التوازن الديموقرافي
 

لا اعرف ما سر هذا الصمت الرهيب عن التزايد السكاني الذي يكاد يطبق على كل برامج التنمية والذي ستكون له آثار خطيرة على أولادنا قبل أحفادنا في المستقبل.

في الماضي كان ثمة توازن بيولوجي وديمغرافي فطري دقيق، دعونا نفترض بان الأب كان ينجب نفس معدل اليوم من الأبناء، لكن في ذلك الوقت كان يموت بعضهم بسبب الأمراض والأوبئة ويتعرض البعض الآخر للقتل بسبب الغارات وأساليب السلب والنهب ومن تبقى منهم على قيد الحياة تكون الحاجة إليه ملحة للمساهمة في أعباء وتكاليف الحياة القاسية سواء في الفلاحة أو الرعي، وبذلك ظل التوازن الديمغرافي يسير طبيعياً متدفقا وفق نظام البيئة الصحراوية القاسية.

اليوم ليس هناك إشكالية مع أرزاق الناس ولم تعد المسألة تتوقف على المأكل أو المشرب كما كان الحال في الماضي، خلاف أن الأرزاق على الله سبحانه وتعالى وهو المتكفل قطعا بأرزاق عباده لكن المسألة تتعلق بمتطلبات الحياة الجديدة وإعداد الإنسان لزمن غير زماننا وهو الإعداد الذي أصبح شرطاً للحياة الكريمة كالتعليم والصحة فضلاً عما سوف يلاقيهم في المستقبل من تكالب أممي على الموارد والإمكانيات الذاتية للفرد المؤهل الذي يصنع مجموع الأمة.

معظم الشعوب لم تحدد نسلها بنصوص من الحكومات أو البرلمانات وإنما جاء كثقافة تراكمية بعد أن أيقنت أجيال من الآباء أن تأهيل اثنين أو ثلاثة وتنمية معارفهم ومهاراتهم وإعدادهم للحياة بسلاحها الحاضر قد يعادل في قيمته ووزنه أبناء الحارة (كاملة) عندنا.

ترى كيف يتسع النطاق الإشرافي الأبوي لهذا الكم الكبير من الأبناء والبنات، وكيف سيتعاملون مع الحياة بعد أن يتم إزاحة المظلة الواقية.

عيسى الحليان
عكاظ