![]() |
النظر لأبعد من خطوتين ! ؟
حين ترمي قطعة نقدية إلى الأعلى لايمكن لأي جهة في العالم معرفة على أي "وجه" ستقع . فهذه "الحركة" على بساطتها تتحكم بها عوامل معقدة ومتقاطعة لدرجة يصعب حسابها وتوقع نتيجتها . ويكفي القول ان كل رمية إلى الأعلى تعتمد على مهارة الرامي، وكثافة الهواء الذي ترمى فيه، ونوع المعدن الذي تصنع منه، والسطح الذي ستقع عليه.. وهذا السلوك (الذي يستحيل حسابه أو التنبؤ به) يدعى "السلوك الفوضوي" ويمكن مشاهدته في مظاهر طبيعية وحياتية كثيرة حولنا.. فمن المستحيل مثلا التنبؤ بالاتجاه الذي سيتخذه دخان السيجارة أو متى سينفجر إطار السيارة أو على أي جهة سيستقر مربع الزهر - أو حتى في أي اتجاه ستنطلق الحمامة أو تنحرف السمكة !!
والغريب ؛ أن ما نسميه سلوك الفوضى - أو المصادفة - هو في الحقيقة أبعد مايكون عن الفوضى أو المصادفة.. فرغم وجود علم وصفي يدعى "فيزياء الفوضى" إلا أنه يهتم بتحليل النتائج (بعد وقوعها) ولا يرقى لمستوى التنبؤ بالنتيجة أو ماسيحدث فعلا.. بل يمكن القول ان جهلنا بالتصرفات الفوضوية هو ما يجعلنا نلتف حولها وننعتها بالصدفة أو الفوضى أو النتيجة الاعتباطية . فحين تقع قطعة النقد - أو مربع الزهر مثلا - على وجه معين نفسرها كصدفة وضربة حظ، وحين تهبط بورصات العالم بلا مقدمات ندعوها فوضى واضطراباً اقتصادياً، وحين نقابل صديقا قديما في أحد المصاعد نبتسم ونقول "صدفة خير من ألف ميعاد" - ولكن الحقيقة أن كل هذه الأحداث وقعت نتيجة اجتماع عوامل متداخلة يصعب التنبؤ بها أو تعمد تكرارها مستقبلا ... ووصفنا لحدوث شيء بأنه "صدفة" هو تفسير ساذج وجاهز يستعمل حتى في المجالات العلمية الرصينة كالأحياء والفلك والطب.. فحسب نظرية داروين مثلا ظهرت بوادر الحياة الأولى (بالصدفة) حين اتحدت بعض الخلايا الكربونية في أحد المستنقعات الدافئة (واستعمال كلمة الصدفة هنا يراد به تجاوز عقبة كبيرة وغير مفهومة بخصوص كيفية ظهور الحياة من العدم).. أيضا يتم تفسير ظهور الكون (من نقطة صغيرة منفجرة) اعتمادا على فكرة الصدفة التي تختصر قسما كبيرا من عجزنا عن فهم كيفية بدء الكون.. وحين تعجز كافة التحاليل والفحوصات عن كشف علة المريض يضعها الطبيب تحت مسمى (غير معروف أو Idiopathic) كإقرار مبطن بتداخل عوامل كثيرة يصعب تحديدها أو فك طلاسمها !! ... وتعقيد السلوك الفوضوي يثبت - في المقابل - بساطة الأمور التي يمكن لعقولنا الصغيرة إدراكها؛ فنحن في الغالب لا نستطيع تحليل الأحداث لأكثر من خطوتين أو ثلاثة - تصبح الأمور بعدها في علم الغيب والمجهول.. فحين تلعب الشطرنج - مثلا - مع صديقك قد تستطيع تخمين حركته الأولى (بنسبة 10% أو 20% أو حتى 50%) ولكن يستحيل عليك تخمين حركته الثانية كونها تعتمد على حركته الأولى (التي لم تحدث أصلا).. وعلى نفس السياق ؛ قد ينجح محلل ما في التنبؤ بالإتجاه التالي للبورصة (.. وأقول : قد ينجح) ولكنه حتى في حالة نجاحه يستحيل عليه النظر لأبعد من ذلك بسبب تفرع ملايين الاحتمالات من (أول احتمال) لم يصدق بعد!! .. باختصار.. إن وصفنا لما حدث على أنه "صدفة" و"ضربة حظ" لا يدل سوى على فشلنا في التنبؤ بنتائج الأحداث المركبة وعجز عقولنا عن النظر لأبعد من خطوة أو خطوتين . وأمر كهذا سيمنعنا مستقبلا من التنبؤ بتقلبات الطقس، ونتائج البورصات، وانتشار الأوبئة، وتأثير التلوث مهما بلغ بنا الذكاء والتطور بقلم / فهد عامر الأحمدي |
دائما ما استفيد من مواضيعك التى على قدر كبير من الثقافة والمعرفة
تحياتى لك سيدى |
موضوع رائع اخي الاتي الاخير
تقبل تحياتي ريتاج |
موضوع جميل اشكر لك نقله
|
رد: النظر لأبعد من خطوتين ! ؟
يالله
اتعلم يا اخي الان امضيه سنه كامله ابحث في هذا الموضوع ,, فأنا ارفض الصدفه ,, لا شئ يكون صدفه بل هناك ضروف معينه اذا تكررت فستتكرر الحاله ’’ ولكن كيف نعرفها واذا عرفناها سنعرف شفره الكون اخي الاتي الاخير اشكرك علي هذا الطرح الرائع كل التقدير والاحترام ايها النبيل |
رد: النظر لأبعد من خطوتين ! ؟
قال تعالى: { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } (النمل: 65)
قال تعالى: { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول }(الجن: 26-27) . من المؤكد ان لاشيئ يجري في الكون صدفه بل هو مقرر ولكن علمه عند الله عالم الغيب ويغيب عنا والكتابة( كما القراءة) رساله في زجاجة و الزجاجة مرمية في بحر تتقاذفها الأمواج و قد تفض ختمها(أو لا تفعل) حتى تلقاها ( أو لا تفعل) في شاطئ مأهول (أو مهجور)، و قد يعثر عليها (أو لا يفعل) شخص عابر و يلتقطها (أو لا يفعل) ليخرج منها الرسالة( أو لا يفعل) ليقرأها إن كان يعرف القراءة (أو لا يفعل) و يفهم مضمونها ( أو لا يفعل) إلى آخر إحتمالات وطرح علماء الطبيعه بأن حل اللغز بالفيزياء هو امر مشكوك فيه لأن كل شيئ يقبل الاحتمالات لك كل التقدير اخي الاتي الاخير لحسن الطرح دمت بخير |
رد: النظر لأبعد من خطوتين ! ؟
يبدوأنني لست من أصحاب العقول المستطيلة "بصراحة لم أفهم شئ من هذا المقال"
هل نتكلم عن الصدفة اللقاء الغير مقصود بين طرفين أم نتكلم عن علم الغيب الذي لايعلمه الأ الله وما علاقة الطبيب الذي لم يستطيع تشخيص مرض ... بنظرية داروين .. حسب معرفتي العالم قد نسي داروين ونظريته البائسة . أم هو مجرد أقحام أسماء أجنبية.!! أم نتكلم عن شئ لم أستوعبه ..!! بودي أخي الأتي الأخير أن تضع نقاط تبسط لنا الموضوع لندرك ماأدركه الكاتب فعقولنا مازالت في طور النمو كل التقدير |
الساعة الآن 05:05 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL