![]() |
وعجلت إليك ربي لترضى (التعجيل )*
تعجيل *
التّعريف : 1 - التّعجيل : مصدر عجّل . وهو في اللّغة : الاستحثاث ، وطلب العجلة ، وهي : السّرعة. ويقال : عجّلت إليه المال : أسرعت إليه ، فتعجّله : فأخذه بسرعة وهوفي الشّرع : الإتيان بالفعل قبل الوقت المحدّد له شرعاً ، كتعجيل الزّكاة ، أو في أوّل الوقت ، كتعجيل الفطر . الألفاظ ذات الصّلة : 2 - الإسراع : مصدر أسرع ، والسّرعة : اسم منه ، وهي نقيض البطء . والفرق بين الإسراع والتّعجيل كما قال العسكريّ : إنّ السّرعة التّقدّم فيما ينبغي أن يتقدّم فيه ، وهي محمودة ، ونقيضها مذموم ، وهو : الإبطاء . والعجلة التّقدّم فيما لا ينبغي أن يتقدّم فيه ، وهي مذمومة ، ونقيضها محمود، وهو : الأناة. فأمّا قوله تعالى { وَعَجِلْتُ إليكَ رَبِّ لِتَرْضَى } فإنّ ذلك بمعنى : أسرعت . الحكم الإجماليّ : وغير مشروع في مواضع : كتعجيل الصّلاة قبل وقتها . والمشروع منه تارة يكون واجباً : كتعجيل التّوبة من الذّنب . وتارة يكون مندوباً : كتعجيل الفطر في رمضان . وتارة يكون مباحاً : كتعجيل الكفّارات ، وتارة يكون مكروهاً أو خلاف الأولى : كتعجيل إخراج الزّكاة قبل الحول . وغير المشروع : منه ما يكون باطلاً، كتعجيل الصّلاة قبل وقتها. أنواع التّعجيل أوّلاً : التّعجيل بالفعل عند وجود سببه أ - التّعجيل بالتّوبة من الذّنب : وقد دلّت على ذلك نصوص الكتاب والسّنّة وإجماع الأمّة . قال اللّه تعالى { إنَّمَا التَّوْبَةُ على اللَّهِ لِلَّذينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيهمْ } . وقوله تعالى : { إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إذا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيطَانِ تَذَكَّرُوا فإذا هُمْ مُبْصِرُونَ } . ونقل القرطبيّ وغيره : الإجماع على وجوب تعجيل التّوبة ، وأنّها على الفور . ب - التّعجيل بتجهيز الميّت : ج - التّعجيل بقضاء الدّين : فعن أبي هريرة رضي الله عنه : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : مطل الغنيّ ظلم ، فإن أتبع أحدكم على مليء فليتبع » أي فإن أحيل على موسر فليقبل الحوالة . قال ابن حجر في الفتح : المعنى : أنّه من الظّلم ، وأطلق ذلك للمبالغة في التّنفير عن المطل ، والمراد من المطل هنا : تأخير ما استحقّ أداؤه بغير عذر . د - التّعجيل بإعطاء أجرة الأجير : هـ - التّعجيل بتزويج البكر : واستثنوا ذلك من ذمّ العجلة ، وأنّها من الشّيطان . و - التّعجيل بالإفطار في رمضان : « لا يزال النّاس بخير ما عجّلوا الفطر » ولحديث أبي ذرّ رضي اللهعنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تزال أمّتي بخير ما عجّلوا الفطر ، وأخّروا السّحور » . وإنّما يسنّ له التّعجيل : إذا تحقّق من غروب الشّمس ، وعدم الشّكّ فيه ، لأنّه إذا شكّ في الغروب حرم عليه الفطر اتّفاقاً ، وأجاز الحنفيّة تعجيل الفطر بغلبة الظّنّ . ز - تعجيل الحاجّ بالنّفر من منى : وشرط جوازه عند الجمهور - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - أن يخرج الحاجّ من منى قبل الغروب ، فيسقط عنه رمي اليوم الثّالث ، فإن لم يخرج حتّى غربت الشّمس لزمه المبيت بمنى ، ورمى اليوم الثّالث . وذلك لأنّ اليوم اسم للنّهار ، فمن أدركه اللّيل فما تعجّل في يومين ، وثبت عن عمر رضي الله عنه أنّه قال " من غربت عليه الشّمس وهو بمنى ، فلا ينفرن ، حتّى يرمي الجمار من أوسط أيّام التّشريق " . ولم يفرّق الشّافعيّة والحنابلة في هذا الشّرط بين المكّيّ والآفاقيّ . وذهب المالكيّة : إلى التّفريق بينهما ، وخصّوا شرط التّعجيل بالمتعجّل من أهل مكّة ، وأمّا إن كان من غيرها فلا يشترط خروجه من منى قبل الغروب من اليوم الثّاني ، وإنّما يشترط نيّة الخروج قبل الغروب من اليوم الثّاني . ولم يشترط الحنفيّة ذلك ، وقالوا : له أن ينفر بعد الغروب مع الكراهة ، ما لم يطلع فجر اليوم الثّالث ، وذلك لأنّه لم يدخل اليوم الآخر ، فجاز له النّفر ، كما قبل الغروب . واختلف الفقهاء في أهل مكّة هل ينفرون النّفر الأوّل ؟ فقيل : ليس لهم ذلك . فقد ثبت عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّه قال : من شاء من النّاس كلّهم أن ينفروا في النّفر الأوّل ، إلّا آل خزيمة ، فلا ينفرون إلّا في النّفر الآخر . وكان أحمد بن حنبل يقول : لا يعجبني لمن نفر النّفر الأوّل أن يقيم بمكّة ، وقال : أهل مكّة أخفّ ، وجعل أحمد معنى قول عمر " إلا آل خزيمة " أي : أنّهم أهل الحرم ، وحمله في المغني على الاستحباب ، محافظة على العموم . وكان مالك يقول في أهل مكّة من كان له عذر فله أن يتعجّل في يومين ، فإن أراد التّخفيف عن نفسه ممّا هو فيه من أمر الحجّ فلا ، فرأى أنّ التّعجيل لمن بعد قطره . وقال أكثر أهل العلم : الآية على العموم ، والرّخصة لجميع النّاس ، أهل مكّة وغيرهم ، سواء أراد الخارج من منى المقام بمكّة ، أو الشّخوص إلى بلده . 11 - واختلف الفقهاء في الأفضليّة بين التّعجيل والتّأخير ، فذهب الجمهور ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) : إلى أنّ تأخير النّفر إلى الثّالث أفضل ، للاقتداء بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم . وذهب المالكيّة : إلى أنّه لا تفضيل بين التّعجيل والتّأخير ، بل هما مستويان . ونصّ الفقهاء على كراهة التّعجيل للإمام ، لأجل من يتأخّر . وأمّا ثمرة التّعجيل فهي سقوط رمي اليوم الثّالث ، ومبيت ليلته عنه . ثانياً : تعجيل الفعل قبل وجوبه أ - التّعجيل بالصّلاة قبل الوقت : وقد رخّص الشّارع في تعجيل الصّلاة قبل وقتها في حالات ، منها : 1 - جمع الحاجّ الظّهر والعصر جمع تقديم في عرفة . ب - جواز الجمع للمسافر بين العصرين " الظّهر والعصر " والعشاءين " المغرب والعشاء " تقديماً عند جمهور العلماء ، خلافاً للحنفيّة . 2 - جواز الجمع للمريض ، جمع تقديم عند المالكيّة والحنابلة . 3 - جواز الجمع بين العشاءين تقديماً ، لأجل المطر والثّلج والبرد عند جمهور العلماء " المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة " وزاد الشّافعيّة جوازه بين العصرين أيضاً . 4 - جواز الجمع بين الصّلاتين ، إذا اجتمع الطّين مع الظّلمة ، عند المالكيّة ، وجوّزه الحنابلة بمجرّد الوحل ، في إحدى الرّوايتين ، وصحّحها ابن قدامة . 5 - جواز الجمع لأجل الخوف عند الحنابلة . 6 - جواز الجمع لأجل الرّيح الشّديدة في اللّيلة المظلمة الباردة ، عند الحنابلة ، في أحد الوجهين ، وصحّحه الآمديّ . ب - التّعجيل بإخراج الزّكاة قبل الحول : ونصّ الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة : على أنّ تركه أفضل ، خروجاً من الخلاف . واختلف الفقهاء في المدّة الّتي يجوز تعجيل الزّكاة فيها : فذهب الحنفيّة : إلى جواز تعجيل الزّكاة لسنين ، لوجود سبب الوجوب ، وهو : ملك النّصاب النّامي . وقيّده الحنابلة بحولين فقط ، اقتصاراً على ما ورد . فقد روى عليّ رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم تعجّل من العبّاس رضي الله عنه صدقة سنتين » لقوله صلى الله عليه وسلم : « أمّا العبّاس فهي عليّ ومثلها معها » ولما روى أبو داود من « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم تسلّف من العبّاس صدقة عامين » وهو وجه عند الشّافعيّة ، صحّحه الإسنويّ وغيره ، وعزوه للنّصّ . وذهب الشّافعيّة : إلى عدم جواز تعجيل الزّكاة لأكثر من عام ، وذلك : لأنّ زكاة غير العام الأوّل لم ينعقد حولها ، والتّعجيل قبل انعقاد الحول لا يجوز ، كالتّعجيل قبل كمال النّصاب في الزّكاة العينيّة . أمّا المالكيّة : فلم يجيزوا تعجيل الزّكاة لأكثر من شهر قبل الحول على المعتمد ، وتكره عندهم بشهر . وفي المسألة تفصيلات تنظر في الزّكاة . ج - تعجيل الكفّارات : تعجّل كفّارة اليمين قبل الحنث : واستثنى الشّافعيّة الصّوم من خصال الكفّارة ، وقالوا بعدم جواز التّعجيل به قبل الحنث ، وذلك لأنّه عبادة بدنيّة ، فلا يجوز تقديمه على وقت وجوبه بغير حاجة ، كالصّلاة ، وصوم رمضان ، ولأنّه إنّما يجوز التّكفير به عند العجز عن جميع الخصال الماليّة . والعجز إنّما يتحقّق بعد الوجوب . وهو رواية عند الحنابلة . وذهب الحنفيّة : إلى عدم جواز تعجيل كفّارة اليمين قبل الحنث ، لأنّ الكفّارة لستر الجناية ، ولا جناية قبل الحنث . 15 - ثمّ إنّ القائلين بجواز التّعجيل اختلفوا في أيّهما أفضل : التّكفير قبل الحنث أم بعده ؟. فذهب المالكيّة ، والشّافعيّة ، وأحمد في رواية ، وابن أبي موسى ، وصوّبه المرداويّ من الحنابلة : إلى أنّ تأخيرها عن الحنث أفضل ، خروجاً من الخلاف . والرّواية الأخرى عن أحمد على الصّحيح من المذهب : أنّ التّكفير قبل الحنث وبعده في الفضيلة سواء ، وذلك في غير الصّوم ، لتعجيل النّفع للفقراء . تعجيل كفّارة الظّهار : وذهب الشّافعيّة : إلى جواز التّعجيل بكفّارة الظّهار قبل العود به ، وذلك بالمال - وهو التّحرير والإطعام - لا بالصّوم ، والمراد بالعود عندهم : إمساك المظاهر منها مدّة يمكن للمظاهر أن يطلّقها فيها ، مع القدرة على الطّلاق . وصورة التّعجيل في كفّارة الظّهار : أن يظاهر من مطلّقته رجعيّا ، ثمّ يكفّر ، ثمّ يراجعها . وعندهم صور أخرى . والمراد بالعود عند الحنفيّة : إرادة العزم على الوطء . وعند المالكيّة هو إرادة الوطء ، مع استدامة العصمة ، كما قاله ابن رشد . تعجيل كفّارة القتل : د - التّعجيل بقضاء الدّين المؤجّل : هـ – التّعجيل بالحكم قبل التّبيّن : قال الصّدر الشّهيد في شرح أدب القاضي : وهذا في موضع النّصّ ، وأمّا في غير موضع النّصّ فلا ، لأنّه في غير موضع النّصّ يقضى بالاجتهاد ، والاجتهاد ليس بدليل مقطوع به ، فلا يتبيّن له به الحقّ ، كما يتبيّن اللّيل من النّهار . |
رد: وعجلت إليك ربي لترضى (التعجيل )*
شكراً اختي صفاء على هذا الموضوع الرائع
وجزاك الله خير ودمتي بحفظ الرحمن |
رد: وعجلت إليك ربي لترضى (التعجيل )*
جزاكي الله كل خير
فعلا موضوع قيم ويمكن يكون الناس نسيو بعض الامور التي وضحتيها يعطيكي العافيه |
رد: وعجلت إليك ربي لترضى (التعجيل )*
اقتباس:
شكرا لك على مرورك بالموضوع واطلاعك عليه وجزاك الله خيرا مثله ادام الله عليك حفظه ورعايته تقديري واحترامي |
رد: وعجلت إليك ربي لترضى (التعجيل )*
اقتباس:
وجزاك الله خيرا مثله شكرا لك على مرورك بالموضوع واطلاعك عليه تقديري واحترامي |
رد: وعجلت إليك ربي لترضى (التعجيل )*
اسعدك الله اختي صفاء وجعل كل ماكتبتيه من فائدة للجميع في موازين حسناتك وفقك الله واثابك
|
رد: وعجلت إليك ربي لترضى (التعجيل )*
وأسعدك دوما أختي الغالية مسلمة
جزاكِ الله خيرا وبارك فيك تقديري واحترامي |
الساعة الآن 08:07 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL