![]() |
من يسكن البيت الكبير
يسود مجتمعنا السعودي بشكل عام الألفة والتواد والتراحم والترابط بين افراده، وتتجلى هذه المشاعر والاواصر داخل العائلة الواحدة. ومن صور هذا التلاحم ما كان عليه آباؤنا واجدادنا في تمسكهم بالعيش بعد الزواج في بيت الواد (البيت الكبير). ففي الماضي لم يكن من ضمن تكاليف الزواج (بالرغم من انها كانت يسيرة) البحث عن سكن للعيش فيه بعيداً عن الوالدين، بل يحرص جميع الابناء على التمسك بالعيش في احضان البيت الكبير. وقد كان لهذا النمط من الحياة أسبابه ومبرراته، كأن يكون الابن يمتهن مهنة الوالد كالتجارة او الزراعة. وهذا الوضع ساعد على متانة الترابط الأسري وعلى الاستقرار الاجتماعي والنفسي لأن وجود الوالدين حول ابنهما يغذي فكره بخبراتهما فيقلل من عامل المشاكل الأسرية بين الزوجين، بالاضافة الى التآزر والتكاتف المادي الذي من شأنه ان يساهم في تقليل المصاريف. كذلك ان وجود الجد والجدة له تأثير على الاحفاد في زرع القيم والمبادئ ومتابعة سلوكياتهم. فكان البيت الكبير يزدحم بأفراد الأسرة يساعد بعضهم بعضاً، وتتكئ هموم الابناء على جدار البيت الكبير الثابت كالطود العظيم.. ولذا لم تكن الأسرة بحاجة الى استضافة عاملة منزلية او سائق!.
اليوم الوضع اختلف، فعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الحياة وارتفاع اسعار المساكن الا ان اول ما يبحث عنه الابن عندما يعقد النية للزواج هو البحث عن سكن خارج البيت الكبير. وهذا الوضع ايضاً له مبرراته، وتفرضه الظروف الاجتماعية الحالية، كالبحث عن الرزق في وظيفة تبعد عن مدينة الوالد او ان الوالدين يسكنان بالايجار مما لا يسمح معه بالتوسع في السكن وقد يكون بسبب اشتراط الزوجة السكن المستقل. ولهذا النمط الحديث في حياتنا تأثيره في امور كثيرة منها سلوكيات الابناء التي تكون بعيدة عن طبائع وسلوكيات آبائهم وبعيد عن حكمة الاجداد. ويتغير الزمن ويبقى البيت الكبير كبيراً ورحيل ابنائه منه لم يغيره.. ولكن من ياترى اليوم يعيش في البيت الكبير؟ إنه عدد من خادمات وسائق او سائقين، لانه الحضن الدافئ الذي يتسع لتجمع الابناء والاحفاد في عطلة نهاية الاسبوع، سويعات قليلة يجتمعون ثم يذهب كل الى بيته.. الخادمات يقمن على تأدية واجب الضيافة في هذا اليوم المميز بالنسبة للوالدين اما السائق فللأبناء فيه نصيب في ايصال من تتعذر المواصلات عليه.. ويبقى البيت الكبير هو ملجأ الابناء في طوارئ الحياة ومتغيراتها فالابنة تلجأ اليه لقضاء فترة ما بعد الولادة بجانب امها او عند سفر زوجها والابن كذلك تجده يلجأ بأبنائه للبيت الكبير عند نشوب اي خلاف بينه وبين زوجته او في حال وفاتها.. وهكذا فإن مشاعر الآباء تأبى الا التمسك بدورها في حياة ابنائها وتؤدي واجبها بنابع الحب والحنان حتى وان رغب الابناء في العيش بعيداً عنهم.. ويبقى البيت الكبير الجدار الراسخ الذي تتكئ هموم الابناء عليه حتى وإن كانوا لا يسكنونه. |
رد: من يسكن البيت الكبير
كلام جميل يتحدث عن عصر كانت فيه الروابط الأسرية قوية و متلاحمة
و لكننا نرى الآن التفكك و التباعد فليرحم الله ذلك الزمن و أهله موضوع يسبر اغوار المشكلة و لكن يبدوا انه لا حلول لمشاكل عصرنا المتسارع على حساب صحتنا و اواصرنا و قيمنا . شكرا استاذتي الكريمة |
رد: من يسكن البيت الكبير
اقتباس:
شكرا اخيتي للموضوع الرااااائع والحياة تغيرت جذريا اللهم احسن خاتمتنا. |
رد: من يسكن البيت الكبير
[gdwl]ويتغير الزمن ويبقى البيت الكبير كبيراً ورحيل ابنائه منه لم يغيره..[/gdwl]
شكراً أساذتنا على الطرح القيم تحياتي لك |
رد: من يسكن البيت الكبير
اقتباس:
اتفق معك أننا نعيش اليوم التفكك و التباعد الأسري و لكن رغم التفكك الذي نعيشه الا انه يبقى البيت الكبير كبيرا و لا يوجد في عيني اكبر من بيت والدي الذي يحتضننا نهاية الأسبوع جميعا.. حفظه الله و أدام عليه الصحة و العافية شكرا لمرورك اخي الكريم الاتي الأخير |
الساعة الآن 10:23 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL