@@ يلح على أذهاننا سؤال كبير.. ومعقد..
@@ وعلينا أن نجد له جواباً.. لا أن نهرب منه.. أو نتجاهله.. أو نتحرج في طرحه.. هذا السؤال هو: هل نحن مجتمع متشدد؟! ولماذا ؟!
@@وبالرغم من أن هناك من يعتبر الممارسات الإرهابية التي حصلت أو تحصل هنا وهناك.. مظهراً من مظاهر تشدد مجتمعنا.. إلا أننى استطيع أن أقول،وبثقة إن الأمر غير ذلك.. وإن لم يخل مجتمعنا منه تماماً..
@@ والسبب فى ذلك يعود إلى أن النظام التعليمي لم يلتفت في الماضي إلى الجانب التربوي.. بل ركز (فقط) على الجوانب المعرفية واهتم بالعملية التعليمية القائمة على التلقين وحشو رؤوس الطلاب والطالبات بأكبر قدر ممكن من المعلومات
@@ليس هذا فحسب..
@@ بل إنه رسخ في أذهاننا موقفاً رافضاً.. لكل ماعدا تلك المعلومات، وأحاط عقولنا بسياج من القناعات المعطلة لقدرتنا على التفكير والتحليل والاستنتاج والاجتهاد..
@@ والأكثر من ذلك.. إنه جعلنا فى حالة قبول تام بتلك الآراء والمعلومات الحدية، وغرس فينا حالة من التهيب والخوف وعدم الرغبة فى التحاور حتى مع النفس، فضلا عن ممارسة حقنا في التفكير المتجرد، قبولاً أو رفضاً للكثير من الآراء والأفكار والمعلومات الحدية تلك..
@@ والسبب في ذلك أيضا يرجع إلى أن النظام التعليمي لم يعر أي أهمية للناحية التربوية.. ولم ينشط فينا عنصر التفكير.. وعامل التأمل.. والتدبر.. واستخدام العقل..
@@ وبصورة أكثر تحديدا..
@@فإن نظامنا التعليمي المبكر.. جعلنا أسرى لما نتلقاه فقط..
@@ولم يحرضنا على التفكير خارج إطار ذلك المتلقي..
@@ كما انه لم يمنحنا حرية الحركة بعيدا عن بعض (المسلمات) التي توارثناها.. مع أن الكثير منها لا علاقة له بالثوابت والأركان الشرعية..
@@فقد أسلمنا لحالة من (الحرمان) و(العجز) و(التخاذل)، ألغت فينا القدرة على التفكير الخلاق.. وأضعفت كل دافع يوجد بداخلنا نحو الإبداع بكل صوره وألوانه..
@@حدث هذا في ظل الفهم المحدود لنطاق العملية التعليمية المحكومة بالخبرة المتراكمة.. وغير المنطلقة من الفهم الصحيح لنظريات المعرفة بجوانبها المختلفة وفى مقدمتها الجانب التربوي..
@@ والمقصود هنا بالجانب التربوي.. هو الاستخدام الأمثل للعقل، وتمكينه من ممارسة حقوقه في (نقد) الأشياء وتصويبها.. والإضافة إليها.. ومنطقتها.. وعدم الاستسلام لها دون مناقشة حرة ومفتوحة وغير مقيدة..
@@إن التربية (سلوك) و(ممارسة) هدفها تنشيط العقل والمزاوجة بين أحكامه وبين حقائق الحياة.. وشواهدها.. وعندما غاب هذا الجانب في نظامنا التعليمي.. فإن كل شيء أصبح أسير خط معين من التفكير الحدي الضيق.. دفع بالكثير منا إلى شيء من الانغلاق.. والتناقض.. وربما التمرد في حالات محدودة.
@@ وعلينا اليوم أن نعالج هذه المسألة بكل مسؤولية..
@@وعلينا أن نعطى عقولنا فرصة الانطلاق.. لتصحيح وتصويب الكثير من أنماط التفكير.. ومن خطايا الممارسة.. وتمكيننا من اعتناق مبادئ التربية السوية والعمل بها.. وتطبيقها في حياتنا اليومية..
@@ وعندها فإننا سنتخلص من الازدواجية التي نعيشها..
@@ وعندها فإننا سنكتشف أننا نمتلك ثروة حقيقية مصدرها الروح.. ومحركها العقل...ودافع قوتها السلوك المتعافي من كل مظهر من مظاهر الإلغاء للآخر والترهيب المتعاظم.. والحجر الدائم.. والتحجر المعطل للقدرات.. وقانا الله وإياكم شرور الظلام..
ضمير مستتر: لا خير في أمة.. لا تعرف كيف تستخدم عقولها!
بقلم الدكتور : هاشم عبده هاشم