العين الثالثة للمدير ؟
 

سلطت جريدة الرياض قبل فترة من خلال تحقيق صحفي طريف الضوء على بعض ما قد يجري في الإدارات والمؤسسات العامة والخاصة من سلوكيات يقودها ويشجع عليها بعض الذين يتولون الأمور الإدارية أو المالية في جهاز أو مصلحة، فيكون للواحد منهم شخص أو أشخاص من صغار مرؤوسيه تكون مهمتهم الأساسية نقل ما يدور في الأقسام عنه وعن مستوى إدارته وأسلوب تعامله فهو لم يكتفِ بما منحه الله إياه من أذنين على جانبي رأسه كل واحدة منهما مثل «المايك» تلتقطان حتى الهمسات بل كان الواحد من هذا النوع من الإداريين حريصا على التقاط الأحاديث والكلمات عن طريق أذنه الثالثة ولذلك وصف التحقيق الصحفي المشار إليه أولئك الموظفين بأنهم يعتبرون الأذن الثالثة لمديرهم وأنهم لم يصلوا إلى هذه المكانة في نفسه والثقة البالغة فيما ينقلونه إليه تباعا من معلومات إلا بعد أن جربهم فوجد لديهم الاستعداد الكامل للعب هذا الدور المريض تقربا إليه وطمعا في نيل رضاه وأن يخصهم فيما بعد ببعض المزايا الوظيفية التي تكون من صلاحياته وفي مقدمتها منحهم العلامة الكاملة في تقرير الكفاية.

وأرى أن هذه النوعية من المديرين - إن وجدت - غير جديرة بالمسؤولية التي أسندت إليها، بل هي شخصيات مريضة تعاني من عدم الثقة بالنفس وسوء الظن بالآخرين والاستعداد لسماع الوشاية والتعامل معها والإضرار بمن نسب إليه قول يحط من قدره، مع أن المسألة برمتها لا تعدو أن تكون دسيسة رخيصة وكلمات ألفها من نقلها فلقيت قبولا عند ذلك الإداري المريض الذي قال الشاعر فيه وفي أمثاله:

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه

وصـدق ما يعتاده من توهـم

وعادى محبيه بقول عداته

فأصبح في ليل من الشك مظلم.

وحتى لو أن ما نقل إليه فيه شيء من الصحة فقد يكون الكلام حول الإدارة نفسها وليس حول شخصه الكريم ولكن بعض المديرين يعتبرون الإدارة من ضمن أملاكهم الشخصية التي لا يجوز لأحد من موظفيه أو حتى من المراجعين نقدها بأي حال من الأحوال، بل إنه قد يحقد على من يقوم بتقديم الملاحظات له من موظفيه أو من خارج الإدارة فأما موظفوه فإنه سيدفعهم ثمن «فصاحتهم» وأما المراجعون فإنه يقول بينه وبين نفسه «درب العجل على الجزار!»، فهل قد عطل أذنيه التي خلقهما الله له واستعمل الأذن الثالثة التي تنقل له الأقاويل لينشغل بها عن أداء عمله في التخطيط لإزاحة وإيذاء من لا يعتبره كامل الأوصاف!.

محمد احمد الحساني
عكاظ