رسالة إلى ولدي يوسف

يوسف أيها الصديق ... أكتب إليك في وقت لم يعد لنا فيه سلاح نستخدمه سوى القلم أكتب إليك عن عالم قدمت إليه ... بعد قال الله كن فكنت ... أكتب إليك قبل أن تعيي ما يقال في نشرات الأخبار عنا ... يوسف أيها الصديق لاتكبر فكن هكذا فأنت الآن آجمل وأنت الآن أطهر ... فلا ذل ... ولا ضغط ... ولا سكر ...
يوسف أيها الصديق ... لا تكبر فقد كانت أكبر أكذوبة في حياتنا عندما كنا في سنك صراخنا متى نكبر... فكن كما أنت مارس أحلامك الخضراء أحلم بعالم سعيد فلست بحاجة أن تخبىء أحلامك في دفاترك .... ولاتكبر حتى تجد أحلامك تتبعثر ...
يوسف أيها الصديق ... لا تنتظر من أبواك أن يأسلمانك فإسلامك أقوى من إسلامنا فأنت على محجة بيضاء ... وفطرة ... ونحن مسلمون بالهوية ... ولكن هوانا روميا ... فلا تكن مثلنا
نادناإسلامنا يوماً ؟؟ وظن أن فينا خالد وصلاح الدين وكان ظنه فينا إثما
نحن حملة لواءه ... نادنا للصلاة فحضرنا , وخبأنا في أكمامنا خنجر أبو لؤلؤة المجوسي وحمل كل منا خنجر لونه السياسي ..
قتلنا بعضنا ولم ننسى أن نقيم صلاة الغائب على قتلانا .. أقمنا الحدود على من نادوا بإسمه ووصمناهم بكل قبيح
سجدنا بإتجاه الكعبة .. وأعطينا مؤخراتنا للقدس
يوسف أيها الصديق ... تريد أن تكبر ..
ستقتلك الحقيقة قبل أن تغتال براءتك أمراض الشهوة الكامنة فينا
كنا كما أنت ....يوم كنا رحماء فيما بيننا .... قبل أن نتعولم ونصير أشداء على أنفسنا ... ويمتطي صهوتنا الروم
مرصعون نحن – بالتكبير والتهليل والتنديد والشجب .... ثم لاشىء ..
لنا وطن تتقاسمه خزعبلات السادة وعجز العجز ... وصحوة الجهل
ينادينا ... فنجيبه ... تسمع أن ناديت حياً ..
نحن الداء في صداقتنا ... فجار في خصوماتنا
تتسول نساء في القدس والعراق وكوسوفا لمرؤتنا .. فنتلوا عليهم بصوت جماعي ( ولا نحض على طعام مسكين)
يوسف أيها الصديق
لا حق لي عندك - باستثناء أني أبيك -
أبحث عن قيمك في فطرتك التي أنت عليها ولا تنتظر مني أن أقدم لك ما لا أملك ففاقد الشي لا يعطيه ..
أنا فقط أحبك ( شيء لا أملكه ) ..
تُسحل أو تُزهق أو تستضيفك معتقلات بني جلدتك ..
فلا شىء يهم ّ ..
لا أملك لك من الأمر شيئاً ..
أنا أعزل ..
تعلمت أن اتحسس خطاي تحت ظل حائط ... وآثرت السلامة .
إن أردت تأخذني قدوة ومثلاً ... فلن أمنعك ..
ولكن إن كبرت وأستأت من صورتك التي في المرآة فلا تلمني
إن رأيت دم وطنك مستباح ورأيت نفسك خيال مآتة فلا تلمني ..
إن كتبت في مفكرتك هرطقات كاذبة مثل التي في مفكرتي ورأيت الحقيقة غير ما تقول وتكتب ... فلا تلمني
يوسف أيها الصديق ... تقدم وخذ مني اللواء ... هو منكس وقد مرغت عزته أحذية العسكر والروم وغدرنا به نحن حملة اللواء ... وإن ساءك أن تستلم هكذا لواء فلا تكبر وظل هكذا ... الأجمل ... والأطهر
نُمْ في طهرك الطفولي .. ما أستطعت إلى ذلك سبيلاً
وإن كبرت .. وساءك تاريخ أورثتك أياهـ فتقيأ عليه .
وأصنع لك تاريخاً ... لا تضطر فيه أن تكتب لأبنك رسالة كالتي أكتبها إليك
المهزوم أمامك ... والدك عمر بشير
أهدي هذه القصيدة لإبننا يوسف وأخوانه
'' اغضب '' .. قصيدة الشاعر الأستاذ فاروق جويدة