نقص الموارد .. فرصة للاصلاح
 

كان الإنفاق الكبير هو الذي يستر عورة بعض الإدارات الحكومية، ورغم تزايد معدلات هذا الإنفاق في السنوات العشر الأخيرة إلا أن المؤشرات العامة لم تحرز تقدما مماثلا في التعليم والصحة والخدمات العامة، وفشلت معظم الأجهزة الحكومية في تحقيق خططها واستراتيجياتها المعلنة، وظلت المؤشرات الأساسية كالبطالة والاستهلاك العام والاعتماد على النفط تشير باتجاه سالب، فيما تفاقمت خلال هذه الفترة بعض المشاكل كالإسكان والغلاء والدعم الحكومي ولم تتم الاستفادة من هذه الموارد الكبيرة في سبيل تحقيق معدلات تنمية ثابتة ومستدامة، ولم تنجح بعض قطاعاتنا في خلق قاعدة اقتصادية كفؤة للاعتماد على الذات في مواردها في مجال السياحة أو الطيران أو الحج أو العمرة ناهيك عن استثمار مثل هذه القطاعات في خلق قيمة مضافة للبلاد.
ومع انخفاض أسعار النفط هل سننطلق من هذه الفرصة لتحقيق إصلاحات عامة في نظامنا الإداري والاقتصادي والعمل على رسم استراتيجية وطنية عليا لأولويات إصلاحات البلاد في هذه المرحلة مع إلغاء الخطة الخمسية التي انتهى عصرها الافتراضي وهي التي تعتمد فقط على بنود الإنفاق المالي بعد تأصيلها في صلب نظامنا التنموي في الوقت الذي لا ترسم آلية لخلق موارد بديلة أو تحسين المؤشرات العامة كالتعليم أو الصحة أو استهداف نسبة محددة في البطالة والنمو الاقتصادي وغيرها بمعنى أنها خطط أفقية وليست رأسية، وبدلا من ذلك نحتاج لهيئة أو لجنة وطنية عليا لتقديم توصياتها في تطوير المؤسسات الثلاث الرئيسية يتم الانطلاق منها نحو تطوير القطاعات الحكومية الأخرى المرتبطة بها كتسلسل منطقي، ومتى تطورت هذه المؤسسات وأنظمة الإدارة الحكومية وتشريعاتها العامة وتم علاج الخلل البنيوي في هياكل أنظمة الرقابة المالية وتم تحسين حمض الإدارة الحكومية، فسوف تتطور معها أوتوماتيكيا هذه المرافق والمؤشرات على حد سواء.

عيسى الحليان
عكاظ