![]() |
المحور السعودي الاماراتي - مبادرة الحكماء لجمع الشتات
لم يترك لنا العالم العربي المخيف والمنحدر إلى هاوية القاع أمنياً وسياسياً خياراً بين أمرين أحلاهما مرّ، ولم يمنح الجميع فرصة للتوقف، والاعتبار، وحتى الاعتذار عن مآسٍ إنسانية شهدتها المنطقة دون غيرها منذ قرون من الزمن، وأكثر من ذلك هاجساً وخوفاً حين يكون تعداد المليشيات والجماعات الإرهابية أكثر من الدول العربية ذاتها، وهو ما يؤكد حجم الخطر الذي يهدد الجميع، ولا يزال، وربما يطول إذا لم يكن هناك "مبادرة حكماء" تحمي ما تبقى من شتات العالم العربي، وتحفظ له كرامته قبل حضوره، واستقراره قبل أن يفوت الآوان!.
الحديث عن التطورات المتسارعة في العالم العربي مثيرة ليس في حجم مآسيها، وتداعياتها، ولكن أيضاً في حجم التدخلات التي وصلت إلى حد الانكشاف على الواقع، والخروج عن لغة الحوار إلى الابتزاز السياسي، وإيران خير شاهد على هذا التدخل في الوطن العربي بحثاً عن فوضى المنطقة، وصولاً إلى هدفها الأساس وهو تصدير الثورة، وكسب المؤيدين وإن كانوا أقلية على حساب المجموع الرافض لهذا الوجود، وأيضاً الجماعات الإرهابية التي تمددت ليس في مسمياتها، وأهدافها، وأفكارها، وإنما أيضاً في مصالحها مع قوى أخرى تبحث عن خارطة طريق ممهدة للتقسيم، والتفكك، والانهيار في أي لحظة، وهو ما كان بالفعل مع تنظيم داعش الإرهابي، حين ترك قضيته مع إيران والمجرم بشار الأسد من دون أن يطلق عليه رصاصة واحدة، وتفرغ عن قصد لقتل وترويع الآمنين، والإساءة إلى الإسلام في أقبح صورة حين يكون القتل فناً يتجاوز العقل إلى الانتقام الشرير بحثاً عن استعراض القوة لإثارة العالم. أمام هذه المشاهد المخيفة عربياً في واقعها السياسي والأمني؛ نجح (المحور السعودي الإماراتي) في التصدي لكثير من محاولات التمدد المرفوضة، عسكرياً وفكرياً، وأظهر بسالة في احتواء كثير من الأزمات التي كادت أن تعصف بالمجموع، وحافظ على عمق واستراتيجية العلاقات العربية العربية، وارتقى عن الصغائر، والتجاوزات؛ ليشكّل قاعاً جديداً ترتكز عليه تلك العلاقات والنهوض بها من جديد من دون أن يكون هناك فرصة لأحد أن يتطاول، أو يسيء، أو حتى يقطع الطريق ويعكّر الأجواء. (المحور السعودي الإماراتي) بقيادة الملك سلمان والشيخ خليفة بن زايد ومتابعة واهتمام ودعم من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي هو ما يعوّل عليه اليوم في لعب دور أساس في انتشال الواقع العربي من الفوضى والدمار إلى ما يمكن أن يرتقي بوجوده، وتاريخه، وتضحياته، وهذا المحور الذي نجح في مناسبات كثيرة في إثبات صدق النوايا، وحقن الدماء، وحفظ الأمن والاستقرار لدول عربية كادت أن تذهب ضحية جماعات وأفكار مؤدلجة ومسيسة لخدمة المشروع الإيراني في المنطقة، ولا يزال هذا المحور إلى اليوم يواصل العمل سياسياً وعسكرياً واستخباراتياً لتنسيق المواقف، حيث كان الائتلاف في الحرب على داعش شاهداً على انسجام الرؤية بين البلدين الشقيقين في محاربة الإرهاب، وتجفيف منابعه، وفي الجانب الآخر كان الحضور المشترك في دعم مصر الشقيقة مثالاً أكثر وضوحاً في قطع الطريق على كل من كان يحاول أن يجرّ مصر إلى الفوضى والاقتتال. لا شك أن وجود ولي عهد أبو ظبي في الرياض يوم أمس والملك سلمان في مقدمة مستقبليه حفاوة وتقديراً، هو تأكيد على عمق ما يجمع بين البلدبن الشقيقين من مسؤوليات أخلاقية، واتفاق نحو التصدي للمشروع الإيراني في المنطقة، والحفاظ على أمن الخليج من أي محاولات اختراق، والعمل المشترك لما هو عليه الواقع العربي اليوم، خاصة بعد ما آلت إليه الأحداث في اليمن وانقلاب الحوثي على الدولة ومحاولة شرعنة ذلك بإعلان دستوري معيب ومخجل ومرفوض، وما وصلت إليه الأوضاع في سورية من قتل ودمار تمثّل أسوأ ما خلّده التاريخ المعاصر من مآسٍ إنسانية، وما وصلت إليه الآن الأوضاع في ليبيا تحت حكم مليشيات متناحرة قتلاً وتدميراً من دون الانخراط في المجموع السياسي والاتفاق عليه رغم ما تمثله من إمكانات ليست سهلة اقتصادياً، وأيضاً الحال في العراق الذي كان مصدر الأمن والأرزاق للمنطقة كيف هو اليوم من فوضى.. اليوم يعوّل على (المحور السعودي - الإماراتي) الكثير تجاه أزمات المنطقة السياسية، والتنسيق في مواجهة الإرهاب، وأيضاً أن نقدم صورة للعالم المتحضّر كيف هي العلاقات التي لا تُبنى على المصالح والتكتيك المتغيّر، وإنما تُبنى على ثوابت جمعها التاريخ والإرث الثقافي والاجتماعي من جهة، والحكمة وعمق الرؤية في التصدي لمحاولات النيل والإساءة والتشكيك من جهة أخرى. د / احمد الجمعة جريدة الرياض |
الساعة الآن 01:01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL