الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتدى الطروحات الثقافية والأدبـية للمقالات والبحوث الثقافية و الادبية و الفكرية

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-01-07, 05:18 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مؤسس الشبكة
الرتبة:

 

البيانات
التسجيل: Oct 2006
العضوية: 1
المشاركات: 6,189 [+]
بمعدل : 0.90 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 50
نقاط التقييم: 100
الفارس will become famous soon enough الفارس will become famous soon enough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
الفارس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتدى الطروحات الثقافية والأدبـية
افتراضي النسق الفكري لأيديولوجيات الإقصاء

من مسلمات الاجتماع البشري التي أثبتها التاريخ في سياقاته المختلفة أن أي أيديولوجية - سواء أكانت دينية أو قومية أو سياسية - غيرَ قابلة للتبرير بمعايير العلم والمنطق، أو لا حظ لها من استحقاقات الواقع المتعين، ويراد فرضها في سياق ذلك الواقع، فإنه لا بد بالتالي لسدنة تلك الأيديولوجية من (إقصاء) كافة الأيديولوجيات الأخرى المنافسة، سواء تلك القابلة للتبرير بالمعيار العلمي/المنطقي أو تلك الغير قابلة منها لذلك التبرير، لأن أي محاولة لفرض تلك الأيديولوجية الواقفة عادة في مربع الزمن في واقع يعج بأخرى منافسة، أو في مجتمع يتوافر على حرية تعبير نسبية، ستمنى بالفشل الذريع نتيجة لما ستتكشف عنه من سوءات مريعة إذا تم تطبيق أيّ من معايير التقييم الموضوعية المترافقة وجودياً مع النظام المعرفي/ الفكري السائد.
هنا يكون من الواضح الجلي أن ثمة سيكولوجية فاعلة تكمن خلف الإقصاء بكافة مظاهره، هذه السيكولوجية تتغذى على يقين كامن في منطق الأيديولوجية المُقصِية بأنه لا علمية ومنطقية فيما تريد أن تفرضه على الآخرين، لأنها تعرف أن ما يتوفر فيه قدر من المنطقية لا بد وأن يفرض نفسه بقوة منطقه الداخلي بعيداً عن الاستعانة بأي من أدوات الإخضاع التي لا دور حقيقياً تؤديه سوى مزيدٍ من ترسيخ العداء والنفي لتلك الأيديولوجية التي أرادت فرض منطقها على الغير، ويزداد الأمر سوءاً واختلاطاً وارتباكاً لأيديولوجيات الإقصاء بكافة ألوانها عندما تتقاطع يومياتها مع سياق إعلامي - كما هو الحال مع الواقع المعاصر - تختفي فيه (سرية) مظاهر استخدام آليات الإخضاع بكافة أشكالها فتصبح مكشوفة ومُعرَّاة لكل من أراد تعريتها من الداخل، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى إلحاق أكبر قدر من كشف عوارها من جهة، ومزيد من الاستقطاب حولها من جانب سدنتها من جهة أخرى.

ولتفتيت تلك الحدة الاستقطابية حول أيّ من الطرائق الإقصائية - المدمرة اجتماعياً وفقاً لطبيعتها الكامنة في منطقها الآحادي النافي لمخالفه - فإنه لا بد لها بالتالي من الالتقاء مع غيرها التي ستتواجد في محيط الواقع الاجتماعي المعاش - إن سراً أو جهراً - حول معيار الإنسانية الذي يتمخمض عادة عن التماهي مع القيمة الإنسانية كمعطى معياري وحيد صالح لتقييم مدى ملاءمة أي أيديولوجية يراد بسطها في الواقع، هذه القيمة المعيارية التي أصَّلت - وحُقَّ لها ذلك - لمقولات "نهاية التاريخ" التي جزمت بها الفلسفة الغربية الحديثة، هي الوحيدة التي أثبتت أنها قادرة على العيش في أي واقع مدني/جغرافي متعدد الأثنيات أو العقائد أو الطروحات، وهي تنصب أساساً حول النظر إلى الإنسان الذي خلقه الله وكرمه على سائر من خلق، كقيمة مطلقة بعيداً عما قد يتصف به من أية مكتسبات طارئة على حياته، سواء منها تلك المحسوبة على الجانب الإنساني/الاجتماعي، كالمعتقدات وأنواع السلوك والعادات ولوازم الانتماء إلى الأعراق أوالقبائل، أو تلك المحسوبة على الجانب البيولوجي التي لا يد للإنسان فيها، كلونه وهيئته الجسمانية وكافة تشكلاته الخِلقية، بحيث يكون النتاج الذي يتم التحاكم إليه هو الوفاء التام بمتطلبات هذه القيمة المطلقة من كافة المنضوين تحت لوائها، ومن أبرز هذه المتطلبات مراعاة ما ترتب على أعظم إنجاز فكري/ سياسي في العصر الحديث ممثلاً بانبثاق مصطلح أونموذج "الدولة القطرية" الذي يعني توزيع بني الإنسان بين كافة الدول المحددة بحدود جغرافية حتمية لا يجوز المساس بها كقاعدة من أهم قواعد القانون الدولي، وما ترتب على هذا التطور لا يعني أكثر من انصهار مجموعات من الأنام في بقع جغرافية محددة بعد اكتساب كل فرد فيها هويته الجديدة المترتبة بدورها على هذا الشكل السياسي الجديد، والتي حلَّت بدورها محل الهويات القديمة التي اُعتبِرت في أفضل تقييم لها أنها مثلت الخطوات الأولى اللازمة لبناء هوية إنسانية واحدة جامعة تختفي فيها كافة مظاهر التمايز الطائفي والعرقي والديني.

ولأن من مترتبات ولوازم الاجتماع البشري منذ أن تحول الإنسان من حالة الطبيعة إلى حالة الثقافة ضرورة التمحور حول هوية معينة، ولأن هذه الأخيرة مرتبطة عضوياً بمدى توفر بنية ثقافية/سياسية مناسبة لها، وإن شئت فقل مفصلة على مقاسها، فقد كان من غير المستغرب قيام هويات ضيقة في العالم القديم والقروسطي تتمحور حول العرق أو الدين أو الطائفة، نسبة لسهولة الحركة الإنسانية ما بين الجغرافيات المختلفة حيث لا حدود تفصل بين المجتمعات كماهو عليه الوضع الآن، فمن لا يتماهى مع هوية دينية معينة في مجتمع ما - في ظل غياب هوية وطنية جامعة - فليس ثمة عائق أمامه للانتقال إلى مجتمع آخر يتلبس الهوية الدينية التي يتغياها ذلك الفار بهويته، وهو ما يفسر بالتالي تركز الهويات المتماثلة أو المتقاربة في مناطق العالم القديم في مناطق جغرافية محصورة بها، فالهوية المسيحية كانت متمركزة في المناطق التي كانت تسيطر عليها الدولة الرومانية التي تنصرت في وقت مبكر من العام الرابع الميلادي، مثلما أن الهوية الزرادشتية متمركزة هي الأخرى في المناطق التي كانت تسيطر عليها الإمبراطورية الفارسية وقس على ذلك الهويات الدينية الأخرى في تمركزها الجغرافي والتي سنجدها تنزع إلى التمركز الهوياني حيث التماثل العقدي هو المنشود وهو الأمان من غدر الزمان!!! لكن منذ أن تفتقت ذهنية العقل السياسي الغربي في أحدث نسخه السياسية التطورية عن نموذج الدولة القطرية الواحدة المحددة بحدود جغرافية حتمية لا مجال للالتفاف عليها، أصبح من المتعذر على من لا يتماهى مع هوية أو معتقد سائد في المجتمع الذي يعيش فيه أن ينتقل إلى مجتمع آخر يجد فيه بغيته بعد أن أصبحت جنسية البلد أو الدولة كهوية جديدة لازمة لتطور الفكر السياسي هي من يحدد استيطان الإنسان في مجتمع بعينه، وذلك ما يؤدي بطبيعة الحال إلى التحاكم إلى هذه الهوية الجديدة كمعيار أولي لتقييم مدى الوفاء بشروط الاجتماع الإنساني.

على أن من الموضوعية بمكان هنا أن نشير إلى أن الطبيعة الإقصائية للأيديولوجيات الآحادية لم تكن مقصورة على دين أو عرق أو مذهب بعينه على مر التاريخ البشري، وبالتالي فهي خصيصة مشتركة لكافة الرؤى والتجليات التي تتوسل فرض منطقها الخاص على مخالفيها بما لا يسمح لهم بالتماهي مع رؤاهم وعقائدهم ومذاهبهم ونحلهم الخاصة، والأديان التوحيدية بالذات حملت في تجلياتها الأصلية ما يدشن لمحاربة تلك الإقصائيات المتطرفة، بحيث استبقت ذلك التطور السياسي المتمثل باختراع الهوية الوطنية، البديل لكافة الهويات القديمة المتمحورة حول الأيديولوجيات الدينية والعرقية، وذلك بتشريع حرية المعتقد لإفساح المجال أمام العقل البشري للتواصي حول هوية إنسانية جامعة لا تعوقها معوقات الهويات المغلقة التي تراعي جانباً واحداً من جوانب الإنسانية وتترك الباقي منها نهباً لصراعات محتدمة لا تنتهي، لأنها لا تحتكم إلى معيار واحد يوحد صفوفها ويوازي بين متطلبات أفرادها الجانبية كما هو الشأن مع الهوية الوطنية التي تنبثق أساساً من القيمة الإنسانية المطلقة التي يجب أن تكون هي المعيار النهائي في النظر إلى الإنسان، يكفي في هذا المجال - مجال عدم حصر الإقصاء الأيديولوجي في دين أو مذهب بعينه، أن نشير إلى ما ورد في محاضرة البابا بينيديكتوس السادس عشر التي ألقاها يوم 12-09-2006م والتي ذهب فيها إلى محاولة (إقصاء) المذاهب المسيحية الشرقية بقوله (وبفضل هذا التقارب "بين العقل اليوناني والعقيدة الإنجيلية" غدا من غير المدهش أن نرى المسيحية، رغم أصولها وبعض التطورات الدالة التي عرفتها في الشرق، قد وجدت في النهاية طابعها اليوناني الحاسم في أوروبا) وكلمته هنا (بعض التطورات الدالة) تشير بشكل بعيد إلى استعادة ذلك الصراع الذي عرفه تاريخ المسيحية بين الكنائس الشرقية وبين الكنيسة الغربية الرومانية، والذي تركز تاريخياً مثلما هوفي خطاب البابا الأخير على وصم الكنائس الشرقية بالبدعة والهرطقة والخروج عن تعاليم المسيح، فبالإضافة إلى محاولته فصم عرى العقلانية عن الإسلام، فإنه أيضاً حاول (تبديع) المذاهب الكنسية الأخرى (الشرقية منها بالذات)، وهو ما يوجب علينا كمسلمين أن ننظر إلى خطاب البابا الأخير هذا لا من منظور المعاداة التقليدية للإسلام، لنقوم على ضوء ذلك بتكرار مقولات نمطية من منظومتنا الثقافية تقوم هي الأخرى على نفس المنطق وتتغيأ نفس الغاية التي ابتغاها البابا، بل من منظور أنه خطاب إقصائي ينشد (الغاء) كل ما يتعارض مع العقيدة الكاثوليكية الرومانية الرسمية القائمة على تعدد الأولوهية بما فيها العقائد المسيحية الشرقية المخالفة، مما يعطينا بالتالي حكماً مطرداً بأنه لا فرق بين الأيديولوجيات المتشددة في إقصائيتها سواء أكانت مسيحية أم إسلامية أم من أية نحلة كانت ما دامت تقوم على ذات المنطق وتتغيأ نفس الغاية.

بقلم / يوسف ابا الخيل















عرض البوم صور الفارس   رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL