رقابة البلديات .. المطلوب إجراءات واضحة ورادعة
 

أعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية إطلاق نظام للرقابة الصحية وقياس فاعلية الأداء الرقابي في مجال الصحة العامة وسلامة الغذاء. وللحقيقة فهذه خطوة جبارة بكل المقاييس رغم أنها نوعاً ما جاءت متأخرة، لكن كما يُقال أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً. هذا التفاؤل الذي نبديه حيال البرنامج الرقابي ليس بلا سبب، فالوزارة تتحدث عن برنامج رقابي تم إعداده وفق دراسة علمية في ضوء تقييم شامل لحملات الرقابة التي تمّ تنفيذها خلال فترة كافية، وتحليل دقيق لنتائج واستقصاء آراء ومقترحات جميع الجهات المعنية في الأمانات والبلديات والمستثمرين في مجال صناعة وتوزيع المواد الغذائية، وكذلك الجهات المعنية بإعداد معايير الجودة وسلامة المنتجات الغذائية، وصولاً إلى أصحاب المطاعم والبقالات والمستهلكين والقائمين على تنفيذ الحملات الرقابية ميدانياً، ثم تم عقد ورش عمل وحلقات نقاشية حتى تم تطوير البرنامج الرقابي المقترح. هذا العلم الجاد في بناء البرنامج هو الخطوة الأولى والأهم لنجاح البرنامج، وهنا تتفوق الوزارة على نفسها، فهي لم تقف موقف الواثق بأمره، بل تعرفت على مشكلات المحال التجارية والناس وستعمل من أجل تطوير البرنامج ليس ليرهق بل ليطور ويحسن العمل ويساعد الجميع على حياة فاعلة وصحية آمنة.
وبما أن الوزارة واجهت التحدي الأكبر وتعاملت مع الأهم، فإن المهم لم يزل قابعاً في الطريق. فالتخطيط الجيد يحتاج إلى تنفيذ جيد ورقابة فاعلة. فعبارة برنامج تحمل الكثير من المضامين المهمة التي يجب أن تتعامل معها الوزارة بحكمة. ذلك أن أي برنامج رقابي يشتمل على عناصر عدة من بينها الأدوات الرقابية، الموظفون، والموارد الكافية، كما يتضمن (وهذا مهم جداً) وضوح الإجراءات والتصرفات التي على أساسها ستتم مراقبة المحال التجارية أو ما نسميه المعيار. ولنبدأ من آخر عنصر، فالإجراءات التي يجب أن ينفذها المحل التجاري مهما كان نشاطه يجب أن تكون واضحة له ولعماله وللناس وللمراقب. لذلك من المهم أن تطور الوزارة معايير واضحة يمكن لصاحب المحل أن يطلع عليها وأن يراقب نفسه بنفسه، وأن يلتزم بالإجراءات الواردة في المعيار الذي وضعته الوزارة، ثم يأتي المراقب لتفحص العمل وفقاً لهذه المتطلبات المعلنة، كما يمكن للمواطن أن يتعرّف على هذه الإجراءات الواجبة على المحل اتباعها ومن ثم يبلغ عن أي مخالفات قام برصدها. فوضوح المعايير أو الإجراءات التي يجب على المحال التجارية الالتزام بها هي نقطة أساسية في بناء البرنامج.
القضية الثانية، وهي الموارد الكافية، من المهم أن تتوافر للبرنامج الذي تم تطويره بهذه الطريقة العلمية كل الموارد اللازمة لنجاح تنفيذه، كثيرة هي الخطط الرائعة، وكثير هم المفكرون المبدعون، لكن التنفيذ هو الفيصل بين البرنامج المصمّم على الورق والواقع. فالرقابة ليست مجرد أوامر يجب الالتزام بها، بل منظومة شاملة من الأدوات الرقابية ومنها وجود تواصل سريع مع المواطن حول ما يواجهه من مشكلات تتعلق بالصحة وسلامة الغذاء، هناك الكثير من المؤسسات التي تقدم الغذاء بطريقة خطيرة على الصحة، شجعهم على ذلك صعوبة وصول المواطن إلى رقم تواصل سريع مع الجهة الرقابية، وكما ذكر أعلاه فإن المواطن قد يكون عرضة لكثير من المخاطر الصحية، بينما هو لا يعرف لعدم وجود إجراءات واضحة ومعلنة وبارزة في المحل برفقها وسيلة تواصل مع الأمانة في حال تم الإخلال بهذه الإجراءات. فمن المهم لنجاح البرنامج من تطوير الأدوات الرقابية وسرعة التواصل مع المبلغين وتنفيذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفين. من المهم أيضاً أن يكون هناك عدد كاف من المراقبين والموظفين لتنفيذ هذا البرنامج.
هذه العناصر جميعها تؤلف ما يسمّى البيئة الرقابية، فالبرنامج مشروع وليد يحتاج إلى بيئة مهيأة بكل الظروف المناسبة كي يحيا، ومن ثم تتم تغذيته وتطويره حتى يؤتي ثماره في الوقت المناسب.

نقلا عن الاقتصادية

رد: رقابة البلديات .. المطلوب إجراءات واضحة ورادعة
 

اخوى السيف
يعطيك العااااااااافيه