لم يعد سراً أن أحد أسباب التقدم الحضاري في أمريكا واليابان وأوروبا أن كثيراً من الأبحاث العلمية هناك ُتجرى بتمويل أو بدعم من القطاع الخاص، وأن الشركات الكبرى وتبرعات الأفراد هي من أهم مصادر التمويل لمراكز بحوث تلك الجامعات. وتقول احصائية إن القطاع الخاص في اليابان مثلاً ينفق على 68% من الأبحاث العلمية التي تهدف إلى تنمية المجتمع، وان هذه النسبة تصل إلى 58% في الولايات المتحدة. والملاحظ عندنا أن رجل الأعمال "يمد يده" للجامعة بهبة أو تبرع أو نوع من الدعاية والتفاخر، ومع ذلك فهم مشكورون على ذلك الجميل النابع من وطنيتهم.
وكراسي البحث وما يتبعها من تمويل ومتابعة في دول أخرى لمعت فتعملقت في تمويل بحوث ودراسات ابتعدت عن روتين الحكومة ومتطلباته ووسائله وطرق صرفه.
وفي السنين الأخيرة بدأت لدينا بوادر حماس وسمعنا بالمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص.
تلك المبادرات الطيبة نطمع أن تتسع.. فالجامعة تساهم بعلمها وعلمائها ورجل الأعمال يساهم بماله.
من ضمن حراك القطاع الخاص في الغرب أن شركة (كذا) لإنتاج السيارات موّلت مشروع تصميم مواقف خاصة لذوي الإعاقة في مدن الترفيه والحدائق العامة. وشركة إنتاج أطعمة حيوان حققت نجاحاً في تمويل كرسي بحث لحبوب الطيور الأليفة، وتقسيمه إلى أنواع يناسب حجمها وحركاتها وصوتها.
قصدي الوصول إلى القول إن المساهمات يجب إن تكون على أساس علمي سليم مبرمج ومقنن وأنظمة مساهمات القطاع الخاص مطبوعة ومتاحة لدى معظم جامعات العالم العريقة. فلماذا لا نطلبها ونقرؤها لنرى الدور العلمي لرجال الأعمال.
يجب أن لا ننظر إلى رجال الأعمال بحذر وعلينا التقرب منهم فأكثرهم طيبون وأهل خير ويحبون الأرض.
وهذا الدور من الأعمال هو ما ينتظره الوطن والباحثون لتأسيس بنية بحثية ومعلوماتية تطور البحث العلمي من خلال ربطه بأكاديميات ومستشفيات عالمية واستقطابه لباحثين عالميين لبناء معامل ومختبرات وتقنيات متطورة توفر للباحثين المحليين فرصة تطوير أبحاثهم وأيضاً ابتعاثهم للدراسة والتدريب في المراكز العلمية في الدول التي خطت خطوات واسعة في مجال الأبحاث.
بلادنا تحتاج إلى تحرك "صناديق" مساندة للمساعدة في إيجاد مراكز بحثية متقدمة... وأيضا دعم الباحثين المؤهلين في تلك المراكز بدلاً من أن يأخذ الإحباط منهم كل مأخذ بالداخل أو يدقوا أبواب الخارج في الدول الأخرى.
عبد العزيز محمد الذكير
جريدة الرياض