حين يكون الوطن .. لا للخلاف
 

نتفق ونختلف لأجل الوطن ولا نختلف حول الوطن.. تلك حقيقة لابد من العمل بها قناعة وإيماناً بحق الوطن علينا جميعاً وكل حسب موقعه.. كما أكد ذلك غير مرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله في غير موقف لا للتصنيف ولا للطائفية ولا لزراعة الفتنة..
يوم غد هو يومنا الوطني الخامس والثمانون.. هو يوم وحدتنا التي أكدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن (رحمه الله) حين وحد البلاد هذا الزعيم السابق لزمانه مع المخلصين من أبنائها لتكون المملكة العربية السعودية نموذجاً في العصر الحديث لدولة انطلقت من حالة ترحال الإنسان وثروته الحيوانية البسيطة بحثاً عن الماء والطعام.. وحيث كان إنسان المدينة ينتقل لدول الجوار بحثاً عن العمل والثراء الى حيث أصبحت بلادنا دولة جاذبة لكل راغب في العمل والثراء.. دولة تنعم بأمن واستقرار ساهم في التأثير باقتصاديات البترول عالمياً.. دولة تميز مجتمعها بالاستقرار والرفاه.. مع تنوع ثقافي يضيف ثراء حضارياً وفكرياً للمجتمع السعودي محلياً وخارجياً في حال امتزاج وتداخل وليس تنافراً.. وخصومة وإقصاء طرف لآخر..
احتفاليتنا غداً بيومنا الوطني يوم الوحدة الوطنية يحمل في مضامينه رسالة للجميع للطفل الصغير للشيخ المسن للرجل وللمرأة للطالب ولحارس الأمن وللمعلم وللجندي على الحدود وللمسؤول الكبير على مقعد مسؤوليته أياً كانت تلك المسؤولية وأياً كانت درجتها أن وحدتنا الوطنية هي محور الزاوية في هويتنا الوطنية ولا يجوز لكائن من كان أن يفكر العبث بها أو الإساءة لها من خلال أطروحات فكرية على وسائل الإعلام أو فوق المنابر، أطروحات تصنف المجتمع لطوائف او شرائح اجتماعية من شأنها أن تثير الفتنة بين أبنائه خاصة ونحن اليوم نعيش تحدياً وطنياً لمواجهة الإرهاب الذي تم استخدام أبناء الوطن فيه تحت أكثر من رداء وعلى رأسها الرداء الديني.. تحدياً، مسؤولية مواجهته لا تقتصر على مؤسسة دون أخرى بل على الجميع؛ مؤسسات وأفرادا مسؤولية اجتثاثه من جذوره..
احتفالية الغد تعني وقفة من الجميع لأجل الوطن ولأجل أهله لأجل الحفاظ على مكتسباته وأهم تلك المكتسبات وحدتنا الوطنية التي جمعت أطراف البلاد تحت راية لا إله إلا الله فكان وسطها منطقة التقاء الشمال بالجنوب والشرق بالغرب.. سنوات كرست وحدتنا فهل يعقل اليوم ونحن نرى بأم أعيننا نتيجة الفتن في المجتمعات الأخرى نحرك رماد نيران أطفأتها دماء أجدادنا وآبائنا تضحية وحباً للوطن.. ليس من العدل مع أنفسنا ومع وطننا أن نستقبل عامه الخامس والثمانين ليوم وحدتنا وهناك من يعتقد أن بعضنا أفضل من بعضنا.. وأن بعضنا أكثر تدينا من بعضنا.. وأن بعضنا وطني أكثر من بعضنا.. في يومنا الوطني غداً جميعنا مسؤولون عن تجديد وتكريس وحدتنا الوطنية وأن يدرك جميعنا أن آراءنا تبقى جزءا من ممارستنا للوطنية فإن خالفت المصلحة العامة علينا أن نغيرها وأن نرتقي بأفكارنا ونسمو بها إلى أن تكون ضمن منظومة فكرية تخدم الوطن وتعمل على تآلفه..
وكل عام ووطننا بخير وكل عام ونحن ننعم بخيرات وطننا أمناً وسلاماً ورفاهاً.

د. هيا عبد العزيز المنيع
جريدة الرياض