المملكة.. ثوابت سياسية واضحة

منذ فجر تاريخ هذا الكيان الكبير وظهوره على جغرافيا الجزيرة العربية كوطن مؤثر وفاعل له قيمته في المحافل الدولية، ومراكز القرار الأممي، ومنذ أن أعلنها الملك الموحد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن مملكة عربية تقوم في هذا العالم وتشارك في صياغة أمنه، وصناعة رفاهيته، وإنتاج سعادة ورخاء وتألق الإنسان أينما كان، وحيثما كان، منذ ذلك الحين والسياسة المعلنة والظاهرة دونما لبس أو مواربة أو مداهنة، أو تلوّن هي عدم التدخل في شؤون الغير، وعدم فرض وصاية أو إملاءات في المواقف واتخاذ القرارات، بل تأخذ المملكة نهجاً توفيقياً توافقياً في معالجة المشكلات التي تنشأ بين دولة وأخرى في المنطقة، وتبذل كل إمكاناتها المتاحة، وتوظف كل علاقاتها وصداقاتها وما يجمعها مع شقيقاتها من أجل ردم الخلل، ورأب الصدع، وإقامة جسور من الحوار والتفاهم للوصول إلى قواسم مشتركة، ونقاط التقاء تذوب فيها كل الخلافات وترقى بالعمل العربي والتوجه العربي إلى أمكنة رحبة يكون فيها الإبداع هدفاً والخلق نتيجة، والتألق في كل مجالات وصعد النمو والتنمية حالة معاشة تجعل المواطن يدرك بأنه شريك حقيقي في إبداع الحضارة وإحلال الحداثة، وتكريس التحديث فعلاً وممارسة وثقافة.
نشأت المملكة على مبادئ وثوابت وإيمانات بأن الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي عند الشعوب وفي الأوطان هو من مؤشرات الأجواء التي تتيح التوثب نحو اقتحام مواطن الجهل والفقر والمرض والتخلف، والقضاء على كل معوقات التنمية، وتحريض الفكر الجمعي على إلغاء الاتكالية والعجز والهروب من مواجهة التخلف، وتقديم دول منتجة ذات اكتفاء داخلي في قوتها وملبسها واقتصادها ومنتجها الحربي والعسكري، وتحصين مؤسساتها الأمنية عبر ولاءات وإيمانات للوطن والكيان والإنسان.
ولأن مبادئ المملكة ونهجها وسياساتها المعلنة والممارسة هي عدم التدخل في أي شأن داخلي خاص لأي دولة من الدول العربية فإنها سعت على جمع كلمة اليمنيين الأشقاء على مصلحة اليمن الجغرافيا والتاريخ والإرث الحضاري، والتوفيق فيما بين وجهات نظرهم في المعالجة والرؤى لمشاكل اليمن، وكانت المؤتمرات التي عقدت بمباركة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي لإنقاذ اليمن ومنع انحداره إلى حروب قاتلة تقضي على ما أنجز من مشروعات التنمية والإصلاح، وعندما لم تجد التجاوب الذي يحفظ اليمن من الانزلاقات في النزاعات والصدامات ولغة الرصاص والحروب والتقاتل والإقصاء والإلغاء وأخذه أداة لمحور التفريس في المنطقة بادرت إلى التدخل لفرض الشرعية والحفاظ على وحدة اليمن وتماسكه ضمن منظومة الوحدة العربية في الغايات والأهداف.
إذن: الكلام البذيء والاتهامات الرخيصة التي يقوم بإطلاقها "بوق" إيران في لبنان حسن نصر الله، والتهديدات التي يرددها الولي الفقيه في إيران، والتظليل الذي يمارسه عن تدخل المملكة هو بذاءة نترفع كإعلاميين وإعلام عن الدخول عبرها في ترهات رخيصة لأن الخلق العربي يرفضها.

راشد فهد الراشد
جريدة الرياض