![]() |
أمريكا تغازل روسيا بلعبة "الإرهاب" ! ! ! ! !
عاطف معتمد عبد الحميد
http://www.islamonline.net/servlet/S...&ssbinary=true بوش وبوتين شئنا أم أبينا.. ستظل الحساسية المفرطة تصيبنا عندما يُعنون أي تقارب بين الولايات المتحدة ودولة ما من دول العالم بأنه تحالف ضد الإرهاب الدولي. ولم لا، وأربع دول عربية وإسلامية مهمة مدرجة ضمن "محور الشر"؟ ذلك المسمى الذي اخترعته الولايات المتحدة للاستعداد لضرب ليبيا والعراق وسوريا وإيران، وهى الدول المرشحة لأن تتحول إلى ساحات موت ودمار على غرار الساحة الأفغانية، والقائمة ما زالت مفتوحة. على جدول أعمال القمة الروسية/الأمريكية، لم يحتل التعاون الاقتصادي بين البلدين، أو التمهيد لدخول روسيا حلف الناتو.. المرتبة الأولى من المناقشة، بل كان ملف محاربة الإرهاب هو أهم الملفات بعد التوقيع على اتفاقية الحد من الأسلحة النووية. تلك المكانة نفسها التي احتلها ذلك الملف في القمة الأمريكية/الألمانية قبل يومين. ويخشى أصدقاء روسيا في العالم العربي والإسلامي - خاصة في إيران والعراق وسوريا - من أن تؤدي مغازلة الولايات المتحدة لروسيا ودعوتها إياها للتوحد في محاربة الإرهاب.. يخشى هؤلاء الأصدقاء أن يجدوا الطائرات الروسية لا تخرق الحظر الجوي المفروض عليها فقط - كما فعلت روسيا مع العراق - بل تخترق مجالاتها الجوية لتضرب مصانعها وقراها ومدنها مع طائرات المهيمن الأمريكي على ملعب السياسة الدولية. ولم لا؟ والعلاقات السياسية لا تثبت على حال، وأصدقاء اليوم هم أعداء الأمس. ومن المغالطات التاريخية أن نقول: إن "التراجع" الروسي بدأ اليوم مع التقارب الأمريكي، فقد مثلت حرب الخليج الثانية - وما تلاها من الإجهاز على العراق - نقطة هامة في العلاقات العربية/الروسية، حين وقفت روسيا موقفًا خيب آمال العراق وحلفائه في العالم العربي. وفى مقال سابق حمل عنوان "روسيا تضع فلسطين والشيشان في سلة واحدة " عالجت إسلام أون لاين.نت أسباب التراجع الروسي تجاه القضية الفلسطينية نتيجة اختلاف قواعد اللعبة السياسية بعد هجرة نحو مليون من اليهود الروس والسوفييت إلى إسرائيل، وبعد التعاون الروسي/الإسرائيلي في مكافحة "الأصولية" في الشرق الأوسط والقوقاز. والمشكلة أن تنجح سياسة الإغراء الأمريكية في إسالة لعاب روسيا المنهكة اقتصاديًّا، بالحصول على إنعاش اقتصادي، وقبولها عضوًا في حلف الناتو (عضوية غير كاملة)، وفك القيود على تدفق السلع والبضائع، وفى مقدمتها النفط الروسي إلى الولايات المتحدة بديلاً عن جزء من البترول العربي.. في أن تتبدل روسيا وتغير موقعها. وهكذا يضيع آخر حليف تعتمد عليه العراق وسوريا في أزماتها الدولية مع الولايات المتحدة، وما أكثرها. وفى أحسن الأحوال، فإن هدف الولايات المتحدة قد لا يكون ضم روسيا إلى تحالف ضرب العراق بقدر ما يكون خلق وسيط روسي مفيد للغاية تثق فيه بغداد، قادر على توصيل المطالب الأمريكية بشكل جاد، ومن "أصدقاء" لصدام حسين. ومن المفيد أن نعي أننا لسنا وحدنا، العرب والمسلمين، الذين يناهضون الأمركة. ففي موسكو، وقبلها بأيام في برلين، قابلت بوش تظاهرات سار فيها عشرات الآلاف بشعارات وهتافات تتهكم على أكذوبة "محور الشر"، وتصف الحرب التي يقودها بوش بالإرهاب ذاته. وليس من المستبعد أن يكون ذلك المناخ المعادي للحملة الأمريكية – والتي حاول بوش استمالة ألمانيا إلى جانبه فيها – هو الذي دفع بوش إلى الإعلان في برلين عن عدم وجود مخططات "حالية" لضرب العراق. وإن كان العرب والمسلمون قد سئموا من التسخين والتبريد الذي تمارسه الإدارة الأمريكية (أبيضها وأسودها من بوش ورامسفيلد إلى باول وكوندريزا رايس) تجاه التهديد بضرب العراق. إيران.. حليف إستراتيجي أم شر؟ كانت واضحة في ألفاظها ومعانيها تلك التصريحات التي أعلنها بوش محذرًا فيها كل من "يدعم" الإرهاب الدولي، وكل من يقدم المساعدة التقنية لانتشار أسلحة الدمار الشامل إلى أي عضو في محور الشر. وبفك شفرة "كل من" نجد أن في العالم دولتين فقط لديهما القدرة على تقديم الدعم إلى دول محور الشر، وهما الصين وروسيا. وبدون التلميحات وبعيدًا عن التأويلات، أعلن الرئيس بوتين في اجتماعه خلال القمة مع الرئيس بوش في 24/5/2002 "أن روسيا تقدم الدعم الفني لإيران في المجالات السلمية فقط"! وينقلنا هذا بالضرورة إلى البحث في المفاضلة المباشرة بين العلاقات الروسية/الأمريكية وتلك الروسية/الإيرانية. وقد يبدو للوهلة الأولى أن كفة العلاقات الأولى هي الراجحة، غير أن ذلك ليس صحيحًا بالضرورة. فبداية لا ينخدع الروس بالتعبيرات الذهبية التي يطلقها الساسة الأمريكيون عن التحالف الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وروسيا. فالتحالفات الإستراتيجية المرجوة بين روسيا والولايات المتحدة - حين تقام - لابد لها من أسس اشتراك المصالح. وقد قال إيفاشوف أحد كبار الجنرالات في الجيش الروسي (نيزافيسميا جازيتا 8/4/2002): إن مصالح الأمن القومي الروسي لا تعتمد على العلاقة مع الولايات المتحدة بقدر ما تعتمد على علاقة روسيا بجيرانها. ويبدو أن مقولة إيفاشوف على قدر كبير من الصواب؛ فجيران روسيا كثيرون، والمشكلات المرتبطة بهم كثيرة أيضا، سواء على المستوى الاقتصادي (تقسيم ثروة بحر قزوين)، أو الأمني (الاشتراك في محاربة الحركات الانفصالية)، أو الجيوإستراتيجي (تنسيق العلاقات في أطر الكومنويلث) أو الثقافي… إلخ. وليس من المتخيل أن تضحي روسيا بعلاقتها بإيران بتلك السهولة، لا لاستفادة روسيا من الأموال الضخمة التي تدفعها إيران مقابل الأسلحة والبضائع فحسب؛ بل لسبب آخر لا يقل أهمية وهو تحييد المنافسة الإيرانية في آسيا الوسطى والقوقاز على المستوى التجاري والثقافي والسياسي، في إقليم يعتبر مجالاً حيويًا لإيران، كما هو كذلك بالنسبة لروسيا وتركيا. ويخلص جادجييف - أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو - في مؤلف له عن العلاقات الروسية/الإيرانية.. إلى أن إيران هي "الحليف والمنافس" في آن واحد لروسيا. وتجمع روسيا وإيران قواسم جيوبوليتيكة عديدة، على رأسها اتفاق مصلحتهما في معارضة التأثير التركي في الفضاء المكاني الذي خلّفه الاتحاد السوفييتي السابق، بما في ذلك محاولات القوميات التركية الانفصال عن كلتا الدولتين. وربما يكون التعاون العسكري وشراء إيران للسلاح الروسي من أبرز صور التعاون الروسي/الإيراني في العصر الحديث. ولا ينافس هذه العلاقة الوطيدة سوى العلاقة الإيرانية /الصينية. أحداث متشابهة ومفاهيم مختلفة في الوقت الذي تطلب فيه الولايات المتحدة من روسيا وقف التعاون مع إيران لا ينسى المراقبون الموقف "الإيجابي" الإيراني – من وجهة النظر الروسية - تجاه الصراع الروسي/الشيشاني. ويبدو لبعض المحللين أن اعتبار إيران رسميا لحرب روسيا الثانية في الشيشان (1999-وحتى الآن) على أنها " شأن" داخلي لروسيا.. يعتبر موقفا متناقضا مع ما تعلنه إيران من دعم للحركات الإسلامية المطالِبة بالتحرر، والتي تتجلى أوضح صورها في دعم حزب الله وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني. ويبدو لهؤلاء أن السبب الوحيد في ذلك إنما هو التحالف القائم بين الدولتين. فهل يمكن أن تتخلى روسيا عن حليفها؟ ففي اللقاء الروسي/الأمريكي في مارس 1998 الذي جمع بين نائب الرئيس الأمريكي آل جور ورئيس الوزراء الروسي تشيرنوميردين، أعربت روسيا عن احتفاظها بوجهة نظر خاصة في التعاون مع إيران. وفي 24/5/2002 تحفظ بوتين بطريقة دبلوماسية على التعاون مع إيران بوصفه تعاونا في الصناعات السلمية. والحرج الذي تجد فيه روسيا نفسها هو توقّف التعاون العسكري الأوكراني، وتقلص المساعدات الصينية بحيث تبقى روسيا الاستثناء الوحيد في دعم القدرات العسكرية لإيران. ومعلوم أن القدرات العسكرية الإيرانية لا تخيف القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج (لأنها في الواقع تستفيد منها حسب نظرية التربّح من هواجس الأمن الخليجية) بقدر ما تخيف إسرائيل في المقام الأول. وهكذا لا يمكن فصل إيران عن تشابك العلاقات الروسية/العربية مرة أخرى. وتنقل وسائل الإعلام الغربية، وفى مقدمتها شبكة "سي إن إن" و"بي بي سي" تقارير عن أن واشنطن تشعر بالقلق من مساعدة روسيا لإيران في بناء مفاعل نووي في منطقة بوشهر وتخشى أن تستخدم طهران هذه التكنولوجيا لإنتاج أسلحة نووية. وقد زادت هذه المخاوف بعد تطوير إيران لصاروخ شهاب_3 متوسط المدى وادعاء الولايات المتحدة أن إيران تعمل على إنتاج صواريخ طويلة المدى. ولا تنسى إدارة الرئيس بوش النقد الذي قدمه كثير من أعضاء الكونجرس لإدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون لفشلها في وقف التعاون النووي بين روسيا وإيران، خاصة أن الأجواء أصبحت مهيأة الآن للضغط لوقف هذا التعاون. ثوابت ومتغيرات لا يمكن، في الختام، إلا أن نستشف الثوابت التالية: خبير في الشئون الروسية1- أن روسيا على دراية بأن التقارب الأمريكي عرض مؤقت لا توجد ضمانات لاستمراريته. 2- أن روسيا تتلقى عشرات المليارات من الدولارات نظير بيع الأسلحة إلى إيران ونظير التعاون مع العراق. 3- أن روسيا – بخبرتها الطويلة في عالم السياسة والعلاقات الدولية – تدرك أن الولايات المتحدة تسعى إلى "استغلال" روسيا أكثر من إفادتها، إذ يتشكك كثيرون في إمكانية قيام شراكة متوازنة. 4- أن روسيا لا تجاور الولايات المتحدة، بينما تجاور إيران والعراق وسوريا والعالم العربي بثقله المادي والإستراتيجي، وأن هؤلاء الجيران هم الأولى بالبحث في سبل التعاون معهم، إن لم يكن للاستفادة فلدرء خطرهم. 5- أن ما تطرحه الولايات المتحدة اليوم من خفض للأسلحة الباليستية هو في الصالح الأمريكي، كما أن السعي إلى كسب روسيا سندًا في محاربة الإرهاب الدولي بديهي أنه دعم للولايات المتحدة ولا يقدم الشيء نفسه لروسيا. وفي المقابل لا شيء؛ وعود وآمال بشراكة اقتصادية وتنسيق العلاقة مع الناتو. وقد دعا ذلك صحيفة برافدا إلى تصدير صفحتها الأولى عشية وصول بوش بعنوان "بوش أتى خاوي اليدين". وعلى الجانب الآخر، تدرك روسيا المتغيرات التالية: 1- أن العراق لن يظل إلى الأبد محاصرًا. 2- أنه كما استقبل الغرب بترحاب انتخاب خاتمي رئيسًا لتوجهه الإصلاحي، وتحسنت علاقة إيران بالولايات المتحدة فإن إيران قادرة مرة أخرى على أن تعود إلى الساحة الدولية كقوة إقليمية يحسب لها ألف حساب. 3- وليس شرطا أن تستمر الحملة على الإرهاب الدولي عشر سنوات كما هو مستمر حصار العراق، فليس في أفغانستان نفط كنفط الخليج، وليس في جنوب آسيا سوى الحرب المنتظرة بين الهند وباكستان. ومن ثم فإن روسيا، إن صح الاعتقاد، أكثر حكمة من أن تقبل "الجزرة" الأمريكية بسرعة من لا خبرة له، كما أنها لا تخشى العصا الأمريكية فلديها من العصي ما يكفيها، على الأقل لحماية نفسها. ـالتعليقآت ـالمنشورهـ لآتعُتبر بأيحآل عن رـأي ـالموقع وسياسته ـالتحريرية. |
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
الساعة الآن 01:24 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL