لا يمر أسبوع دون أن تنشر صحيفة ما خبراً أو قصة عن قضية لفتاة وقعت ضحية لابتزاز من رجل استغلها أو استدرجها، وربما خدعها ليوقع بها ثم يبتزها بما يمسكه عليها من صور أو تسجيلات يعرف تماما أنها قادرة على إخضاعها لسطوته ورغباته.
وبالرغم من أن الابتزاز هو جريمة قد يعاقب عليها القانون وسلوك مرفوض في جميع بجميع صوره وحالاته، لما يدل عليه من خسة ودناءة تخول لصاحبها استعمال أساليب ووسائل رخيصة للابتزاز أو الضغط على ضحيتها.
إلا أن المجتمع غالبا ما يلوم الضحية إذا ما كانت امرأة ويحملها وزر هذا السلوك وعواقبه لاعتقاده بأنه ناتج من تفريط من الفتاة أكثر من كونه اعتداء.
وقد يكون هذا التصور صحيحا في أغلب الحالات التي عادة ما تدفع الفتيات فيها الثمن غاليا لسلوكهن اللامسؤول، أو لسذاجتهن وثقتهن المفرطة وغير العقلانية بمن يُظن أنه أهل لها، أو لوجود خلل في تربيتهن ونقص في عاطفتهن أو تدن في أخلاقهن، إلا أن الأمر لا يخلو من ضحايا أبرياء وقصص لفتيات وقعن رهينة للابتزاز دون أن يكون لهن يد في ذلك أو يبدر منهن أي تجاوز أو خطأ!
القصص التي ترد في صفحات الصحف تتنوع في تفاصيلها وتنقسم في نهاياتها إلى قسمين، القسم الأول لفتيات استسلمن تماما للابتزاز واستدرجهن ذلك لأوضاع وأحوال أكثر انحطاطا وبؤسا، وانتهى بهن في أغلب الأحوال بنهايات مأساوية وخاتمات حزينة ومؤلمة.
والقسم الثاني لأخريات تصدين لهذا الابتزاز بكل شجاعة وثقة، واستطعن التغلب عليه وعلى مخاوفهن بلجوئهن للجهات الأمنية والرقابية المختصة للإيقاع بالمبتز ومعاقبته على جريمته.
قد يكون في كلتا النهايتين فتيات بريئات تماما مما استدرجن له، وقد يكون فيهن فتيات تائبات وقعن في الخطأ لكنهن أفقن منه وعدن إلى طريق الصواب بعد أن اكتوين بناره، لكن ما الذي اختلف في تفاصيل القصتين ليفرق في نهايتيهما؟
الذي فرق فيهما هو القدرة على المواجهة وعدم الانزلاق وراء تداعيات الخطأ.
قد يضعف الإنسان أحيانا فيخطئ، وقد يستغل أو يستغفل فيُغفر له لأن البشر لم يخلقوا أنبياء ولم يعصموا من الخطأ .
إلا أن الاستمرار في الضعف قد يولد الخوف من هذا الخطأ ومن ثم الانجراف وراءه بدلا من الاعتراف به، فيحصل مسلسل التنازلات ويتمادى ليختتم بمأساة.
من الضروري جدا أن نربي في أنفسنا وفي أبنائنا ذكورا وإناثا القدرة على الاعتراف بالخطأ ، والشجاعة في مواجهة تداعياته وعدم الاستسلام لهواجسه التي تشعل نار الخوف في صاحبها فتعمي بصيرته وتلغي كرامته.
إن الطريقة الحكيمة التي تعاملت بها الجهات الأمنية وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الفتيات المستجيرات من نار الابتزاز المحرقة باعتبارهن تائبات واعتماد سياسة الستر التي أمر بها الإسلام حفظا لكرامة وسمعة المسلمين والمسلمات تستحق الإشادة والتأييد مع التشديد على ضرورة إيقاع أقصى العقوبات على كل من تسول له نفسه استغلال ضعف الإنسان وابتزازه في أغلى ما يملك سمعته وكرامته.