الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد

الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد (https://www.alhowaitat.net/index.php)
-   منتدى القصص والروايات (https://www.alhowaitat.net/forumdisplay.php?f=21)
-   -   عمّــــــــــــي العربي .•:*¨`*: (https://www.alhowaitat.net/showthread.php?t=51508)

يوسف ابن ميمون 19-11-11 12:39 PM

عمّــــــــــــي العربي .•:*¨`*:
 
بسم الله ..

تمايلت الشمس الى مغيبِ يومٍ تزيَّنَ فيه النّاس واستقبلوا عيد الأضحى ، ومع كل أمسية عيد يجتمع
أفراد عائلة عمي العربي على مائدة العشاء، ينفضون عن أنفسهم غبار التقصير اتجاه والدهم المسن
؛ عمي العربي رجل قد جاوز السبعين، يملك محلا صغيرا يسلي به نفسه ببيع بعض الأواني
النحاسية التقليدية ، ولهذا يناديه أهل الحي بعمي -لارتيزانا - ، بيدَ أنّ حرفته التي لايدرك قيمتها إلاّ
نزر قليل أكثرهم من النساء لم تكن عائقا نحو تربية أبنائه الخمس.
أكبرهم جلال؛ مناضل سابق في حزب إسلامي ، منعته توجهاته السياسي من توسيع مؤهلاته العلمية
، فلجأ الى عمل خاص يسد به قّـوته اليومي .يعقبه بعد ذلك عبد الكريم ، ضابط في الجيش ، رجل
توافقت صفاته الخَـلقية مع الخُلقية ، صقل نظام العسكر شخصيته دقيقها وعريضها ، يحاول أن
يوصل مراده بأقرب السبل ، ولو قدر على الإكتفاء بالإشارة لما توجس من ذلك .
عماد طبيب مختص في أمراض القلب ، رجل مثقف ،هادئ ،يُفضّل الصمت في سائر أحواله إلاّ
مايلزم من خلاف ذلك ،ثم عائشة ريحانة منزل العربي ، شابة في منتصف العشرينات ، ربّة بيت
مستقبلية باستحقاق و آخرهم شوقي ، ابن العشرين ربيعا ، جمع بين صفاء الذهن والنباهة و الطيش
وسلاطة اللسان ، حِبُّ أبيـه لايفا رقه إلاّ أوقات الدراسة ، ولطالما نازع الأولاد أخاهم الأصغر تلك
الأفضلية وقابلوها بالتّسلّط حينا وبالإخاء حينا آخر .
جلس عمّي العربي كعادته طرف المائدة الطويلة ، يحاكي ابنه شوقي عن الدراسة وعن يومياته في
الجامعة ، غير أنّ تمتماتهم الخفيفة ضاعت وسط صخب صوتي جلال وعبد الكريم
يقولـ عبد الكريم : ماذا جلبتم للإسلام غير الفوبيا
جلال : وبماذا ألهـانا نظامكم يا هذا ،أوليس باللهث خلف لقمة عيش واللوبيا !
عبد الكريم برطانة فرنسية متهكما : tu dis n'importe quoi ياجلال.
جلال : احترم نفسك ، حفظت كلمتين بالفرنسية تريد أن تصارعني يهما ،
تكلم عربي بابن العربي !
لم يجد عمي العربي في خضم نعيــر أبنائه متسعا للفصل بينهما ، بينما تهلل وجه شوقي لتلك
الخصومة ، فلطالما تشوق الفتى الى ضجيج يكسر روتين المنزل ،هذا ماحفّز هذا الأخير ليرمي بكلمة
من هنا وهناك يوزعها بين الطرفان كأوراق جوكر ، فتارة يهمس في أذن جلال : معك حق يا جلال
... ثم مايلبث أن يقول : ممم أعتقد أن عبد الكريم قد غلبك في هذه ..
جلال وقد احمر وجهـه : طيب ولماذا ترفضون دولة إسلامية؟ ولماذا لاتتركون الحرية للشعوب كي
تقرر مصيرها ؟
عبد الكريم : الشعوب هي من اختارت حكّامها وهي من صوتت في صندوق الإقتراع لنظمها.
جلال باستخفاف : اللَّعَّاب حميدة والرَّشَّام حميدة ، 99.99 بالمائة صافية دون شوائب .
أما عمي العربي فقد تناسى تلك الضجة ، وأخد يغني بصوت خافت غير مكثرت لنقاش أولاده : مزينو
نهار اليوم ..صحى عيدكم .مزينو انهار اليوم صحى عيدكم ..وهي أغنية تبث عبر التلفاز كل صبيحة
عيد في الجزائر .
بينما عماد فقد كان مستلقيا على إحدى الأسٍرّة ،واضعا كفه على خده ويحملق في أخويه ، فتارة
يتبسم وتارة أخرى يحرك رأسه يمنة ويسرى مظهرا لنفسه أنّه يخالفهم القول !
عبد الكريم : أنتم دائما هكذا متعصبون ، وتظنون أنّ مسؤولية الأمة تركن على عاتقكم
جلال : نعم المسؤولية على الجميع ونحن جزء من الكل ..فواقع المسلمين مرير ، ويجب أن يتحرك
المسلمون ويغيروا أنفسهم بأيديهم .
تعود عائشة مرّة ثانية لتضع أعواد الملفوق المشوي على الطاولة ، وهي تعدهم عداً .
استوى الجميع جلوسا بمن فيهم عمتي شريفة أم أولاد العربي وعلامات الشوق والسعادة تجلت على
محيّاها ، احتلّ فؤادها شعور عميق ، نشوة العيد لا تفضلها نشوة ؛ أن ترقب حركات زوجها وبنيها
، أن تتصفح وجوهـهم ،أن تقابلهم بثغرها الباسم فقط هذا هو مهيار السّعادة عندها .
تمسك عائشة بٍيَدِ عمتي شريفة وتهمس في أذنها : هلـ فاتحتهم في الأمر ياأماه ؟
عمتي شريفة : أتركي الأمر الى مابعد العشاء يابنيتي .
عائشة : ياأمّــاه لنتحين الفرصة ماداموا مجتمعين .
تقول عمتي شريفة : أود أن اعلمكم ياأبناء العربي أنّ ضيوفاً أعزّاء مقبلين علينا بعد يوم غد ، لذى
أتمنى أن لا تفارقونا إلاّ بعد أن توفـّوا واجب الضيافة .




شوقي : لابد وأنّهم ضيوف ذََوُو شأن مادمت تطلبين بقاءهم !
عمتي شريفة :أي نعم يابني ، سوف تزورنا عائلة الحاج أحمد لقطع الشرط والفاتحة لعائشة
وماأخالكم سوى نسيتم الموعد !
عمي العربي بنبرة رجولية مفخّمّة : أهلا وسهلا بِخِيار الناس وكيف أنسى فاتحة ابنتي الغالية .
أمّا عائشة فقد أخدها ساحل الذكريات الطويل الى اليوم الذي تقدمت فيه عائلة الحاج أحمد لخطبتها
لابنهم مصعب .
كيف عسر على مصعب إقناع أخوها جلال بأنهّ رجل مستقيم لاعوج له ولامخرم في مروؤته وإقناع
عبد الكريم بأنّه مستيسر الحال ، بل وكيف اقتنعت به وأحبّت خصاله وأسلمت نفسها لرغبة قلبها.
وبينما هي غارقة في سرحانها ،إذا بباب المنزل يُطرق !
ينهض شوقي مقبلا على الطارق بخفّة.
شوقي : ألا يمل هؤلاء القوم من الشحت حتى في يوم العيد ، وهل هذا وقت الخبز !
جلال يقوم من مجلسه معنفا أخاه: أوليس في قلبك رحمة ياشقي ..
في تلك الأثناء كان خلف الباب رجل أسمر ، تظهر عليه معالم الفاقة ، أشيب الرأس، أزجل الحاجبين ،
أنجل العينين ، يكاد الدّم يقطر من وجنتيه من شدّة الحياء .
جلال : حيّاك الله اخي ،هلـ من خدمة ؟
الرجل : حيّاك الله يا أخي ، محتاج الى بعض الخبز كان الله في عونك .
جلال : لحظة أخي من فضلك ..
يتوجه جلال الى المطبخ فإذا به يلقى عمي العربي في رواق المنزل بمشيته التي أثقلها الكِبَر مشيرا
اليه أن عد الى مائدة الطعام .
فما أن اقترب العربي من الباب حتى سمع صوتا جهوريا .
كان الغريب يحدث نفسه : ويحك ياجواد أسقطتك مواجع الأزمان أرضا فبلغت بك المآسي مبلغا،
أتتودد غيرك من أجل رغيف خبز !
ويحك يابن العقيد السّعيد ، ويحك يابن المجاهد والشهيد ، أأنستك الفاقة يوم العيد ،ومتى يوم العيد !



يقف عمي العربي ساكنا ساكتا ، تسمرت قدماه في الأرض ، احتبست الكلمات في محجرها من هول ما
سمع ، فعاد أدراجه متجها نحو المطبخ ، فأذا بالشاة مطروحة وهي لم تقطّع بعدُ ، فأخد سكينا وبحرقة
وكأن كلام ذاك الرجل لايزال يتكرر على مسامعه قطع فخدا منه واضعا إيّاه في كيس .
ثم أقبل عليه محاولا اختزال كل ماسمعه ،منازعا تلك المشاعر بابتسامة عريضة .
عمي العربي : أهلا وسهلا بك ابني جواد ، تقبل الله منا ومنكم ، واعذرنا إن كنا قد اطلنا عليك
وأبقيناك وحيدا تصارع وحشة الانتظار فهـلّا تفضلت لتتعشى معنا من فضلك ،فحاجتنا للضيف أعزُّ من
حاجتك لنا .
بعجب واستغراب ينظر جواد الى عمي العربي : أأ فينفجر المسكين مجهشا بالبكاء.، احتقنت كلماته
أمام تغر عمي العربي الباسم .
جواد : والله مالفاقة قهرتني بقدر ماقهرني قلة الرّجال من أمثالك .
عمي العربي : الخير موجود دائما يابني فلا تجزع واهرع الى مولاك تجده معيناً قديرا .
جواد وهو يفرك عيناه يكاد يقتلعمهما ، محاولا الحفاظ على رباطة جأشه : أشكرك جزيل الشكر ياعم
، إلا أنّي تركت أهلي لوحدهم ، فهلا سمحت لي بالإنصراف ؟
عمي العربي ك لك ذلك يابني بعد ان تقبل مني هذا ،فدفع اليه كتف اللحم .
جواد والبسمة ارتسمت على محياه وقد تهلل وجهه وانهمرت الدموع من وجنتيه فماقدر أن ينازعها
بل أطلق لها العنان : ربي يحفظك ياعم ..ربي يحفظك ياسيد الرجال وهولايكاد يصدق أنّه يحمل فخدا
من اللحم ،لايصدق أنه سيتعشى باللحم مع أولاده ،سيقضي ليلة العيد كما عرف النّاس العيد.
عمي العربي : على الرحب والسعة يابني ،لست بسيّد الرجال ،أنا عمك العربي وفقط يابني .
بقى عمّي العربي حبيس الموقف متأملا حال ذاك الرجل ،إلى أن خرج اليه ابنه شوقي يتساءل إن كان
قد اعطاه الخبز !
عمي العربي وهو يغلق الباب : الحمد لله ،أعطايناه أكثر من ذلك ؛أعطيناه البسمة .


كتبها :يوسف ابن ميمون

بعد منتصف الليل من يوم الأثنين 25 /2011/09

البرينس 19-11-11 02:00 PM

رد: عمّــــــــــــي العربي .•:*¨`*:
 
قصة رائعه

سلمت علىالطرح

امي نظرعيني 20-11-11 12:08 AM

رد: عمّــــــــــــي العربي .•:*¨`*:
 
حفظتها عندى بجهازى
يسلمووو خيووو

حويطي الشمال 20-11-11 12:23 AM

رد: عمّــــــــــــي العربي .•:*¨`*:
 
قصه اكثر من رائعه ونص ادبي قيم كما عودتنا اخي يوسف
سلمت يداك


الساعة الآن 12:34 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL