الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد

القى بنفسه في خمول على احد مقاعد المقهى منزويا في احدى زواياه الصامتة كصمت وجهه تنهد في ضيق وكأنها كومة من احلام طفل لم يسعفه الوقت لتحقيقها.. يقلب فنجانه بهدوء وصمت ويده الاخرى علي فمه يعض اطراف اصابعه تارة واظافره تارة اخرى وهو يتذكر ان اصحابه ينهونه عن تلك العادة لكنه الملل يكرر ما لايجب تكراره .. تنهد طويلا وكثيرا وسبح عكس تيار نفسه وتذكر وضعه الاول .. تذكر ذلك الشاب الرائع الذي كان قدوة لأقرانه ومثلا يحتذى به .. تذكر قول خالته حين تقول لأبنها لماذا لا تقتدي بجاسر ابن خالتك متفوقا بالعلم فائقا بالخلق وتذكر كيف كانوا يدعونه كثيرا للإبحار في موج الفساد معهم قائلاين .. لماذا لا تشعل جنونك في طرف سيجارة مثلنا ؟ تذكر ان بعضهم كان كثيرا ما يتهكمون عليه عندما لا يتسمع للأغاني وبالاخص المبتذلة المسفه وتذكر كيف دارت رحى المشاعر علي عقله وتعلق بأبنة عمه التي لم يراها وحين تقدم لخطبتها جائه الرد صادما منها ومن امها كان الرد قليلا موجزا لكنه كان فعالا كأنه كبسولة صغيرة من سم السيانيد عكست دورة دمائه ففقد نفسه في ثوان قالتا له ( هذا لا يليف به الا عروس من العصر الحجري فقد بليت افكاره ) كان الرد بمثابة صفعة قاسية علي وجه نائم ايقظته هلعا واشبعت جسده المهتز رجفة ورعبا شعر ان مبادئه التي يتفاخر بها امام نفسه حين يعاندها ليس لها وزن في عيون البعض وشعر ان دقات قلبه الصافية الرقيقة بخس الناس ثمنها تمنى لو ان له اخوة كيوسف الصديق ويلقونه في ظلمات جب يفترسه الجوع والقلق .. تمنى لو انه جملة كسيرة الوزن خرجت من فم متشدق لا يجيد اللغة فنساها الناس ولم تعلق بأذهانهم خرج من هذا الموقف بعد ان ارعدت سماء نفسه وهزته هزا وتشقق البرواز العقلاني عن صورته الراقية وسقط في بئر من الصمت والوحدة طويلا واثناء هذه المدة تلقفته ايد اصدقائه .. هؤلاء الذين كان يعترض علي كل تصرفاتهم من تدخين واغان مسفه وسهر لكنه وسط هذه الهزة القوية التي عصفت بهدوئه القت به امواجها على بهرج شواطئهم ولا يدري كيف ولماذا .. شعر انه اصبح شخصان قتل احدهما الاخر شعر لو انه وقف امام مرآة فلن تعرفه مرآته القديمة فتنهد قليلا وهو مسترخ يسند هامته على يده واستفاق فجأة علي صوت رنين هاتفه بأغنيه شعبية مسفة من تلك النوعية التي كان يرفضها قديمها .. نظر في هاتفه وقلب شفتيه بإمتعاض وكتم صوت الرنين والقى هاتفه جانبا ونفث عاصفة من دخان سيجارته وهو يناظر الدخان بعينيه وكأننه يخاطب الدخان كيف رضى به من بعد ما كان يعاديه ثم ثنى رأس باقي سيجارته ليطفئها بهدوء كما انسابت دمعة من عينه بهدوء ايضا تحبو على خده حتى اندثرت ولم يبقى الا اثرها .. كما اندثر هو ولم يبق الا اثره

النهاية

بقلمي

عودة للقصص القصيرة وآمل ان تنال اعجابكم