بكل ٍ تداوينا * فلم يشفَ ما بنا !!

تراكمات من الخلل، والفوضى، وأشياء كثيرة من اللامبالاة، والتسيب، والإهمال، والقفز على القوانين تجتاح حياتنا، وتسمها بنوع من التخلف، وعدم الوعي، وقلة النضوج، والتعاطي مع الحياة وتفاصيلها اليومية بصورة عبثية، لا يدخل فيها ثقافة التوفير، وثقافة الترشيد، والحرص على مستقبلات الأسرة الاقتصادية، والحياتية، وأن ما يذهب هدراً بفعل التسيب، والإهمال هو تكلفة باهظة جداً على الدولة، وعلى المواطن، وعلى المؤسسات الخدماتية، بحيث نتحمل المليارات في إنشاءات مرافق خدماتية، ثم نتعامل معها بصورة سفه، قد لا نتحمل كل تبعاته، أو مسبباته، ولكن تشترك معنا جهات حكومية مسئولة، وأصحاب المنشآت.
الرياض - المدينة - معروفة بمناخها الصيفي الحارق إلى درجة تكاد غير معقولة، ودرجات الحرارة فيها تصل إلى معدلات لا ترحم الشجر، والبشر، والكائنات. وتتحول البنايات التي تتألف منها الوحدات السكنية (الشقق) إلى أفران تلهب بحرارتها كل ما بداخلها، ومن بداخلها، الأمر الذي يجعل الأسرة تستهلك طاقة كهربائية هائلة على مدار الساعة. وهذا يرفع أحمال المحطات الكهربائية التي كلف بناؤها ملايين الريالات، وربما بسبب ارتفاع الأحمال، والضغط على خطوط التغذية، ومحطات التحويل الكهربائي تتعطل المحطات، فتتحول المساكن من أفران إلى جحيم الجحيم.

أحسب أن من البديهي ونحن نعيش مناخات الرياض، وغير الرياض القارية، أن يكون لدى الأمانة قوانين صارمة وشديدة لا تقبل الاحتيال عليها، أو الاستثناءات، أو المجاملات، فيكون هناك شرط إلزامي على صاحب البناية عند منحه الترخيص باستخدام العزل الحراري من النوع الجيد، بل الممتاز، وبمواصفات دقيقة ومثالية، بحيث نخفف من استهلاك الكهرباء، ورفع أحمال المحطات، ومن ثم يوفر رب الأسرة الساكن في وحدة سكنية في بناية مبلغاً كبيراً يذهب هدراً من ميزانية الأسرة على فاتورة الكهرباء.

هذه واحدة.

أما الأخرى، ونحن لانزال في موضوع مناخ الرياض - العاصمة - الحار، والقاسي، ونوظفه لخلق إيجابيات للتعامل معه، فإننا لا نجد في بنايات الرياض السكنية مواقف تحت الأرض للساكنين، ففي أكثر بلدان العالم يلزم صاحب البناية بإيجاد مواقف للسيارات تحتها، وتنفيذ مساحة على مسطح البناية تحت الأرض لهذا الغرض، وهذا يؤمن مظهراً حضارياً لشوارعنا التي أصبحت مواقف، ويؤمن أمناً للناس على ممتلكاتهم من العبث والسرقة، ويجعل عمر السيارة أطول إذا ما تجنبنا عوامل وعناصر الطبيعة القاسية.

لا أعرف سبباً يمنعنا من إلزام أصحاب البنايات بكل هذا، وهو فعل حضاري إذا ما نفذناه وفرنا الكثير من المال، والجهد، وألغينا فوضى البناء وأمزجة تجار العقار.
بقلم / راشد فهد الراشد