الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد

الشبكة العامة لقبائل الحويطات - المنبر الاعلامي و المرجع الرسمي المعتمد (https://www.alhowaitat.net/index.php)
-   منتدى المنقولات الأدبية (https://www.alhowaitat.net/forumdisplay.php?f=19)
-   -   عندما يَجْتاحُنا الحزنُ الرَّماديُّ (https://www.alhowaitat.net/showthread.php?t=69446)

الشهاب 05-10-17 03:14 PM

عندما يَجْتاحُنا الحزنُ الرَّماديُّ
 

عندما يَجْتاحُنا الحزنُ الرَّماديُّ ، ونُقْعِي في زوايا القلبِ مكسورين ، نَجْترُّ الحكاياتِ القديمة .
الأسى الفارغُ يستيقظُ من بيْنِ الدَّهالِيزِ ، ويصحُو وترُ الشَّجْوِ ، الكتاباتُ التي جَفَّتْ على الأوراقِ كانت ذات يومٍ صوتنا العَالِي ، لفْح الشَّوْقِ ، والرُّؤْيا الحميمة .
خرجتْ منها وجوهٌ لفَّعتْها دورةُ الأيامِ ، شاخْتْ في كُوى النِّسْيانِ ، تحْكي وجه بُومة .
في الجدارِ الأسْودِ الشَّاخصِ نرتدُّ ، وفي قاعِ العيونِ الجُوفِ نَهْوِى ، نَكْتَوِي مِنْ لذعةِ الذكرى ، ومن وحْدِتَنْا في ليلنا العارِي ، ومِنْ هَوْلِ انسحاقِ القلْبِ من طَعْمِ الهزيمة

ها أنا في دَوْرَةٍ الإعصارِ أرتَدُّ عنيفا
خائبَ المَسْعَى أسيفا
و انهمارُ العُمرِ من حولي خُطّى مَبْهُوَرةُ الأنِفاس ، فُقَّاعَاتُ لَغْوٍ زائفٍ ، صارت على الْوَجْهِ أخاديدَ ، وفي القلبِ حروفا
سَكَنَتْ همَّتُكِ الشَّمْطاءُ يا نفسُ ، عَرَفْتِ الأمرَ ، جَرَّبْتِ الذي كان ، تَخَطَّيْتِ الزَّوايا والصُّفوفا
و المصَلِّين _ وراء الهيكلِ البِالي _ وُقُوفا
ها أوانُ الْفَصْلِ ، بوحِي ، اعْتَرِفِي ، لا تَدَّعِي بَعْدُ عُزُوفا
و اهْتِكِي عنك ستار الرَّغْبَةِ الْحُبْلىَ ، قِنَاعَ الأسفِ الكاذبِ ، ذاك المضحكُ الْمُبْكِي ، فما عادَ يفيدُ الصَّمْتُ ، كُوشِفْتِ ، وأتُرِعْتِ من اليأسِ صُنُوفا
كم تطامنتِ ، وأسرعتِ الخطى عَدْواً ، وجاوزتِ حدودَ الوهْمِ ، شارفتِ على الأفقِ ظلالا قابعاتٍ ، و طيوفا
كم تبدَّلْتِ قِنَاعاً ، وتلبَّسْتِ خِداعاً ، وتواريْتِ وراء الأملِ الخُلَّبِ سَيْفاً ورغِيفا
وصحوْنا حين طار العمرُ ، نقْتاتُ الحصادَ الْمُرَّ ، نهتزُّ لمرأى الْغَدِ إذ يفْجَؤُنا عارِينَ ، ننهارُ جِراَحاً و نَزَيِفا

دائماً أنتِ ؟ تجيئين سراباً خادعا ، وجهاً هُلاميّاً ، رذاذاً يَنْضَحُ الوجهَ ولا يروي صدى القلبِ ، سحاباً يُسْقِطُ الطَّلَّ ويمضي ، تاركاً في وقْدةِ الصَّحْراء أنفاساً شَحِيحَات عليلة
دائماً أنتِ ! أكاذيبي التي أعشَقُ فيها الموتَ ، طَعْمُ الغدرِ ، تفضي بي إلى ساعةِ صفْوٍ مستحيلة
آه ! لولاكِ لما امتدَّ بنا الليلُ الخئونُ الوجهِ ، ما اجْتَزْنَا _ وراءَ الوهمِ _ ساحاتِ المُراءاةِ الذليلة
آه ! لولاكِ لما كان انْحَنَى الجِذعُ ، ولا هانت على السِّكَّةِ أعناقُ الرجالِ الشُمِّ و ارتاحت لقيً مِنْ غيرِ حيلة
وتعودين ، فماذا بعدُ في الأيدي سوى أعمارِنا الفاغِرَةِ الأفْواهِ جُوعاً وظمأ و طريقٍ جمدتْ فيه خُطانا ، انْتَصَبَتْ فيه خطايانا ، شخُوصاً مُفْرِعاتٍ وتماثيلَ استحالتْ ندما !
آه لو نَرْجِعُ للصَّفو الذي كان ، لِحُلْمٍ كان في أعماقِنا غَضَّا ، طُفُوليًّا ، بَرِيءَ السَّمْتِ ، عذريا ، نَقِيًّا ... عندما ...

عندما أرْجِعُ بِالتَّذْكارِ ، أسْتَدْنِي الذي فات ، أجِيلُ الطَّرْفَ ، ألقَاكَ غَرِيراً ، وضيئلا ، وقصَّيا
حافيا ، تستلهِمُ الأرضَ ، طَرِيحاً ، نَزِقَ الأسْمَالِ ، خَجْلانَ ، حَييًّا
و أرى حولك غلمان الْحِمَى ، يستطلعون الغَيْبَ ، يَسْتَجْلُونَ في عينيك سِراً غامضَ اللَّمْعَةِ ، مشحونا ، عِتَيّا
يرحل العمرُ وئِيداً ، تسقطُ الأعوامُ في الهُوَّةِ ، يْلَتَفُّ الصبايا حولَ نَايِ الحُبِّ تغريهِنَّ بالتَّرنْيِمِ مَنْضُوراً فَتِيّا
عاشقاً ، طَلْق الْمُحِيَّا
يرحلُ العمرُ ، وتمضي سَلَّةُ الأعوامِ لا تَحْمل شَيّا
يَسْقُطُ السرُّ ، يدوسُ الناسُ ، ينهالُ الترابُ الصَّلدُ ، يدنو القَيْدُ ، يَهْوِي النَّايُ مُلْتَاعاً ... شَجِيّا
من جديد ها أنا ألقاكَ في عَصْفِ الذُّهول الْمُرِّ ، تجتازُ الفِجَاجَ السُّودَ ، مَخْبُولا ... شَقيًّا
و بعينيكَ سؤالٌ أخْرَسُ الدَّمْعَةِ مازالَ عَصِيّا
ما الذي سَدَّدَ في قلبِكَ سِكِّينا ؟! وفي عْيَنْيكَ حُزْناً أبَدِيْا ؟!

نورالدين 05-10-17 05:58 PM

رد: عندما يَجْتاحُنا الحزنُ الرَّماديُّ
 
مشكور استاذنا الشهاب على الموضوع الرائع

طبعي الوفا 06-10-17 03:44 PM

رد: عندما يَجْتاحُنا الحزنُ الرَّماديُّ
 
يرحلُ العمرُ ، وتمضي سَلَّةُ الأعوامِ لا تَحْمل شَيّا

انتقاء جميل وقلم مميز تمنياتى لو انه ختامها بتفاؤل والامل

اخى الفاضل الشهاب شكرا وسلمت يداك

الشهاب 07-10-17 01:58 PM

رد: عندما يَجْتاحُنا الحزنُ الرَّماديُّ
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورالدين (المشاركة 564226)
مشكور استاذنا الشهاب على الموضوع الرائع


شكرا نور الدين للحضور
تقديري لك

الشهاب 07-10-17 01:59 PM

رد: عندما يَجْتاحُنا الحزنُ الرَّماديُّ
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طبعي الوفا (المشاركة 564237)
يرحلُ العمرُ ، وتمضي سَلَّةُ الأعوامِ لا تَحْمل شَيّا

انتقاء جميل وقلم مميز تمنياتى لو انه ختامها بتفاؤل والامل

اخى الفاضل الشهاب شكرا وسلمت يداك

طبعي الوفا..

تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن

دمتِ بخير


الساعة الآن 12:28 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL