أما من نهاية لهذا العشق !!
 

عانى العرب من ويلات الحرب ما عانوا، فالحرب كما يصفونها تأكل الأخضر واليابس، لاتعف عن شيء ولا تستثني أحدا !!

لا شيء في هذه الدنيا أقبح من الحرب، فما أقبح أن تكون في موقف ليس أمامك سوى أن تكون قاتلا أو مقتولا، فالحرب كما يقال، نفقتها من الأرواح!!

وما يقال عن قبح الحرب لا يخفى على أولئك الذين يحبون إيقادها، لكنه الطمع البشري، الذي ينسي الإنسان إنسانيته ويحيله إلى وحش يساق بالغريزة وحدها.

في تاريخ أيام العرب قبل إسلامهم حدثت حروب كثيرة طويلة ومنهكة، إلا أنها لم تكن لتردعهم عن الاستمرار في طلب القتال وتوارث الميل لخوض المعارك. كان خوض الحروب عنصرا أساسيا في حياة العرب، فزخر أدبهم بالفخر بسمات الشجاعة والفروسية والمهارة في القتال، وامتلأت أشعارهم بوصف آلات الحرب ومواقفها، وتغنوا بأدوات القتال كالفرس والسيف والرمح والدرع وغيرها.

كان العرب يخوضون الحروب من أجل الدنيا، طلبا للغنى والسيادة والجاه والمجد، ولم يكن طلب الآخرة جزءا من حروبهم تلك، كانوا يخوضون الحروب بناء على مبدأ (إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب) فقد كانوا يطلبون الحرب من أجل (البقاء)، والبقاء المعني هنا بقاء القوة والسيادة والعزة، لا بقاء الذلة والحقارة، لذلك بلغ بهم الشغف بطلب الحرب أن رأوا الموت في غير الحرب سبة ونقيصة تصيبهم:

وما مات منا سيد حتف أنفه

ولا طل منـا حيث كـان قـتيـل

تسيل على حد الظباة نفوسنا

وليست على غير الظباة تسيل

أما اليوم، فإن أحفادهم يخوضون الحروب من أجل (الموت)!! يخوضون غمار الحرب لا يعرفون لهم هدفا ولا يرجون لهم غاية سوى أن تكون الحرب طريقا لهم نحو الموت، فأحفاد العرب يدفعهم شغفهم (بالموت) وليس (البقاء) إلى طلب الحرب، ظنا منهم أن موتهم في الحرب، أي حرب، عاقبته الشهادة التي جزاؤها دخول الجنة والتمتع بملذاتها، فصاروا يبيعون أرواحهم بسخاء لا مثيل له في تفجيرات انتحارية وفي غزوات ومداهمات لا غاية لها سوى (الفوز ) بالموت!!.

عزيزة المانع
نقلا عن عكاظ