبا وأفريقيا، وهكذا كان، وها هي منطقة النفوذ (إسرائيل) تأخذ مكانًا لها تحت شمس هذا العالم في أبشع وضع تتخذه دولة أيضًا تحت شمس هذا العالم. |
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
مشكور على المرور أخي أـيمن تحياتي الحارة
|
الساعة الآن 09:17 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL