سعدتُ كثيراً بحدوث زواجات كثيرة بعد عيد الفطر المبارك؛ ما دعاني للالتفات نحو موضوع الزواج في مجتمعنا.
الزواج من الفطرة، وبه تستقيم وتتكامل شخصيتا الرجل والمرأة؛ فرجل بلا امرأة ناقص، وامرأة بلا رجل ناقصة.
كان قديماً الزواج المبكر متيسراً وملزماً عرفاً، لقرب الناس ومعرفتهم ببعض، ولبساطة معيشتهم، فالموافقة تتم سريعاً بين أهل الزوجين، حتى حصل التحول والتعقد والتباعد في الحياة، وأصبحت المظاهر والترف والمفاخرة من الشباب عنواناً للحياة السعيدة، وتورط الشباب بتكاليف الزواج من التكاليف الثانوية حتى بقيت حِملاً ثقيلاً من الديون، يسددها وتستمر أحياناً إلى ولادة الأبناء!!
اليوم أُصيب الشباب بـ"فوبيا" مرعبة تجاه الزواج، وأصبحت العنوسة صناعة المجتمع!
مع أن الله تعالى يتكفل بالرزق لمن يريد الزواج للعفاف.
{إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
ونبينا صلى الله عليه وسلم يبشِّر بالعون من الله تعالى: "ثلاثة حق على الله عونهم".. ومنهم "الناكح يريد العفاف".
وجعل "أكثر النساء بركة أيسرهن مؤونة".
والسُّنة النبوية تأمر بالزواج لأنه من الفطرة، وندبت إلى التعجل فيه حال الاستطاعة، والاستطاعة موجودة لدى شبابنا مع توافر الصحة والعمل وكسب الرزق. والابتعاد عن السُّنة النبوية في الزواج أوصل الفتيات للعنوسة كما في نتائج دراسات كثرة، منها دراسة صحيفة «الرأي» الكويتية التي أشارت إلى ازدياد عدد الفتيات غير المتزوجات في الخليج والوطن العربي، حتى وصل عمر شريحة كبيرة منهن إلى ما فوق (35) عاماً! ووفقاً للدراسة يوجد من تلك الشريحة: (مليون ونصف المليون) في السعودية! وهذا رقم كبير؛ يجب ألا نغفل أسبابه.
كما أن عدوى العزوف عن الزواج أصابت الشباب أيضاً! فصارت العنوسة في الرجال أيضاً!!
للأسف! معوقات وصعوبات الزواج تتضخم يوماً بعد يوم! والخلل في ثقافة المجتمع نفسه! والحل إزالة ومعالجة تلك المعضلات المتمثلة في التساؤلات الآتية:
- إلى متى تتزايد المهور العالية التي تجعل الفتاة كالسلعة يُزايَد عليها؟!
- البذخ والإسراف والمفاخرة في تجهيز العروس وحفلات الزواج!
- عدم الاكتفاء من الشاب والفتاة بالمواصفات الأساسية من الدين والأخلاق! والانتظار لمواصفات زوج أو زوجة الأحلام!
- نحتاج لمزيد من بيوتات التوفيق بين الأزواج.
- ضَعف القيام بدور المسؤولية الاجتماعية عند التجار في تيسير السكن للمتزوجين حديثاً، ودعمهم مادياً!
- إلى متى "حجر وعضل النساء" موجود في مجتمعنا؟!
أليس الولوغ في العلاقات غير الشرعية جريمة وحراماً؟! إذن، العلاقات الشرعية بالزواج سُنة وواجب. وإذا خوّفنا وعاقبنا الشاب والفتاة من العلاقات المحرمة فالواجب المقابل تيسير تلك العلاقة الفطرية بالشرع، والترغيب فيها وإيقاعها!
والأب مسؤول عن صناعة الحياة لأبنائه وبناته قبل الزواج! كذلك بعده، بل يأثم إن تسبب في حرمانهم من الزواج.
وعندما يتأخر الزواج ستكون نكسة في إشباع الحاجات الفطرية والنفسية والاستقرار والاستقلال بالحياة للذكر والأنثى.
اللهم لا تدع أيِّماً وأعزب إلا زوجته، ورزقته ذرية صالحة، يا رب العالمين.
خالد بن محمد الشبانة
سبق