أحسن الظن و احكم الأمر
 

اجتهد وزير العمل السابق كثيرا لترويض سوق العمل وحمله على السعودة وأصاب قليلا من النجاح، هذه حقيقة يجب أن يعيها وزير العمل الجديد، بالخصوص أنه كان وكيلا للوزارة وقد شهد النجاح والإخفاق وأين كان. دار معظم جهد الوزارة حول ما يمكن تسميته بالمثلث الجهنمي لوزارة العمل، السعودة الوهمية والتستر التجاري والبطالة، وكان التركيز الأكبر على الضلع الأهم برأي الوزارة وهو السعودة، ولا بد أن الوزارة كانت لديها خطط بديلة لخطتها الرئيسة لمحاربة السعودة الوهمية، وهذه من أبجديات التخطيط، وبالتالي فإن الوزير الجديد لا يحتاج المئة يوم الأولى التي تمنح عادة للوزير الجديد القادم من خارج الوزارة لمعرفة طبيعة عمل وزارته، ولا هو مطالب بالبدء من الصفر لأنه لا شك كان مشاركا في كل الخطط السابقة لمواجهة المثلث الجهنمي المحبط لكل مساعي وزارة العمل.

وللإنصاف فإن فشل تنظيم نطاقات الذي حاولت به الوزارة تشجيع المستثمرين على السعودة لا تتحمله الوزارة وحدها، فقد أبدع هؤلاء في الالتفاف عليه وتطويعه لرغباتهم في الاستقدام وإن أدى الأمر لدفع رواتب لسعوديين لاستغلال اسمهم في كادر عمالتهم، لكن يؤخذ على الوزارة تقاعسها أو عدم قدرتها على مراقبة سوق العمل، تنظيم مثل هذا يحتاج نظام عقوبات مغلظ يعضد تنفيذه وإلا فإنه سيأخذ الضعيف قبل القوي. وهنا يأتي الطلب من الوزير الجديد بالتحول إلى الخطة البديلة بعد تجارب سنوات مع تنظيم مخروم، وقد اقترح هنا أن يبدأ بافتراض حسن الظن بالمستثمر فإذا ثبت تلاعبه يطبق عليه العقاب المغلظ ليهاب الجميع القانون ويحترم النظام، ورضي الله عن ذي النورين القائل ينزع الله بالسلطان ما لا ينزع بالقرآن.

يظل السؤال الناشب لكل وزير عمل جديد منذ عهد المرحوم الدكتور القصيبي: ما هي محاذير وضع حد أدنى للأجور، لماذا يتجنبه كل وزراء العمل السابقين، هل دونه محظور شرعي؟ بدونه لن يقبل أي مستثمر توظيف مواطن بأجر أعلى من الفتات الذي يمكنه تقديمه للعامل الوافد سواء كان طبيبا مهندسا أو عاملا عاديا، وخلفه تكمن كل خفايا سوق التجزئة الضام لمثلث الوزارة الجهنمي. لماذا لا يتم أخذ فرق الراتب من المستثمر المصر على توظيف الأجنبي وتقديمه للمواطن الذي يتم توظيفه في مؤسسة أخرى، تحدثت سابقا وغيري كثيرون عن طرق شتى للتوطين، وكلها ممكنة إلا زراعة الحس الوطني لدى بعض المستثمرين فيبدو أنها كالعنقاء والخل الوفي.

عبد المحسن هلال
عكاظ