[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
أطل "جحا" برأسه من نافذة سيارته الفارهة، فرأى جمعاً غفيراً من القوم.
وسأل سائقه: يا غلام.. ما بال هؤلاء الناس مجتمعين؟
أجابه السائق: إنهم ينتظرون لأخذ حصصهم من جمعية الفقراء يا سيدي.
رد "جحا" مستنكرا: ما بهم هكذا كأنهم لم يروا خيرا قط. ألا توجد لديهم أعمال أخرى تغنيهم عن عناء الوقوف في هذه الطوابير الكبيرة؟!
قال السائق: يا مولاي، إنهم قوم اتكاليون، يريدون أن يحصلوا على المال بلا عناء.
"جحا" مقاطعاً: استعجل بالذهاب إلى المكتب، فلقد تأخرنا، ولدينا عمل كثير.
ما إن دخل "جحا" مكتبه الفخم، حتى عاجله سكرتيره بحمل حقيبته ويبادره بالسلام دون أن ينتظر رد سيده.
السكرتير مستعجلاً: شيخ "جحا"، السيد "شاهبندر التجار" ينتظرك على الهاتف.
هرع "جحا" إلى الهاتف مستعجلاً تمرير المكالمة لأهمية المتصل، حتى إنه قام بالرد عليه واقفاً قبل أن يجلس على مكتبه.
"جحا" ممسكا بالهاتف وبعد جملة من التحايا الحارة: نعم سيدي.. نعم.. بالتأكيد.. لك ما تريد.. سمعاً وطاعة.. سأكون عند حسن ظنك.. اعتمد علي.. في أمان الله.. صحبتك السلامة.
ينتظر "جحا" حتى يغلق "شاهبندر التجار" الخط ليغلقه بدوره بعد أن يتأكد من ذلك.
ويدير وجهه إلى سكرتيره، متجهماً: أين القهوة؟ أين بريد اليوم؟
ما بالكم أيها الكـ-ـسالى لا تعملون؟
السكرتير مرتبكاً: أمرك سيدي. حالاً.
بعد ساعتين، يغادر "جحا" مكتبه، مستقلاً سيارته باتجاه قصره، ومنهياً يوم عمله.
يتنهد بينه وبين نفسه: آه.. لقد أنهكني العمل اليوم، كم هو شاق لابد من أن آخذ وقتاً للراحة!
يقطع حبل أفكاره اتصال يرده على هاتف سيارته من شريكه الشيخ "أشعب".
"جحا": أهلا بالشيخ "أشعب"، كيف حالك؟ وأعمالك؟ أين أنت يا رجل؟
"أشعب": أهلاً بك يا شيخ "جحا"، لقد اتصلت بمكتبك، وقال لي سكرتيرك إنك قد خرجت للتو.
"جحا": نعم لقد عملت كثيراً اليوم سأذهب لأستريح قليلاً قبل أن "أتداول" أعمالي المسائية."أشعب": لا بأس فأنت تعمل بجد، ولكن قل لي كيف تسير أمور شركتنا؟
"جحا": كل شيء على ما يرام، لا تقلق فأنا "جحا".
"أشعب": أعلم ذلك جيداً يا صاحبي،
ولكنني أخشى من "علي بابا" وز بانيته الأربعين، فما زالوا يكيلون الدسائس، ويحاولون أن يكـ-ـسروا شوكتنا في السوق.
"جحا": لا تقلق يا شيخ "أشعب".. أبداً لا تقلق، أنسيت أنك من أسماني بـ(الهامور)؟!
"أشعب": لا يا عزيزي لم أنس،
ولكن إن كنت أنت (هامور) فإن "علي بابا" ورفاقه (حيتان) شرسة،
ثم لا تنسَ أنه لم يتبق في السوق سوانا بعد أن تحالفنا معهم على إفلاس البقية."
جحا": اطمئن، ولكن قل لي.. ما سبب اتصالك؟ إنني متأكد أنها صفقة أخرى نجني من ورائها الكثير. أليس كذلك؟
"أشعب" مستدركاًً: نعم لقد نسيت، ولكن من غير المناسب أن أحدثك عنها على الهاتف. يجب أن نلتقي."جحا": كما تشاء يا شريكي، ما رأيك بأن نلتقي مساءً في الفندق.
"أشعب": رائع، لقد أحسنت الاختيار، فلديهم بوفيه مفتوح وتأكل فيه حتى الشبع!
"جحا" ضاحكاً: أضحك الله سنك، إذن سنلتقي هناك مساءً.
أنهى "جحا" المكالمة، وكان قد وصل إلى قصره المنيف.
المصدر هنا
[line][/line][/align]
"رسالة إلى الوالي"
العرض العادي
