الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد

يا يمة "الهامة" قبل الكرامة

كانت لإحدى النساء ابنتان بنتها ، وابنة زوجها ،وبالطبع كانت تهتم بابنتها أكثر ، فتغذيها وتدللها وتهتم بها ، وشاء الله أن يرزق البنتين في وقت واحد بالزواج ، فتمت الاستعدادات ،وأعدت الأم (الجهاز) للعروسين،وقامت بترتيب الأدوات على (الرحال) لنقل أغراض العروسين .
ويوم العرس قامت الأم بمشط البنتين بالمشاط ، وهو تمشيط الشعر بطريقة معينة وبمواد معينة ،وهي تعطي الشعر رائحة زكية وشكلا جميلا ولونا براق، وقامت بالمشط بطريقة محكمة فهن عروسين ، وعندما ركبت البنتان هودجهما على ظهر الجمال واستعدتا للمغادرة قالت الأم وصيتها المشهورة وهي تصغي فيها لأذن ابنتها قاصدة بذلك ألا تسمع بنت زوجها الوصية الثمينة "يا بنيتي شدت أمك لا تحط ،ومشطة أمك لا تقض "،وتقصد ألا تتنازلي عن ترتيب أغراضك بذات الجودة التي شددت بها ورتبت بها أغراضك، ودائما مشطي شعرك بنفس طريقتي حتى تبدين جميلة ومرتبة.
توجهت البنتان بعد الاتكال على الله إلى بيتي زوجيهما ،أما ابنتها فتلقتها حمولتها بالترحيب وبادروا بأخذ أغراضها ليريحوها منها، فبركت عليها مثلما يبرك الجمل وقالت صارخ: ( شدت أمي لا تحط )،ورفضت بشراسة أن يتم تغيير أغراضها،ولم تفكها ولم تستفد من أي شئ منها !!
وكذلك فعلت بشعرها المسكين،فهي لم (تفله) يوما لتمشطه ،فامتلأ شعرها قملا ووسخا!!
لقد تعاملت هذه البنت البليدة والغبية مع الوصية بالحرف الواحد! ولم تفهم أن الوصية القصد منها التشبيه والتوصية الجيدة.
أما ابنة زوجها النبيهة الذكية،فقد عملت بوصية خالتها،ورتبت أغراضها،ما أبهر حمولتها لأنها (سنعة) أي حسنة التدبير،وأذهلت زوجها بجمال شعرها وترتيبه،فحظيت بالحسنين.
وبعد مرور فترة طويلة عادت البليدة لأمها وقد مل منها زوجها وتعبت منها حمولتها،فقالوا نرسلها لأمها لعل حالها يصلح!
عادت لأمها تهرش رأسها وتحكه وقد انتفش كشجرة(العوشز)البرية،فهي منذ ليلة زفافها لم تمشط شعرها!! وأقبلت الأم لترى ابنتها بلهفة،فهلعت وخافت من شكلها البشع،وشعرها المنفوش وملابسها البالية وأغراضها المليئة بالغبار،فصاحت البنت بأمها قبل السلام (يا يمة الهامة قبل الكرامة)،أي ابتدئي بشعري ومشطيه قبل الكرامة والضيافة والسلام!!
هنا أمها شعرت بالخزي والحزن،وقالت قولتها الشهيرة: علمت مي والتفت لي مايدة .. يا ليت مي ما ولدتها الوالدة!! أي أنني علمت ابنتي مي،ولكنها لم تصغ واستفادت من نصائحي مايدة ابنة زوجي،وياليتني لم ألد مي ابنتي.
ربما هذه الحكاية لها معان أكثر من الظاهر،وأحد هذه المعاني الكثيرة هو أن الظالم والمخطئ لابد وأن يقع في شر أعماله،فلو هذه المرأة نيتها وساوت بين الأختين في التعامل،ربما انصلح حال ابنتها بفعلها، لكن من يزرع الشوك لا يحصد العنب.