الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد

مع كثيرين ممن ينظرون للعقاب من منطلق أنه جزء من العملية التربوية في مستوى أو الإصلاحية في مستوى آخر، فرحت كثيراً لمنهج بدا ينهجه بعض القضاة أثابهم الله بإصدار أحكام على بعض المتهمين ممن ثبت عليهم الخطأ مثل تعاطي المخدرات أو الشرب أو خلافه مما يسبب الأذى المباشر للإنسان دون ضرر بغيره أحياناً.. والعقاب كان على شكل ساعات لخدمة المجتمع مثل تنظيف مسجد أو مؤسسة حكومية.. قمة الوعي بالبعد العقابي من الناحيتين النفسية والاجتماعية.. كثير من التربوين والاجتماعيين بل والقانونيين سعداء بذلك المنهج في العقاب، والأكيد أن الجميع يتمنى تعميمه، بشرط أن تكون له ضوابطه، مثلاً لا بد من ربط المحاكم ومراكز الشرطة بملف إلكتروني واحد أيضاً لا بد من تصعيد العقاب في حال تكرار الخطأ.. والجميل أن يكون قاعدة عمل يعمل وفقها الجميع وليس بعض القضاة لأنها على المدى البعيد تشكل عنصر إصلاح للشباب، خاصة وأن السجن بحد ذاته قد يكون نقطة تحول سلبية في حياة أي إنسان إذ لا ننسى تأثير الثقافة العامة الرافضة للسجن مهما كان سبب السجن.. البدء في تنفيذ العقوبة من خلال عمل اجتماعي وساعات مناسبة لنوع الجرم أو الخطأ من شأنه أن يفعل أمورا كثيرة منها قيمة الانتماء للوطن، أيضاً تكريس قيمة العمل التطوعي إصلاح شخصية المخطئ دون تعليمه سلوكيات منحرفة بتعامله المباشر مع مسجونين بجرائم مختلفة، وتلك بحد ذاتها نتيجة تستحق العمل عليها بكل الطرق.. نعم أن نعالج سلوكاً منحرفاً دون إضافة ثقافة غير سوية لإنسان بحد ذاته هو إنجاز نريده ولا بد من العمل عليه..
الخوف أن ينحصر تطبيق هذا المنهج من العقاب في اطر جغرافية معينة ولا يشمل الجميع، ولعل تدخل المسؤولين في وزارة الداخلية ووزارة العدل أمر مطلوب في هذه المرحلة، لأن القوانين من الطبيعي أن تتطور مع تطور الإنسان، وظروف العصر، أيضاً لا بد من النظر للجريمة من منظور ضررها بالفرد فقط أم بالمجتمع، مع النظر لمرتكب الجريمة وعمره وتكراره للخطأ مع النظر للظروف البيئية المحيطة به، لأن السجن فقط دون إصلاح بيئة الفرد لن يأتي بنتيجة مطلوبة بل ربما نجد أن الجريمة الأولى مع سجنه تكون سبباً في زيادة ثقافة الاجرام لديه وتكسبه مناعة سلبية ضد العقاب، فيما نحن نريد إصلاحه، لا يعني ذلك أنني أطالب بالغاء السجن أو الغاء عقوبة السجن للجميع أبداً، ولكن لننظر للجريمة من حيث اعتبارات متنوعة ثم نحدد العقاب، لأننا جميعاً نتفق على الهدف وهو إصلاح الإنسان وليس عقابه فقط فتلك ليست غاية في ذاتها على الاطلاق.

من يتعاطى المسكر ثم يسير هائماً في الطرقات ليس مثل من يخطف صغيراً ثم يغتصبه ويصوره أعتقد أن مطالبتنا بتغليظ العقوبة للثاني أمر مبرر واشفاقنا على الأول وتوقع إصلاحه بالعمل الاجتماعي أيضاً مبرر، تطوير أساليب العقاب منهج حضاري ويتفق مع متغيرات الحياة ومسببات الجريمة ومدى خطورتها.. شكراً لكل قاضٍ أخذ بمنهج العقاب بالعمل الاجتماعي ودعوة لوزارة العدل بتطوير منهج العقاب ليحقق الهدف لأن بعض الرجال تم سجنهم بسبب قطع إشارة ثم عادوا لمنازلهم وهم يحملون ثقافة إجرامية تجعلنا نشفق على الصغار..

د. هيا عبد العزيز المنيع