علامات محبة الله للعبد
ابتلاؤه في نفسه وماله وولده:
الابتلاء بالمحن والرزايا سُنةٌ كونيَّة من سنن الله تعالى في هذه الدنيا؛ فقد قال تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]، والمحن والرزايا تصيب المؤمن والكافر على السواء، وليس من مقتضى الإيمان بالله تعالى ومحبته أن يبقى الإنسانُ بمنأى عن هذه الابتلاءات والمحن، فقد قال عزَّ من قائل: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾
[العنكبوت: 2]، بل إنَّ الله تعالى إذا أراد أن يخصَّ عبدًا من عباده بمحبته، زاد عليه من البلاء في نفسِه ومالِه وولدِه، فإن رَضِيَ بقضاء الله وصبَر على بلائه، اصطفاه الله تعالى وأهَّلَه لمحبته، وإن كَرِهَ وفَزِعَ، ولم يرضَ بقضاء الله تعالى، رجع بغضب الله تعالى عليه في الدُّنيا، وعذابِ الله له في الآخرة[22]، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن عِظم الجزاء مع عِظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضِي فله الرضا، ومن سخِط فله السخط)).
وقد قال بعض العلماء: إذا رأيتكَ تحبُّه، ورأيتَه يَبتليك، فاعلم أنه يريدُ أن يُصَافيَك.
ولا يعني ما سبق ذكرُه أن يسأل العبدُ ربه أن يَبتليه، لا؛ فقد علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسأل الله تعالى العافية في كل الأحوال، ولكن المقصود من ذلك أن يصبر الإنسان إذا ابتلاه الله تعالى، ويعلم أن الابتلاء ليس دليلًا على سَخط الله تعالى وغضبه، إنما هو مؤشرٌ وعلامةٌ على رضا الله تعالى ومحبته له، هذا إنْ أُلْهِمَ الصبرَ والرضا بما قضاهُ الله تعالى عليه.