صحفي بريطاني: أوقفوا تصدير السلاح لـ "إسرائيل"
السبت 14 من محرم1430هـ 10-1-2009م الساعة 11:10 ص مكة المكرمة 08:10 ص جرينتش
الصفحة الرئيسة-> تقارير -> تقارير مترجمة 1/11/2009 2:15:03 AM
نيك كليج/ صحيفة الجارديان
ترجمة/ شيماء نعمان
مفكرة الإسلام: إن التاريخ لم ينسى يومًا أن الوعد الذي قدمه وزير الخارجية البريطاني "آرثر جيمس بلفور" عام 1917 إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك، هو من وضع حجر الأساس للكيان اليهودي على أرض فلسطين، وشق نهر من دماء الأبرياء لا يزال يتدفق حتى الآن، فهل شعرت بريطانيا يومًا بألم الضمير بينما يشاهد العالم بصمت مخزي قصف وتجويع وإبادة المدنيين الفلسطينيين؟ أم أن الضمير الغربي لا يتحرك إلا لتهدئة مخاوف يهود المحرقة؟
فها هي بريطانيا ترفع من صادراتها من الأسلحة إلى "إسرائيل" وقد شهد تعاونها معها في المجال العسكري قفزة واضحة خلال السنوات الأخيرة، وكذلك الاتحاد الأوروبي .. فهل مذبحة غزة يمكن أن تُجمد صادرات السلاح الأوروبي والبريطاني إلى تل أبيب؟ وهل يستجيب رئيس الحكومة "جوردون براون" لدعوة "نيك كليج"، زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين البريطاني، بتعليق مبيعات السلاح إلى "إسرائيل"؟
وكان كليج قد كتب لصحيفة الجارديان البريطانية تحت عنوان "يجب أن نوقف تسليح "إسرائيل"" مقالاً تناول من خلاله رؤيته للوضع المأساوي الراهن في غزة، واصفًا اعتماد الجيش الصهيوني على القوة المفرطة بأنه "هزيمة للذات" لأنه يئد فرص الحوار. كما قدم من خلاله مجموعة من المقترحات حول سبل نزع فتيل الأزمة.
ونعرض في السطور التالية النص الكامل للمقال الذي نشرته الجارديان يوم الأربعاء :
تابع العالم في رعب أمس فيما يفتك الصراع في غزة بأحدث ضحاياه الأبرياء تحت أنقاض مدرسة تابعة للأمم المتحدة. كما أن الآمال تتلاشى الآن بينما يفيض الغضب وتخرج الاحتجاجات في مختلف أنحاء العالم.
إن الأسبوعين الماضيين كانا بمثابة لائحة اتهام سافرة للمجتمع الدولي. فلدينا رئيس أمريكي مغادر يقر الرد العسكري "الإسرائيلي" وكذلك صمت مؤلم من جانب الرئيس المنتخب. كما أن لدينا اتحاد أوروبي يعاني من تخبط في اتخاذ القرارات، ومن رسائل متضاربة.
أما في الداخل، فلدينا رئيس وزراء يتحدث كمحاسب مالي بشأن المساعدات المخصصة لغزة دون أن يقول شيئًا ذا معنى عن جذور الصراع. إن "جوردون براون"، مثله مثل "توني بلير"، قد جعل السياسة الخارجية البريطانية خانعة لواشنطن بصورة مذهلة. غير أن انتظار تحول في الموقف الذي تتبناه واشنطن لن يكون محتملاً في ظل الأزمة الإنسانية الحالية.
بالطبع، "إسرائيل" لها كل الحق في الدفاع عن نفسها. فمن الصعب تصور ماذا يجب أن يكون الحال عندما تحيا في تهديد مستمر بهجمات صاروخية من قبل حركة تتبنى عنفًا "إرهابيًا" وترفض حق "إسرائيل" في الوجود. إلا أن النهج الذي تتخذه "إسرائيل" ليس إلا هزيمة للذات: فالاستخدام المفرط للقوة، والخسائر غير المقبولة في أرواح المدنيين تعمل على تشدد وجهات النظر المعتدلة بين الفلسطينيين وفي العالم العربي. كما أن الغضب المندلع في الضفة الغربية سيجعل من المستحيل تقريبًا بالنسبة لـ "محمود عباس"- رئيس السلطة الفلسطينية- أن يواصل محادثاته مع الوزراء "الإسرائيليين".
دعوة كليج
أما براون فيتعين عليه أن يتوقف عن عجزه عن اتخاذ تحرك. ويجب أن يدين بوضوح تكتيكات "إسرائيل"، تمامًا كما أدان هجمات حماس الصاروخية. ومن ثم يتعين عليه أن يدفع الاتحاد الأوروبي لاستغلال نفوذه الاقتصادي والدبلوماسي في المنطقة من أجل صياغة سلام فيها. فالاتحاد الأوروبي يمثل إلى حد بعيد أكبر سوق لصادرات "إسرائيل"، كما أنه إلى حد بعيد أكبر جهة مانحة للفلسطينيين. لذا يتعين عليه أن يُعلق فوريًا اتفاقيات التعاون المقترحة الجديدة مع "إسرائيل" حتى يشهد الوضع في غزة تغييرًا، بالإضافة إلى فرض شروط صارمة على أي مساعدات طويلة الأجل إلى المجتمع الفلسطيني.
كما يتعين على براون أيضًا وقف صادرات بريطانيا من الأسلحة إلى "إسرائيل"، وإقناع شركائنا في الاتحاد الأوروبي بحذو ذلك. إن الإحصاءات الحكومية نفسها تبين أن بريطانيا تبيع المزيد والمزيد من السلاح إلى "إسرائيل" بالرغم من التساؤلات حول استخدامها المفرط للقوة. ففي عام 2007، صادقت حكومتنا على صادرات سلاح لـ "إسرائيل" بلغت 6 مليون جنيه إسترليني. أما في 2008، فإنها سمحت بمبيعات أسرع 12 مرة: بلغت 20 مليون إسترليني فقط خلال أول ثلاثة شهور.
سند قانوني يجرم تصدير السلاح لـ "إسرائيل"
وهناك سند قانوني قوي، نظرًا للصراع القائم في غزة، يجعل من أي صادرات عسكرية أمر مخالف لمعايير السماح الخاصة بالاتحاد الأوروبي. كما أن التقارير- بالرغم من إنكارها- التي تفيد بأن "إسرائيل" تستخدم القنابل العنقودية المحرمة قانونيًا والفوسفور الأبيض ينبغي أن ترفع من حذرنا. إن ما أريده هو تعليق فوري لجميع صادرات السلاح من الاتحاد الأوروبي، ولكن إن كان ذلك لا يمكن تحقيقه، فإنه يتعين على براون العمل من جانب واحد.
وختامًا، يتعين على زعماء العالم أن يعترفوا أن ردة فعلهم على انتخاب حركة حماس كانت فشلاً إستراتيجيًا. فإنهاء تواجد الاتحاد الأوروبي على الحدود مع مصر كنوع من الرد على انتخاب حماس، على سبيل المثال، قد سهل في المقام الأول على الصواريخ التي تصوب تجاه "إسرائيل" أن تصل إلى غزة. إن وجود بعثة تابعة للاتحاد الأوروبي لها تفويض جدي وتلقى دعمًا من كلاً من مصر و"إسرائيل" سيساعد "إسرائيل" على التعاطي بصورة متناسبة وفعالة مع التهديد الذي يمثله لها تهريب الأسلحة.
كما أن محاولات التقسيم وحكم الفلسطينيين عن طريق العزلة وعقاب حماس لن تنجح. فمن أجل تأمين سلام في الشرق الأوسط، يتعين على حماس أن تُدير ظهرها لـ "الإرهاب" وتتعاون من أجل خلق وحدة فلسطينية. إن وجود قيادة موحدة في الضفة الغربية وغزة يمكن أن يُقدم لـ "إسرائيل" الضمانات الأمنية التي تسعى إليها.
وقد لا تلقى مقترحاتي الخاصة يتقييد أيدي "إسرائيل" في هذا الصراع ترحيبًا من قبل البعض، إلا أنها تضع في بؤرة اهتمامها مصالح البلاد على المدى الطويل. ولم يعرف التاريخ أبدًا أية منظمة "إرهابية" تم القضاء عليها بالاعتماد على الحرب بمفردها. فوجود نهج جديد فقط هو ما سيؤمن سلام دائم لـ "إسرائيل" نفسها.