![]() |
دور اللوبي الإسرائيلي في واشنطن
من يصنع السياسة الأميركية في الشرق الأوسط ولمزيد من الدقة ماهو العنصر الأكثر تأثيراً أو وزناً في صناعة هذه السياسة سؤال مطروح دائماً وقد أثير العام الماضي وأثار عاصفة في واشنطن مع المقالة الرصينة والجريئة والشجاعة التي صدرت في مارس 2006 بعنوان اللوبي الاسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية بقلم كل من جون ميرشيمر و ستيفن والت وهما يتمتعان بالجدية والمصداقية الأكاديمية.
نقول جرأة وشجاعة لأنهما كانا يعرفان ما سيتعرضان له لاحقا من هجوم من قبل اصدقاء اسرائيل واتهامات باللاسامية وهي اتهامات تطلق بشكل تلقائي عند كل من يتناول السياسة الاسرائيلية وليس بالضرورة حق اسرائيل في الوجود الى جانب بالطبع محاولات التخويف الفكري والسياسي والتهديد الوظيفي ليكونا عبرة لغيرهما. نعود الى هذه المقالة الأساسية لأنها ستصدر في كتاب في شهر سبتمبر بعد ادخال اضافات عليها وتعميق لطبيعتها. وقد اثار اعلان صدور هذا الكتاب ما سمته صحيفة هارتس «جولة ثانية» من المواجهة بعد اقل من عام من الجولة الأولى، والمثير للاهتمام في هذا الأمر أن الصحيفة تحدثت هذه المرة عن «ضربة استباقية» ضد طروحات هذا الكتاب من خلال صدور دراسة بعنوان «فهم التحالف الأميركي الاسرائيلي» لدوري جولد الذي كان سفيرا لاسرائيل في الأمم المتحدة ومستشارا سياسيا لبنيامين نتانياهو. جولد يرد بالتأكيد والإصرار من خلال قراءة تاريخية للعلاقات بين الطرفين وبالأخص منذ عهد كنيدي على طبيعة العلاقة الاستراتيجية بينهما التي لا توازيها كما ينقل عن كنيدي الا علاقة واشنطن مع لندن. فالمسألة حسب جولد لا علاقة لها بضغوط من طرف اللوبي الاسرائيلي الذي بالطبع يضم يهودا وغير يهود من قوى مؤيدة لاسرائيل، ذات مصالح او رؤى مختلفة. ولكنها تلتقي في دعمها لاسرائيل ليؤكد ان الدعم الأميركي لاسرائيل خارج هذه الاعتبارات ومصدره المصلحة الأميركية الاستراتيجية العليا في فترة الحرب الباردة وان هذه المصلحة تبقى هي هي رغم تغير مصادر الخطر وطبيعة البيئة الدولية وضمنها الشرق اوسطية بعد نهاية الحرب الباردة، ويركز بشكل خاص على البعدين الاستخباراتي والعسكري ضمن هذه المصلحة. وللتذكير فإن السؤال الذي طرحناه بداية كان دائما ومازال مدار الاهتمام والاشتباك السياسي والعقائدي عند الكثير من صناع الرأي وأصحاب القرار السياسي في العالم العربي باعتبار ان الموقف من النزاع العربي الاسرائيلي كان دائما المهيمن على الرؤية العربية للسياسة الأميركية سواء على المستوى الرسمي او على المستوى الشعبي ولو اختلف رد الفعل بين الطرفين بعد ذلك. كانت هنالك دائما ومازالت ثلاث مقاربات أحادية لفهم صنع القرار الشرق أوسطي في الولايات المتحدة: مقاربة ايديولوجية كانت تعتبر اسرائيل قاعدة متقدمة للإمبريالية الأميركية عند راديكاليي الأمس وصارت اليوم تقوم على قراءة اكثر ثقافوية باعتبار أن أميركا قائدة الغرب وهي بطبيعتها معادية للعرب والمسلمين. وهنالك مقاربة استراتيجية بعيدة عن العنصر الايديولوجي وتفسر السياسة الأميركية من خلال ملامح استراتيجيتها العالمية والاقليمية وما تحمله من علاقات صراع مع قوى دولية كبرى وما تمثله من اولويات في الدفاع عن مصالح ثابتة ومستقرة. ثم هنالك المقاربة السياسية التي تركز بشكل خاص على دور اللوبيات أو قوى الضغط والتي هي في تنافس مستمر للتأثير في صنع القرار في اتجاه القضايا التي تهم المصالح او الاتجاهات التي تمثلها. عربيا كان هنالك انقسام حاد بشكل عام بين نظرة جامدة ايديولوجية تعتبر ان الصدام سيبقى قائما ولو اختلف منسوبه بين اميركا والعرب ونظرة سياسية تصل في بعض ألوانها الى تبسيط كبير وتحمل اللوبي كل المسؤولية فيما يتعلق بأي حركة أو سلوكية سياسية اميركية في الشرق الأوسط، وتصور السياسة الأميركية وكأنها رهينة كليا لقرار اللوبي. ومن نافل القول ان القراءة الجامدة الأحادية السبب بعيدة عن الحقيقة وان صنع القرار يخضع لاعتبارات مختلفة . وهي اعتبارات دينامية ومتغيرة بطبيعتها من حيث وزنها بقدر طبيعة دينامية سياسة كل دولة التي تخضع لمؤثرات عديدة داخلية وخارجية في سلوكياتها ضمن الثوابت العامة ولكنها مؤثرات غير جامدة عبر الزمان وكأنها تقوم في فراغ داخلي غير مؤثر على صناع القرار، وكذلك في فراغ خارجي غير مضطرة على التعامل معه بشكل متغير ايضا لاستيعاب التحولات الدولية. دون شك يبقى اللوبي الاسرائيلي الأكثر قدرة على التأثير في الموقف من قضايا النزاع العربي الاسرائيلي ومن المسائل الأخرى التي هي خارج الجغرافيا المباشرة للنزاع ولكنها مؤثرة فيه او تتأثر به بشكل كبير. وما يعرف باللوبي الاسرائيلي له مكونات تتغير مع الوقت من حيث قدرة تأثيرها. ومن حيث حجم اهتمامها فنجد مثلا دور الانجليين الجدد والمحافظين الجدد فاعلا بشكل كبير في تعزيز قوة هذا اللوبي ودوره من منطلق ايديولوجي بالنسبة للطرف الأول واستراتيجي بالنسبة للطرف الثاني في زيادة فعالية هذا اللوبي في عهد الرئيس بوش. اذن نحن امام خليط من قوى مختلفة كل منها يأتي حاملا الدعم لاسرائيل من منطلق مختلف قد يكون استراتيجيا او ثقافيا او دينيا او غيره. وفي تقديري ان الوجه الثاني للمشكلة عند الحديث عن صنع السياسة الأميركية في الشرق الأوسط الى جانب خاصية العلاقات الأميركية الاسرائيلية بسبب طبيعة هذا الائتلاف المتغير والضاغط لمصلحة اسرائيل، يكمن في الغياب العربي او تحديدا غياب قدرة العرب لإحداث الحد الأدنى الفعال من التوازن امام الانحياز لاسرائيل في آليات صنع القرار الأميركي. جملة من الأسباب تقف وراء هذا الضعف العربي المستمر، منها ان اسرائيل طرف في حين ان العرب واصدقاءهم اطراف مختلفة وقد يكونون ذات اولويات متضاربة احيانا ان لم تكن مختلفة عن بعضها البعض من حيث لعبة التأثير وليس بالطبع على مستوى السياسات الاعلامية أو الخطاب العام. وثانيا ان الشأن الاسرائيلي يبقى قضية حيوية ذات اولوية مطلقة بالنسبة لاصدقاء اسرائيل في حين أن المسألة الفلسطينية ليست بالشيء ذاته بالنسبة للعرب. وثالثا ان مكونات اللوبي الاسرائيلي هي جزء من النسيج المجتمعي الأميركي ومندمجة فيه اكثر من المكون الأساسي فيما يمكن ان نسميه مجازا باللوبي العربي خاصة فيما يتعلق تحديدا بمن هم من اصول عربية ولو انه حصل الكثير من التطور الايجابي من خلال الجيلين الثاني والثالث من الأميركيين العرب. لكن المشكلة الأساسية تبقى في ان الرد العربي دائما مبني اما على موقف عقائدي جامد من جهة يقوم على تغييب السياسة أو التفاعل السياسي مع الآخر الأميركي وهو ما تتسم به نظرة اوساط عديدة في المجتمعات العربية تجاه واشنطن او على نوع من المسايرة الصامتة للسياسات الأميركية والقبول القدري بها مع بعض التململ والانزعاج وهما اللذان لا يرقيان الى موقف مؤثر من جهة اخرى. وهو ما يحصل عادة على المستوى الرسمي بحيث يبتعد «اللوبي العربي» في كلتا الحالتين عن قدرته على الفعالية السياسية من خلال الانخراط، ضمن لعبة العصا والجزرة التي هي لعبة مشروعة، في عملية صنع القرار الأميركي وهي ايضا لعبة مشرعة لأن يشارك فيها الجميع ولو بأشكال مختلفة. خلاصة الأمر ان قوة اللوبي الاسرائيلي في صنع القرار ناتجة ايضا بشكل كبير ليس فقط عن قناعاته ووضوح مصالحه وقدراته التنظيمية وشبكة علاقاته بل وبشكل خاص عن غياب لوبي عربي موحد في رؤيته وفي تحديد اولويات مصالحه. وذلك سيبقى مشكلة طالما انه مرتبط بغياب الحد الأدنى الفعال من وجود سياسة عربية تجاه واشنطن وبشأن بلورة علاقات عربية اميركية مختلفة عن ما نشهده حالياً. * نقلاً عن جريدة "البيان" الاماراتية |
رد: دور اللوبي الإسرائيلي في واشنطن
شكرا لك اخي نقل المقال
الاندماج في مجتمع لا يحقق الاهداف التي يطمح اليها اللوبي اليهودي او اي لوبي اخر ولكنه المال الذي يحرك السياسه الامريكيه العالم الذي تحكمه المصالح وليس الاكثريه واليهود لهم اليد العليا في عالم المال والاعمال وكذلك السيطره على وسائل الاعلام والرئيس الامريكي يدين بنجاحه الى كبرى الشركات التي ساندت حملته الانتخابيه والمملوكه لليهود والتي تملي شروطها على مرشحها بل وتفرض على الرئيس مناصب لاشخاص بعينهم مثل ديك تشيني ورايس والقادمين من شركات البترول وبس لك كل التقدير |
الساعة الآن 01:45 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL