الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد

الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد (https://www.alhowaitat.net/index.php)
-   منتــدى نبـــــــض الــوطــن الغالــي (https://www.alhowaitat.net/forumdisplay.php?f=389)
-   -   عودوهم على ثقافة الانتظار واحترام الدور (https://www.alhowaitat.net/showthread.php?t=67634)

الفارس 18-12-15 02:23 PM

عودوهم على ثقافة الانتظار واحترام الدور
 
لا يعرف قسوة الانتظار الا من جرب ان يتعلق في احد المطارات مثلا، او من تجمدت اطرافه وهو ينتظر الباص، او من تعرض لمظلمة وتعلقت قضيته في المحاكم لتنظر في قضيته لسنوات وسنوات، ولا أصعب من حياة الأم القلقة التي تنتظر قدوم ولدها من عمله او من سفره، وإن اردت ان ترى ضعفك وان ترثي لحال نفسك فجرب ان تنتظر قدوم طعام من خارج البيت وانت واطفالك تتضورون جوعا في يوم شات وليس في البيت ما يسد الرمق واطفالك يتباكون حولك، وعداد الثواني كعادته في هذه الاوقات يتحرك ببطء شديد.
***
لا أحد يجادل في قسوة الانتظار وصعوبته على النفوس، الا انك تتعجب حين تعرف ان معنى الانتظار معنى يخضع للنسبية، فالانتظار في هذا العصر الذي تميز بالسرعة لا يقارن مثلا بزمن مضى، ولك ان تتصور ان تسافر على ظهر جمل قاس يهزك نصف يوم لتسقط بعدها من الاعياء نائما نصف اليوم الآخر لتستكمل رحلة مدتها شهر، يحترق فيها جسمك بلهيب النهار ويبهر عينيك سطوع شمسها وتنظر من حولك فلا ترى الا مناظر متكررة لرمال متموجة واحجار متراكمة واشجار نادرة، ويزيد الامر رعبا انك سوف ترجع قافلا مع هذا الطريق بعد اداء مهمتك، ليضيع من عمرك شهران اثنان من الانتظار..
عقلي لا يكاد يستوعب هذه المعاناة رغم انها كانت الى قبل مئة عام مضى، مقارنة برحلة جوية مكيفة في مقعد مريح تأكل فيه وتشرب وتقرأ وتشاهد وتتحدث مع من حولك ساعة واحدة من نهار، ولو تأخر الاقلاع عشر دقائق فسوف تشعر بالظلم، ولو زاد التأخر عشر دقائق اخرى ستدخل في دائرة الاكتئاب وسوف يتآمر معهم ضدك عداد الثواني ليتحرك ببطء شديد..!!
***
قسوة الانتظار على النفس شديدة، ولابد ان نواجه هذه القسوة ونستعد لها ونصبر انفسنا ونحاول التعايش قدر المستطاع، لا بد ان نعرف اننا أسرفنا كثيرا في استخدام المسطرة والمثلث والفرجار وفي استخدام ساعات تعد اللحظات والثواني، اسرفنا كثيرا في التباهي بالانجاز السريع لأي مهمة نختبرها، كم مرة تباهينا باننا قطعنا الطريق او السفر في وقت قصير؟ وكم مرة تشدقنا بقدرتنا على انجاز اكثر من مهمة في يوم واحد، لماذا نضع على انفسنا ضغوطا لسنا حملا لها، ولماذا لا نعود انفسنا واطفالنا على ثقافة الانتظار، واحترام الدور والاصطفاف في الطابور، لماذا هذه النفسيات القلقة والعيون المترقبة التي تحس بها في صالات الانتظار في المستشفيات والصالونات والاسواق؟
بيدنا الآن ان نهدأ وان نتعايش مع الانتظار فبعد اليوم الزمن يضيق والمكان يزدحم، والكثافة السكانية تجبرنا على التعايش والصبر والمصابرة.
وعلى دروب الخير نلتقي

د. أنوار عبد الله أبو خالد
جريدة الرياض


الساعة الآن 05:03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL