السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أوفى من السموأل
هو السموأل بن غريض بن عادياء من الشعراء المشاهير في الجاهلية وهو صاحب اللامية الشهيرة التي مطلعها :
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ... فـكــــــل رداء يرتـديــــــــــــــــه جـميـــــــلُ
وهو ذاك الرجل الذي يُضرب المثل بوفاءه فيقال :
أوفى من سموأل
فهو رغم جاهليته إلا أنه عُرف بشدة وفاءه وأمانته
ويُحكى أن امرئ القيس لما ضاع ملك أبيه أراد التوجه إلى قيصر الروم يحاول استرداده ، ولم يجد أوفى ولا أوثق من صاحبه الحكيم السموأل ليودع عنده دروع أجداده الشهيرة ومعها بعض الكنوز التي حفظها عن أسلافه في حصنه المعروف بالأبلق في شمال الجزيرة
(حصن الأبلق لايزال موجوداً في المملكة بالقرب من تبوك)
وقد قال في ذلك امرؤ القيس بعد وداعه للسموأل وهو في الطريق إلى قيصر :
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وأيقــــن أنّـــــــا لاحقـــــــــــــان بقيصـــــــــــــرا
فقلــــــــــت لــــــــه لا تبك عينــــك إنـمــــا ... نـحـــــاول مُلكاً أو نموت فنـعذرا
وقد حدث أن مات امرؤ القيس بالفعل حينها أرسل ملك كندة يطلب تلك الدروع والكنوز من السموأل
فأبى السموأل أن لا يدفعها إلا لمستحقها من ورثة صاحبه
فتوعده الملك مرة يرهِّبه ومرة يرغِّبه دونما جدوى ، حينها سار إليه الملك من نجد إلى حصن الأبلق بجيش جرار ، فلما علم السموأل بقدوم الجيش اعتصم بالحصن وكان ولده حينها خارج الحصن في رحلة صيد ، فلما وصل الملك وجنده تمت محاصرة الحصن ظفر الملك بولد السموأل عندما عاد من رحلة الصيد فأخذ يطوف به حول الحصن وهو ينادي بالسموأل ، فأشرف السموأل عليه من أعلى الحصن فلما رآه الملك أخذ يصيح له قائلاً : "أيها السموأل .. قد ظفرنا بولدك وهاهو أمامك ، السيف فوق رقبته والسيَّاف حاضر .. فإن أعطيتنا ما جئنا لأجله أخلينا عن ولدك وأحسنا لك .. وإن أبيت قطعنا أوداجه أمامك فاختر ما شئت"
فرفض السموأل بإباء
فقال أحدهم للسموأل : "يابن عادياء قد حفظت أمانتك قدر المستطاع وامرؤ القيس قد مات وهذا الملك خلف له فادفع له ما يريد وخلِّص ابنك ، فإنه فارسنا وكريمنا الذي لن نرضى بقتله من أجل أدرع الكندي"
حينها صاح السموأل في الملك قائلاً : "لن أغدر بذمتي .. ولن أخون أمانتي .. ولن أترك الوفاء الواجب عليَّ .. وولدي بين يديك أمانة فإن قتلته كنتُ وبقية أولادي له خير خلف وإن تركته ما كنت لأعطيك أمانة في عنقي .. فافعل ما شئت".
فغضب الملك وأمر السيَّاف أن يقتل ابنه ، فذُبح الابن أمام أعين أبيه فاحتسب السموأل ذبح ولده ، وبعد ذلك استمر الملك في محاصرته دون جدوى حتى يأس من تنازل السموأل فعاد خائباً من حيث أتى
ولما جاء الموسم وحضر ورثة امرئ القيس أعطاهم الدروع والأمانة فشكروا له صنيعه وحفظه للأمانة وصبَّروه في فقد ولده.
فقال هو في ذلك :
وفيــــتُ بأدرعِ الكـــنـــديّ إنـــــــــــــــي ..... إذا مـــــا خــــــان أقـــــــــوامٌ وفــــيــــــتُ
---------
ملتقى اهل الحديث