ومن ملامح النصر:
الانتصار في المعركة الإعلامية لدرجة جعلت المتحدث الإعلامي باسم الجيش الصهيوني يتحدث بعصبية زائدة وبتناقض كثير وقد طالب أحد الصهاينة بطرد الجزيرة متهما إياها بأنها قناة جهادية !!
وفعلا فإن قناة الجزيرة قد خاضت نصف المعركة بجهادها الإعلامي الذي أثر على الملايين من المسلمين
وقارن ردة الفعل على هذه المذبحة بردة الفعل على مجزرة صبرا وشاتيلا التي بلغ قتلاها 1700 ولم يعلم بها العالم إلا بعد انقضائها.
أما قناة الأقصى فقد شنت حربا إعلامية حتى باللغة العبرية ونجحت في عرض أبشع جرائم المجزرة ليراها العالم ونجحت في الاستمرار في البث رغم قصف مقرها.
هذا رغم منع الصهاينة ل 350 صحافيا أجنبيا في إسرائيل من دخول غزة.حسبما ذكرت وكالة «اسوشييتدبرس»
لكن الفلسطينيون، بمساعدة الانترنت والجوال والفضائيات، نجحوا في إرسال صور المعارك إلى الخارج بطريقة مستمرة وقوية.
ومن ملامح النصر:
إعادة القضية إلى بعدها الإسلامي بعدما ضاعت بين القومية والوطنية فهذه معركة جهادية تخوضها منظمة إسلامية يؤيدها مئات الملايين من المسلمين عبر العالم بعدما كاد حكام العرب أن يبيعوها مقابل 20% من فلسطين
ومن ملامح النصر:
توحيد الأمة وتضامنها خلف أهل غزة بدرجة لم تعهد من قبل حتى أصبحت ترى مليون متظاهر في المغرب ومليون ثان في تركيا رغم 80 عاما من التغريب ومئات الآلاف في اليمن وغيرها بل وحتى في أوساط فتح المنافسة لحماس يشتكي أحد قادتها من تعاطف أمه وابنته مع حماس بعد هذه الحرب و" إن هذا التفاعل يدل على سريان الحياة في الجسد الواحد، وعلى تداعي هذا الجسد لآلام غزة بالحمى والسهر، وعلى ترابط هذا البنيان المرصوص." وهذا يشكل جرس إنذار للأعداء بأن أمتنا بدأت تصحو من رقدتها وبدأت تصبوا للجهاد وبدأت تحول عواطفها لبرامج عملية تغير الواقع البائس وهو ماقد يعجل بمحاولة إنهاء الحرب من قبل الغرب.
ومن ملامح النصر:
بروز وتنامي دور العلماء في قيادة الأمة على المستوى الفردي والجماعي أما الفردي فظاهر من خلال وسائل الإعلام وأما الجماعي فظهر بشكل بارز من خلال عملين الأول وفد العلماء الذي قام بزيارة عدد من الرؤساء وهو خطوة أولى وكبرى في مسيرة مطالبة الرؤساء أن يسيروا على نهج شعوبهم في نصرة المظلومين والعمل الثاني البيان الصادر من 100 من علماء الأمة وطلبة العلم المطالب بفتح معبر رفح والمحذر من موالاة ومظاهرة ومعاونة بعض الدول العربية للعدو الصهيوني ومبينا أن هذا الفعل من الكفر والردة والخيانة وفي هذا البيان تحذير شديد اللهجة لبعض الحكام العرب لم يسبق أن صدر مثله من قبل ويتوقع أن يكون له أثر كبير في ردع أولئك الحكام عن المزيد من الخيانة والموالاة للأعداء .
ومن ملامح النصر:
المسارعة الدولية لإنقاذ بني صهيون من مأزقهم بعدما لاحت نذر الهزيمة فلقد كشف الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس مالكا أن دول الغرب قد منحت الصهاينة أسبوعين لتحقيق أهدافهم وبعدها سيضطرون للتدخل لإيقاف المجزرة وهو ما حصل لكن بعد فشل الصهاينة في تحقيق أهدافهم أو لمساعدة الصهاينة بهدنة تمنع تهريب السلاح للمقاومة حتى يتسنى قتلهم في حرب أخرى بلا مقاومة وهنا تنكشف العقلية الصهيونية التي جلاها الله لنا في قصة البقرة عندما أمرهم بذبح أي بقرة فطالبوا بتحديد سنها فحددها بأنها لا فارض ولا بكر فطلبوا تحديد اللون فحدده بالأصفر فطلبوا المزيد من التحديد بحجة أن البقر تشابه عليهم فحددها بأنها (لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها ) فلم يجدوا هذه المواصفات إلا في واحدة فاضطروا لشرائها بثمن كبير والآن يكررون نفس الخطأ حيث لم يكفهم هذا التدخل الإنقاذي بل رفضوه مطالبين بالمزيد من الإنجاز لهم على يد مجلس الأمن ضد حماس وبنفس العقلية يتعامل اليهود أيضا مع اللاهثين ورائهم من حكام العرب والفلسطينيين بحثا عن سراب السلام.
وقارن بين سرعة تدخل الرئيس الفرنسي لإنقاذ جورجيا من روسيا رغم أن جورجيا هي المعتدية قارنه ببطء تدخله في غزة لتعلم أي مكيال يكيل لنا به الغرب الصليبي الذي عاد للحروب الصليبية في الشام عن طريق زرع دولة يهود ودعمها كما عاد للحروب الصليبية عن طريق السياسة.
وانظر كيف يطالب الغرب بمحاكمة البشير في محكمة العدل الدولية بتهمة جرائم حرب في دارفور مع عدم ظهور أدلة واضحة على اتهامه وبالمقابل يمنح جائزة نوبل للسلام لرئيس الصهاينة بيريز جزار قانا وغزة
وبوش يعدم صدام على قتله 148 عراقي حاولوا اغتياله ويرفض مجرد إدانة ذبح 900 غزي بل يبرره بأنه دفاعي
ثم يصدر بيان نعي لكلبه أما الغزيون فلا يستحقون حتى مجرد كلام فارغ وهجوم الصهاينة دفاعي في نظر بوش والاتحاد الأوروبي.
والآن تتعهد أمريكا وأوربا وعدد من الدول العربية بمنع دخول السلاح وتهريبه لأهل غزة وبريطانيا سترسل بحريتها لمنع وصول السلاح لأهل غزة في الوقت الذي تبحر السفن الأمريكية بالأسلحة للصهاينة رغم أن مايراه العالم من قتلها لآلاف الناس وبالأسلحة المحرمة دوليا إلا على المسلمين وعلى الهواء مباشرة بهذه الأسلحة ويمنع السلاح عن أهل غزة ليقتلوا في المرة القادمة بسهولة وهدوء وعدم ضجيج !!!
إن هذا السقوط الأخلاقي الكبير للغرب لهو خطوة هامة في طريق عودة كثير من المخدوعين بقيم الغرب الزائفة لأمتهم والتماس طريق العزة الصحيح.
كما أن إزالة الصورة الزائفة التي طالما رسمها الصهاينة لأنفسهم أمام العالم بأنهم مظلومون ونزع زيف أخلاقهم لهو من المكاسب الكبرى من هذه الحرب ولاشك أنه يمهد لقلة المناصرين لهم في معاركنا القادمة معهم عندما نحرر كل فلسطين من رجسهم.
وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قيل: يا رسول الله! فمن قلة يومئذ؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم؛ لحبكم الدنيا، وكراهيتكم الموت". [أحمد/صحيح الجامع1359].
في إحدى الصحف الإسرائيلية، سئل إيهود باراك: ماذا كان سيفعل لو كان فلسطينيا؟ فأجاب: سأنضم إلى منظمة إرهابية! يعني: سيقاوم إسرائيل بما يملك من قوة! هذا الجواب يدلك على حجم الوهن الذي أصيبت به الأمة، والذي فسره نبينا الكريم بـ"حب الدنيا وكراهية الموت"، حتى أصبح هذا الصهيوني أكثر من بعض المسلمين إيماناً بمبدأ المقاومة، وأن أي حل يستبعد المقاومة فهو كنفخ في رماد!
وعندما نحسن توظيف مشاعر وعواطف وطاقات وإمكانات مئات الملايين من المسلمين ونحولها إلى برامج عملية فلن ننتصر على الصهاينة فقط بل على الغرب المناصر لظلمهم بأجمعه والتاريخ شاهد.
ومن ملامح النصر:
عودة الأمة لعقيدة الولاء والبراء وراقب هذا الولاء الكبير غير المسبوق من عموم المسلمين للمؤمنين في غزة هاشم (نسبة إلى احتضانها جدث هاشم بن عبد مناف جد النبي صلى الله عليه وسلم والتي تسمى في أسفار الإنجيل "القوية" ) بمشاعرهم واهتمامهم ودعواتهم وأموالهم ومظاهراتهم من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، من الرباط إلى جاكرتا، ومن الشمال إلى الجنوب، من إسطنبول إلى الخرطوم، وراقب صور البراء من الكافرين من يهود وصليبيين : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا)
وقد حذر وزير القضاء الصهيوني السابق من تحويل مئات الملايين من مشاهدي المجازر إلى متطرفين مناصرين لحماس.
ولم تقتصر نصرة المظلومين على المسلمين بل شاركهم مئات الآلف من الكفار في مظاهرات لندن وباريس ومدريد وبروكسل وطردت فنزويلا سفير الصهاينة وكذا بوليفيا و (إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر).
وقد أعدّت صحيفة هآرتس" العبرية تقريراً شاملاً حول نتائج الحرب على غزة، وعنونت التقرير بأن الحرب سببت للدولة العبرية أضراراً كبيرة للغاية في الرأي العام العالمين وفي صفوف الدبلوماسيين العاملين في تل أبيب
وكشفت الصحيفة النقاب عن أنّه في بداية الحرب على غزة أصدرت وزارة الخارجية أمراً إلى جميع السفراء والقناصل الإسرائيليين في جميع أرجاء العالم بكتابة التقارير حول الحرب وتزويدها للخارجية في القدس الغربية، وبعد انتهاء الأعياد وصل سيل من التقارير الإسرائيلية من جميع أنحاء العالم والتي أكد معدوها أنّ صورة الدولة العبرية في العالم أصيبت بشدة وشوهت للغاية، وأنّ الصحافة الأجنبية تقوم بنشر تقارير معادية لإسرائيل، وخصوصاً عن قيام الجيش الإسرائيلي بقتل المدنيين الفلسطينيين في غزة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى في الخارجية الإسرائيلية قوله إنّك تقرأ التقارير وتصيبك حالة من الذهول"
بل تجاوز الأمر حد المظاهرات إلى خطوات أكبر تسعى لها الآن منظمات حقوق الإنسان الدولية مع مكتب حقوق الإنسان الدولية لإعداد لائحة اتهامات بجرائم حرب ضد سياسيين وعسكريين صهاينة تقدم لمحكمة الجنايات الدولية
وكانت تسعون منظمة أغلبها فرنسية قد قررت رفع دعوى لمحكمة الجزاء الدولية في لاهاي ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة.
ومما يدل على أثر هذا العمل أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قد أمر بتشكيل فريق من خبراء الاستخبارات والقانون لجمع الأدلة فيما يتعلق بالعمليات العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة بحيث يتم استخدامها للدفاع عن القادة العسكريين في أي مقاضاة محتملة في المستقبل.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت) . وهم نفر من كفار قريش تحالفوا في الجاهلية أن ترد الفضول على أهلها ، وألا يعز ظالم مظلوما واستطاعوا رد عدد من المظالم .
ومن ملامح النصر:
فشل المنافقين العرب والفلسطينيين في استثمار الحرب لإسقاط حماس شعبيا بتحميلها مسؤولية الحرب لعدم تجديدها للتهدئة وهم يعلمون أن الصهاينة قتلوا عشرات الفلسطينيين في تلك التهدئة ومنعوا عنهم الغذاء والدواء والكهرباء ليموتوا ببطء وهم جوعى ومرضى ولسان حالهم يقول موتوا ببطء ذليل خير من أن تموتوا بقصف سريع مع العزة.
وفشل المنافقون في إسقاط سلطة حماس بغزة على ظهر الدبابات الإسرائيلية وفوجئوا بحجم الرد الفاضح لردتهم المزلزل لعروشهم المحاصر لسفاراتهم كما تحاصر سفارات اليهود فسارعوا بعد يومين فقط من بدء العدوان بالتراجع عن تصريحاتهم الشامتة بحماس ( ولتعرفنهم في لحن القول ) وتبرير مواقفهم التي كشفت حقيقة نفاقهم والدعوة للمصالحة مع حماس وفتح معبر رفح جزئيا( عجبا لمن يعلم أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها ثم لا يتورع عن حبس مليون ونصف مسلم بل ويضطر الفلسطينية للطبخ على الحطب وهو يبيع الغاز بأقل من السعر العالمي لتستمتع بطبخه الصهيونية) وقد كان لأحبائهم من الصهاينة دور كبير في كشف مواقفهم وكلامهم الكاشفة لنفاقهم وذلك عبر الصحافة الصهيونية وأنهم طالبوهم بضرب حماس وتأديبها فهو عدوان ثلاثي صهيوني فلسطيني عربي وما تصريحاتهم ورفضهم لفتح معبر رفح ورفضهم حتى لعقد قمة شجب واستنكار إلا دلائل على مستوى نفاقهم وإجرامهم وموالاتهم لأشد الناس عداوة للمؤمنين على المؤمنين .
وليست هذه بأول جرائمهم فقد سبق أن اجتمعت 33 دولة عربية وغربية مع إسرائيل وأمريكا عام 96 م في شرم الشيخ للتآمر على حماس ففشلوا ثم حاولوا احتوائها بالانتخابات واللعبة السياسية لتترك سبيل الجهاد فغلبتهم فبدأوا بتنفيذ انقلاب دايتون دحلان المسلح فدحرتهم فكان الحصار ففشل فكانت هذه الحرب الفاشلة والآن يخططون للرجوع لغزة على رافعات إعادة الإعمار العربية والغربية بعد فشل العودة على ظهور الدبابات الصهيونية.
)هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (
ومن العجب أن هؤلاء المنافقين من العرب والفلسطينيين قد أدوا نفس دور يهود بني النضير وبني قريضة حين حرض بنوا النضير (الذين طردهم الرسول من المدينة لمحاولتهم قتله) قريش على غزو المدينة وطافوا بالجزيرة العربية لحشد جيش الأحزاب كما استطاع هؤلاء التحالف أيضاً مع المنافقين في المدينة، ويهود بني قريضة بنقض عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم
وبعد فشل غزوة الأحزاب كان حكم الله في بني قريضة أن يقتل جميع رجالهم فقتل الرسول منهم 400 رجل جزاء وفاقا على خيانتهم وغدرهم.
وتأمل مقالات المنافقين ومواقفهم لتجدها قد تكررت من قبل كما بين الله ذلك في سورة محمد:
(إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (26)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (27)
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (28) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (29)أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (30)وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (31) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (32) )
وقد يطالب البعض بترك الخلاف مع المنافقين وعدم فضحهم حتى انتهاء المعركة متناسيا أنهم طابور خامس يحارب مع العدو, وتدبر آيات النفاق في القران تجدها قد نزلت في معارك كبرى لتفضحهم وتكف شرهم عن المجاهدين.
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ )
لقد شكلت حماس برفضها لخطة الحكومات العربية في التنازل عن 80% من فلسطين لليهود عائقا أمام الصهاينة والحكومات العربية لابد من إزالته وقد قال بيريز بأن كل شيء جاهز بالنسبة للسلام بينهم وبين حلفائهم، والعائق الوحيد هي حماس فكان هذا التوافق مع اليهود على هذه المجزرة لإعادة عباس في الحكم عن طريق قوات دوليه تدخل القطاع بحجة إيقاف الحرب ومن ثم وإزالة حماس التي تسعى لتحرير كل فلسطين عن الحكم: (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) ولتكبت سلطة عباس المقاومة في غزة كما فعلت في الضفة ومن ثم إقامة دويلة فلسطينية على غزة وثلاث كانتونات مقطعة في الضفة .
كما أن نجاح نموذج حماس في الحكم بتوازنه وشموله بدأ من الاعتقاد ومرورا بالعبادة والسياسة والإدارة والاقتصاد والاجتماع والجهاد وجميع الجوانب يشكل خطرا على كثير من الحكومات العربية التي تتطلع شعوبها لحكم الإسلام.
ومن ملامح النصر:
تحول المعركة من معركة عسكرية إلى سياسية عبر مجلس الأمن بعد الفشل العسكري للصهاينة لأنهم قد استنفدوا وسائل إرهاب أهل غزة ولم تجد نفعا ولم يبق إلا انتحار الصهاينة بدخول غزة أو الانسحاب عبر مجلس الأمن والمبادرة المصرية وقد تتوقف الحرب خلال يوم أو يومين والله أعلم.
فسبحان مغير الأحوال حيث أصبح الغرب يصدر القرارات لوقف إطلاق النار في فلسطين والفلسطينيون يرفضونها في عزة وجهاد بعدما كانوا يستجدونها في ذل وصغار وهذا تحول كبير له مابعده.
وقد يكون من أسباب سرعة إصدار مجلس الأمن لقرار وقف الحرب خشية الغرب من انفلات زمام المعركة بعد إطلاق صاروخين من لبنان والذي أعقبه صدور القرار ثم ما حصل من إطلاق نار من الجولان على سارة عسكرية صهيونية كما أفاد موقع "أوميديا" الصهيوني نقلاً عن مصادر سورية المطلعة قولهم إن السلطات العسكرية السورية قامت باعتقال سبعة طيارين من رتب مختلفة كانوا يخططون لاختراق المجال الجوي "لإسرائيل" لتنفيذ عمليات فدائية رداً على العدوان الصهيوني على غزة.
كما أصابت طائرات الصهاينة جنود مصريين وأخيرا إطلاق جندي أردني النار على جنود صهاينة وإطلاق فلسطيني الضفة النار على جنود صهاينة ودعوة ابن لادن للجهاد لغزة ومن قبل كل ذلك فتوى الشيخ عوض القرني بقتل الإسرائيليين في كل العالم ومن ثم توسيع نطاق المعركة على مستوى العالم.
ولئن كانت إسرائيل قد حققت غرضها في حرب لبنان عبر التزام حزب الله التام بعدم إطلاق صواريخ خلال عامين وتبريه من صاروخي الأسبوع الماضي لئلا يشمل نصره الإلهي فلسطين(رغم مطالبته للآخرين بالتحرك لفتح حدود مصر لأنه مشغول بحماية حدود إسرائيل الشمالية) ومسارعة حزب الله للموافقة على قرار مجلس الأمن بوقف حرب لبنان رغم نصره الإلهي لكن إسرائيل تواجه مشكلة مع رفض حماس لقرار مجلس الأمن أو إيقاف الصواريخ قبل تنفيذ مطالبها رغم أن معاناتها أكبر من معاناة حزب الله في حربه السابقة لكن يثبت الله من يشاء.
فالمعركة الآن سياسية لحرمان حماس من قطف ثمرة انتصارها والعمل على خنقها بعد العجز عن طعنها رغم طول حصارها مع فارق القوة بينها وبين عدوها, وما أحوج أهل غزة إلى تدبر والعمل بقول الله تعالى: (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم. وأنتم الأعلون. والله معكم.) فلا تضعفوا يا أهل غزة وتدعون عدوكم للمسالمة وأنتم الأعلى منهم بدينكم وعقيدتكم وشجاعتكم وصمودكم وثباتكم وانتصاركم وفوق ذلك فالله معكم ينصركم.
وبعد احتراق ورقة أبومازن بفشل هذا الحرب وزيادة شعبية حماس في الضفة فمن المنتظر استبداله بالبرغوثي لمواجهة حماس, وأداء حماس حتى الآن يبشر بمشيئة الله بانتصار سياسي يجني ثمرة انتصارها العسكري ومؤشرات ذلك كثيرة منها الاستفادة من تطلع فرنسا لدور فاعل لمنحها تحقيق إنجاز مقابل تحقيقها لبعض مطالب حماس برفع الحصار الغربي والعربي والصهيوني وإعادة الإعمار وكذا تفعيل الدور التركي بدلا من الإيراني وكذا عدم المقاطعة التامة مع مصر وغير ذلك من المؤشرات.
وإن أصرت حماس على مواصلة المعركة فقد يرضخ الصهاينة لها بتحرير الضفة من الاحتلال وتسليمها لحكومة حماس مقابل هدنة وليست القضية الآن فتح معبر أو إرسال إغاثة، غذاء ودواء، أو فك حصار عن مليون ونصف من الفلسطينيين بل هي إنهاء الاحتلال، ليس فقط في غزة بل في كامل فلسطين لتكون غزة قاعدة تحرير فلسطين كلها وليقول أهل غزة بعد هذه المعركة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الأحزاب : اليوم نغزوهم ولا يغزوننا ) وما ذلك على الله بعزيز.
لاسيما وأن بن غوريون وهو أحد مؤسسي دولة إسرائيل, تنبأ أن هذه الدولة المصطنعة سوف تزول عام 2028 وأوضح أنها ستكون في ذروة شبابها بعد أربعين سنة من قيامها, ثم تبدأ بالانحدار نحو النهاية، أي منذ عام 1988 وهو العام الذي قابلت به إسرائيل انتفاضة الحجارة الأولى بالمدافع والقذائف والرصاص, والآن ها هي إسرائيل قد دخلت سن الشيخوخة بعد أن احتفلت بعيد ميلادها الستين.
"وكل الإنجازات تتطلب تضحيات، ولو كان الإنجاز يتحقق بدون تضحية لكان أولى الناس بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بد للحق من قوة، ولو كان الحق يستغني عن القوة لم يسلك النبي صلى الله عليه وسلم طريق الجهاد، إن أحداث غزة فرصة لمراجعة مفاهيمنا ووزنها بالقرآن والسيرة، وليس بأن نجعلها باباً لترهيب الأمة من أعداء لا يرقبون فيها عهداً ولا يثبتون له حقاً"
فبعد شهر من الحصار للمدينة المسلمة الوحيدة في كل العالم جاءت النتيجة باندحار المشركين واليهود كما في قوله تعالى:
(( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27) سورة الأحزاب))
فقال رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا )) وفي هذا يقول (اللواء الركن محمود شيت خطاب) في كتابه (الرسول القائد) : ((لقد انتقل المسلمون من دور الدفاع إلى دور الهجوم في اليوم الذي انتهت به غزوة الأحزاب لذلك قال الرسول لأصحابه بعد انسحاب الأحزاب (الآن نغزوهم ولا يغزوننا ..))
وبدأ التقدم الإسلامي الذي اكتسح الدنيا منذ ذلك اليوم..
( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )
وروى ابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك". قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس).
أبو سلمان
إبراهيم بن عبد الرحمن التركي
المشرف العام على موقع المختصر
www.almokhtsar.com